بعد الجدل الذي خلفه طرح حكومة يسار الوسط الدنماركية، برئاسة ميتا فريدركسن، اعتبار لاجئي "الإقامة المؤقتة" على قوائم الترحيل، يتّجه حزب "فينسترا" الليبرالي المعارض (حكم حتى 2019 بتحالف يميني ومحافظ)، وبدعم من اليمين المتشدد في "الشعب الدنماركي"، إلى طرح تبني حكومة يسار الوسط، وهو "التعاون مع نظام الرئيس السوري (بشار) الأسد لأجل ترحيل اللاجئين الذين رُفضوا في البلد". اتجاه أثار انقساماً حاداً بين الأحزاب التي رفض بعضها قطعياً الحوار مع الأسد.
وبحسب تصريحات مقرر شؤون الهجرة في "فينسترا" مادس فوليدى، فإنه يتوقع أن تذهب حكومة يسار الوسط إلى "اتفاق تستقبل بموجبه سورية مواطنيها (من الدنمارك)".
ونقلت صحيفة "يولاندس بوستن"، اليوم الاثنين، عن فوليدى قوله: "أتخيل اتفاقاً من شأنه أن يشمل فقط إطاراً لإعادة الناس (اللاجئين) مع بعض الضمانات ألا يتعرض العائد للاضطهاد".
وأضاف في الاتجاه نفسه أنه "إذا كانت الدنمارك غير قادرة على فعل ذلك فعلينا الضغط لإجراء حوار مع نظام الأسد على مستوى الاتحاد الأوروبي".
وظلت الحكومات الدنماركية (يمين ويسار الوسط) ترفض لسنوات أي اتصالات دبلوماسية مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وهو ما انتهجه رئيس وزراء تحالف يمين ويمين الوسط السابق لارس لوكا راسموسن، الذي استقال، أخيراً، من زعامة حزبه. راسموسن اتخذ موقفاً معارضاً لمقترح فتح قنوات مع الأسد قائلاً: "موقفي لم يتغير، علينا ألا نتعاون مع نظام الأسد".
من جهته، عبّر الحزب الاجتماعي الديمقراطي الحاكم عن رفض أي اتصال دبلوماسي مع دمشق. واعتبر مقرر الشؤون الخارجية فيه راسموس ستوكلوند مقترح يمين الوسط أنه "يدعو إلى الدهشة، فهو يرسل رسالة خاطئة تماماً، بأننا ننظر إلى الأسد على أنه المنتصر في سورية". كما رفض وزير الخارجية ييبا كوفود، في تعقيب مكتوب لـ"يولاندس بوستن"، فتح أية قنوات مع الأسد.
وتجد كوبنهاغن نفسها في مأزق بعد أن بدأت تطبق سياسة اعتبار العاصمة السورية دمشق وريفها "آمنتين" لإعادة اللاجئين بصفة مؤقتة، ويبلغ عددهم نحو 900 من بين 4500 شخص وصلوا إلى البلد في 2015، وحصلوا على "الحماية المؤقتة" ريثما تتحسن ظروف بلادهم.
واعتبر وفدان دنماركيان زارا دمشق وبيروت قبل عامين أنه "يمكن إعادة اللاجئين إلى دمشق بعد تحسن وضعها الأمني"، إثر لقاءات رسمية مع مسؤولين من النظام السوري ومؤيديه في لبنان.
وتبنى مجلس إدارة اللجوء في كوبنهاغن، صيف العام الماضي 2020 وفي فبراير/شباط الماضي، قرارات توقف تجديد إقامة هذه الفئة من اللاجئين بانتظار ترحيلهم إلى دمشق.
ولا تستطيع الدنمارك، لأسباب تتعلق بقرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، ترحيل المرفوضين إجبارياً طالما أنه هناك خطر تعرضهم للتعذيب أو الاضطهاد السياسي.
وبدأت عملياً دائرة الهجرة الدنماركية، الجهة المسؤولة عن إقامة اللاجئين، وقف تمديد إقامة سوريين من دمشق وريفها، ما أحال بعضهم إلى تصنيف "مقيم غير قانوني". ويسقط التصنيف، بعد سنوات استقرار مؤقت، كافة الحقوق المتعلقة باستمرار العمل والسكن والدارسة.
واستغرب مختصون في الشأن السوري، ومن بينهم الباحثة في شؤون الشرق الأوسط بجامعة روسكيلد سونه هاوبل، مقترح يمين الوسط بفتح اتصالات مع دمشق، مؤكدة أنه "إذا ما عقدت صفقة فهذا يتطلب ثقة بنظام الأسد".
وحذرت هاوبل من هذا المقترح "المثير للجدل، والذي يكسر السياسة الثابتة تجاه سورية، فنظام الأسد هو نظام في ضميره عشرات آلاف الضحايا، هو الذي قصف المدارس والمستشفيات والمخابز وعاقب المناطق بشكل جماعي، واعتقل وعذب عشرات الآلاف من السوريين".
ويقترح يسار الوسط الحاكم بدلاً من هذه السياسة أن يجرى "إسكان السوريين الذين يرفضون السفر الطوعي إلى بلادهم في مراكز ترحيل"، بحسب ما ذهب مقرر الشؤون الخارجية راسموس ستوكلوند.