كشفت مصادر مصرية خاصة لـ"العربي الجديد" أن رئيس الحكومة الليبية عبد الحميد الدبيبة، زار القاهرة في الثلاثين من يونيو/حزيران الماضي لفترة قصيرة، لم يعلن عنها، استمرت لساعات، والتقى خلالها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس جهاز المخابرات العامة اللواء عباس كامل. وقال مصدر مصري رسمي، إنه في الثلاثين من يونيو الماضي، قطع السيسي برنامجاً كان معداً سلفاً لتدشين مبادرة "حياة كريمة"، لتطوير الريف المصري، والذي كان مقرراً أن تتخلله مجموعة موسعة من الافتتاحات، والإجراءات، قبل أن يقطع الرئيس المصري ذلك البرنامج بعد ساعتين فقط من بدايته، بدعوى أمر طارئ، و"اتضح بعد ذلك أن الأمر كان بسبب زيارة للدبيبة"، بحسب المصدر.
التباينات مع القاهرة دفعت الدبيبة للغياب عن افتتاح قاعدة 3 يوليو البحرية
وقالت المصادر التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، إنه كان مقرراً، قبل تلك الزيارة، حضور الدبيبة افتتاح قاعدة 3 يوليو البحرية التي دشنها الرئيس المصري السبت الماضي، بحضور رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد. إلا أن تباينات في وجهات النظر مع القاهرة ومع زعيم مليشيات شرق ليبيا اللواء المتقاعد خليفة حفتر، بسبب وساطة تقوم بها مصر بين حفتر والدبيبة للتوافق حول تسمية وزير الدفاع في حكومة الوحدة الوطنية، وكذلك إقرار الموازنة العامة المعطلة في مجلس النواب الليبي حتى الآن، وتوحيد المؤسسة العسكرية الليبية، أدت إلى غياب الدبيبة واعتذاره عن الحضور، بعد توجيه الدعوة بشكل رسمي له من قِبل القيادة المصرية، وفق المصادر.
وأشارت المصادر، إلى أنه كان من المقرر حضور كل من حفتر والدبيبة حفل تدشين القاعدة البحرية المصرية في منطقة جرجوب على الحدود مع ليبيا، وكان حفتر، بحسب المصادر، قد زار القاهرة قبل وصول الدبيبة بيومين، والتقى رئيس المخابرات اللواء عباس كامل، وطرح مجموعة من الأمور التي يبدو أنها لم تلقَ قبولاً من الدبيبة عند عرضها عليه خلال زيارة القاهرة.
وأشارت المصادر إلى أن الدبيبة يتمسك بحل حزمة نقاط الخلاف دفعة واحدة وربطها ببعضها، في إشارة إلى تمرير الموازنة العامة، والتوافق على اسم وزير الدفاع، وتوحيد المؤسسة العسكرية، وفتح الطريق الساحلي، في حين يرفض حفتر ذلك، ويطالب بالتعامل مع كل ملف على حدة. ويريد حفتر أن يكون تمرير الموازنة والبدء في مشاورات بشأن توحيد المؤسسة العسكرية، مرهوناً بإعلان الدبيبة تحمّله ديون "قوات شرق ليبيا" كاملة، والتي تُقدّر بمئات الملايين من الدولارت، بحسب المصادر، التي لفتت في الوقت ذاته إلى أن الدبيبة لا يعترض على تحمّل الحكومة لتلك الديون، ولكن يشترط أن يكون ذلك مقابل حل شامل وحقيقي للخلافات بين الشرق والغرب.
توافق بين مكوّنات غرب ليبيا على تسمية اللواء أسامة الجويلي رئيساً للأركان
وأوضحت المصادر أن هناك توافقاً بين مكوّنات غرب ليبيا على تسمية اللواء أسامة الجويلي قائد المنطقة الغربية في ليبيا، رئيساً للأركان، بعد تسمية وزير جديد للدفاع، وهو الأمر الذي ما زال محل خلاف، إذ يتولى الدبيبة راهناً مهام وزير الدفاع إلى جانب رئاسة الحكومة. وأشارت المصادر إلى أن لقاء الدبيبة بالمسؤولين المصريين، تضمّن رسائل خاصة بشأن التواجد التركي في ليبيا، ومدى تأثيره على المصالح المصرية، ونقل الدبيبة للمصريين عدم وجود أي اتفاق بين أنقرة وطرابلس على المساس بالدور المصري المرتقب في ليبيا، في ما يخص إعادة الإعمار، والتطلعات المصرية في ليبيا، مؤكداً أن هناك توافقاً ليبياً على الشراكة مع مصر خلال الفترة المقبلة.
وكان الدبيبة قد رفض أخيراً دعوة وجّهها له رئيس المجلس الرئاسي الليبي، محمد المنفي، لحضور اجتماع تشاوري، للبحث في مسألة تسمية وزير للدفاع. وقال الدبيبة في رسالة وجهها إلى المنفي: "بالعودة إلى نتائج ومخرجات ملتقى الحوار السياسي الليبي بخصوص تسمية الوزراء والجهات الموكلة بذلك، نرفق لكم الباب الخامس بالسلطة التنفيذية الموحدة بخريطة الطريق الصادرة عن الملتقى، الذي يوضح اختصاصات رئيس حكومة الوحدة الوطنية في تسمية الوزراء والوكلاء، ودور المجلس الرئاسي في ذلك". وتعد وزارة الدفاع من بين أهم الوزارات السيادية في ليبيا نظراً للميزانية الكبيرة المخصصة لها سنوياً، ولمهامها في إبرام اتفاقيات دفاعية مع الدول، إضافة إلى مسؤوليتها عن جميع الإدارات العسكرية في الجيش الليبي.