الخطة الخمسية للجيش الإسرائيلي: تقليص موارد ضرب إيران

04 ديسمبر 2015
يأخذ الجيش في خطته بتطورات المنطقة (جاك غيز/فرانس برس)
+ الخط -


منذ أن تسلّم الجنرال غادي أيزنكوت، منصبه رئيساً لأركان الجيش الإسرائيلي، وهو لا ينفك يقدّم مفاجآت في عقيدته القتالية والاستراتيجية التي يتوجب أن يتبناها جيش الاحتلال. فمع توليه منصبه في فبراير/ شباط الماضي، أشارت الصحف الإسرائيلية إلى أنه يعتزم وضع خطة تغيير شاملة لهيكلية الجيش الإسرائيلي، من جهة، وعقيدة القتال في ميادين الحرب من جهة أخرى، مع إصراره على وضع خطة عمل خمسية للسنوات المقبلة.

وفي هذا السياق، سبق أن نشرت "العربي الجديد" أن قوام العقيدة القتالية لأيزنكوت تقوم مثلاً في حال حرب مع لبنان أو دولة ثالثة لا حدود مشتركة لها مع إسرائيل، على توجيه ضربات صاروخية موجعة وقصف آلاف الأهداف خلال وقت قصير من بدء العمليات القتالية. أما على صعيد المبنى الهيكلي للجيش، فقد سبق أن ذكرت الصحف أن أيزنكوت يتجه إلى تقليص عدد قوات الاحتياط وقوات الجنود النظاميين لصالح تحويل الجيش إلى جيش أكثر مهنية، ووضع حد لمقولة "جيش الشعب"، كي يتسنى تطوير الجيش وبناء وحدات أكثر مهنية، مثل خطته لإقامة سلاح خاص ومستقل لحرب السايبر، واعتماد تكتك إجراء مزيد من التدريبات على مدار العام لضمان جاهزية الجنود عند ساعة الصفر.

وقد نشرت الصحف الإسرائيلية، أمس الخميس، أن الجيش الإسرائيلي أنهى "وضع الخطة الخمسية" ونشر مبادئها الأساسية التي ستُرفع للكابينيت السياسي والأمني لإقرارها. ووفقاً لصحيفة "هآرتس"، فإن الجيش الإسرائيلي يوصي مثلاً في خطته الجديدة باعتماد وتفعيل خمس من أصل ست غواصات من طراز "دولفين"، وهي القادرة على الوصول إلى أهداف على مسافة آلاف الأميال من إسرائيل وتوجيه ضربات موجعة ودقيقة، في إشارة للمنشآت الذرية في إيران. وسيتم التخلّص من أول غواصة من طراز "دولفين" استلمتها إسرائيل قبل 19 عاماً من ألمانيا، بعد تسلّم الغواصة السادسة في الأعوام القريبة.

وضمن خطة العمل المقترحة، فإن الجيش يوصي بإغلاق القاعدة العسكرية لسلاح الجو في مار دوف، غربي تل أبيب، ونقلها إلى موقع آخر، والبدء بإقامة لواء السايبر بقيادة ضابط برتبة عقيد بانتظار تحويله إلى سلاح مستقل تماماً عن وحدة التجسس التابعة للجيش حالياً، وعن شعبة الاستخبارات العسكرية "أمان".

ولعلّ من أبرز التوصيات التي تثير المفاجأة، هي تلك المتعلقة بتقليص الموارد المخصصة لما يتعلق بالدائرة الثالثة (أي الدول البعيدة)، والمقصود في السياق الإسرائيلي الموارد المخصصة والتي كانت رُصدت للاستعداد لخيار عسكري ضد إيران، إذ يعتبر الجيش أن مثل هذا الخيار بات غير واقعي بعد الاتفاق النووي مع إيران، علماً بأن وزير الأمن الإسرائيلي موشيه يعالون صرح، أمس، خلال زيارته للولايات المتحدة، بأن إسرائيل بحاجة لبناء قدراتها الدفاعية والهجومية لمواجهة إصرار إيران وسعيها المستمر حتى بعد الاتفاق للوصول إلى مكانة دولة حافة نووية أو حتى قوة نووية. ونقل موقع "هآرتس" عن ضابط رفيع المستوى، تحدث مع المراسلين العسكريين، قوله: "نحن لا نقوم ببناء قوة بالوتيرة نفسها التي كنا نبني فيها قبل سنتين وثلاث سنوات، لكن الجيش يحتاج قدرات يجب أن تتوفر له عند انتهاء مدة الاتفاق مع إيران، علماً بأن التأثير الإيراني ليس محصوراً في الملف النووي وإنما أيضاً بالإرهاب في الجولان، وفي سورية واليمن والسودان، ونشر أسلحة دقيقة في لبنان".

وبحسب الخطة الجديدة، فإن التغيير العام في حجم القوى البشرية في الجيش، سيكون رهناً بقرار المستوى السياسي، وإن كان هناك ميل وتوصية واضحين بتقليص عدد القوى البشرية غير الضرورية "للب العمل العسكري"، مثل الحاخامية العسكرية وسلاح "التعليم" والنيابة العسكرية، وقسم علم السلوكيات وضابط الاحتياط الرئيسي وغيرها من الوحدات غير القتالية.

اقرأ أيضاً: عقيدة أيزنكوت: "السايبر" سلاح جديد للجيش الإسرائيلي

وكان قد سبق للصحف الإسرائيلية أن نشرت، أواخر الشهر الماضي، تفاصيل الخطة الخمسية لعمل الجيش الإسرائيلي، كما وضعها أيزنكوت، والتي تقوم بالأساس على الاستغناء عن القوات والفرق غير القتالية، وتقليص عدد قوات الاحتياط وصرف 100 ألف جندي من الاحتياط، ونحو 5 آلاف جندي وضابط من القوات النظامية، لصالح تخصيص أوقات وميزانيات أكبر للتدريبات الفعلية للوحدات القتالية، مع خفض معظم تعيينات القادة العسكريين والكتائب المختلفة في الجيش، وخفض مدة الخدمة العسكرية الإلزامية إلى أربعة أشهر، أي 32 شهراً بدلاً من 36 كما هو الوضع حالياً.

وقد أطلق على خطة أيزنكوت المذكورة اسم الخطة "جدعون". وتنطلق الاستراتيجية الجديدة لأيزنكوت، من القاعدة القائلة إن "إسرائيل لم تعد تواجه خطر غزو من جيش نظامي عربي، خصوصاً بعد اتفاقيات السلام مع مصر والأردن، واتفاقية أوسلو، وفشل الدولة السورية وتفكّك إيران من ترسانتها النووية لغاية عام 2025 على الأقل". ويترك هذا الأمر مصادر الخطر الرئيسة التي تهدد أمن إسرائيل محصورة في التنظيمات الإسلامية والجهادية، كـ"حماس" و"الجهاد الإسلامي" و"حزب الله".

وعلّق المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، على تفاصيل الخطة الجديدة بالقول إن الخطة الجديدة تأخذ بالحسبان التغييرات المتسارعة في المنطقة والتي تغيّر كل الحسابات أحياناً، كما في حالة نشر روسيا لبطاريات الدفاعات الجوية من طراز "إس 400" في الأراضي السورية، وهو تطور لم يكن لأحد في الجيش الإسرائيلي أن يتوقعه عند وضع الخطة والبدء ببلورتها.

وعدّد هرئيل جملة من التحديات والأخطار والتهديدات التي يختلف حجمها ومستواها، بدءاً من هجمات صاروخية مكثّفة يشنّها حزب الله، ومروراً بهجمات "سايبر"، وعمليات لضرب بنى ومنشآت استراتيجية، أو عملية كبيرة لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) وانتهاءً بانتفاضة شعبية في الأراضي الفلسطينية.

اقرأ أيضاً: استراتيجية إسرائيلية للحرب المقبلة: ضرب عشرات آلاف الأهداف

المساهمون