شنت جماعة الحوثيين مساء الخميس، هجمات على مواقع القوات الحكومية جنوبي محافظة مأرب النفطية، في أول هجوم بعد فترة من الهدوء، ما قد ينذر بمزيد من التصعيد.
ويأتي الهجوم في ظل فشل الجهود الدولية لتجديد الهدنة واستهداف الحوثيين لمرافئ تصدير النفط الحيوية للاقتصاد الوطني في إطار مساعيهم لانتزاع مكاسب جديدة تحديدا في ما يتعلق بتلبية شروطهم لتمديد الهدنة والمتعلقة خصوصا بدفع رواتب الموظفين والمتقاعدين في مناطق سيطرتهم بما في ذلك العسكريون.
وقال نائب رئيس المركز الإعلامي للجيش اليمني، العقيد صالح القطيبي، لـ"العربي الجديد"، إن عناصر مليشيا الحوثي شنوا في التاسعة من مساء الخميس، هجوماً عنيفاً على مواقع الجيش في منطقة العكد إلى الجنوب الشرقي من جبل البلق الاستراتيجي، جنوبي مأرب.
وأضاف أن الهجوم الذي استمر حتى فجر الجمعة، استخدم فيه الطرفان مختلف أنواع الأسلحة، وتمكنت قوات الحكومة من "صد الهجوم وإفشال خطة المليشيا"، مشيراً إلى مقتل ثلاثة من أفراد القوات الحكومة وإصابة أربعة آخرين، إضافة إلى مقتل وإصابة عدد كبير من المهاجمين الحوثيين.
من جهتها، قالت مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، إن اثنين من أفراد المقاومة الشعبية والمساندة لقوات الجيش بمأرب، قتلا وأصيب آخرون أيضاً في الهجوم الذي استهدف المحور الرملي من الجبهة الجنوبية، مشيرة إلى أن أي هجوم في تلك المناطق المفتوحة لن يحقق أي مكاسب على الخريطة.
محاولات حوثية للوصول إلى مناطق النفط
ويعد هذا أول هجوم للحوثيين في تلك الجبهة عقب فترة من الهدوء امتدت منذ ليل الثالث من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حين شنت جماعة الحوثيين في الساعات الأولى لانقضاء الهدنة هجمات في ذات المنطقة ومناطق مجاورة في المنطقة الصحراوية، والتي شهدت هجمات عدة خلال فترة الهدنة.
ويحاول الحوثيون من خلال التركيز على تلك المنطقة التقدم في المنطقة الصحراوية المفتوحة وصولاً إلى مناطق النفط والطريق الاستراتيجي الذي يربط مأرب بمحافظات شرقي اليمن ومنفذ الوديعة البري مع السعودية، وهو المنفذ الأخير الإسفلتي للمدينة المطوقة من جهاتها الثلاث (جنوب، غرب، وشمال).
وبالنظر للمساحة الشاسعة لتلك المناطق وتضاريسها الصحراوية، فإن آمال الحوثيين المدعومين من إيران ستكون مكلفة، لا سيما وأن خبرتهم في معارك الصحراء عادية بخلاف معارك الجبال.
ولم يصدر عن جماعة الحوثيين ولا عن الحكومة المعترف بها أي تعليق عن الهجوم الذي يأتي في ظل استمرار الأمم المتحدة في بذل المزيد من الجهود المتعثرة لتمديد هدنة استمرت 6 أشهر، التي ورغم انقضائها، ظل وضع الجبهات على حاله كهدنة تتخللها مناوشات في بعض المناطق مع اتهامات متبادلة بين الجانبين بارتكاب تلك الخروقات.
كما تأتي أيضاً في ظل تصعيد من قبل جماعة الحوثيين التي كثفت هجماتها على مرافئ تصدير النفط الحيوية لميزانية الحكومة، ما يرفع من مستوى خطر هذه الهجمات التي قد تفتح المجال لعودة الحرب، وهو ما حذرت منه الخارجية الأميركية في بيانها في مستهل جولة مبعوث بايدن إلى اليمن تيموثي ليندركينغ التي بدأها في المنطقة قبل أيام.
وقال البيان الأميركي: "نذكّر الحوثيين بأن اليمنيين يدعون إلى السلام وليس العودة إلى الحرب، ولهذه الغاية ندعو الحوثيين إلى الوقف الفوري لهجماتهم على الموانئ اليمنية والتي تعطل تدفق الموارد التي تشتد الحاجة إليها وتزيد من المعاناة في جميع أنحاء اليمن".
حراك دبلوماسي للحكومة اليمنية
وفي سياق الرد على تلك الهجمات تستنفر الحكومة اليمنية طاقتها القصوى لتوضيح مخاطر الهجمات على الاستقرار في الداخل اليمني، وهو عنوان الحراك الدبلوماسي الذي تقوده عبر وزارة الخارجية. ووجّه الوزير أحمد بن مبارك أمس الخميس، البعثات الدبلوماسية في أوروبا بشرح الآثار الاقتصادية والإنسانية لهجمات الحوثي على منشآت وموانئ النفط في البلاد.
وأكد وزير الخارجية اليمني، في اجتماعه برؤساء البعثات الدبلوماسية اليمنية في أوروبا، أهمية التحرك الدبلوماسي لتوضيح الانعكاسات الاقتصادية والإنسانية للهجمات الحوثية على المنشآت النفطية، وتعطيلها للخدمات العامة وإمدادات الطاقة.
والخميس أيضا، ذكرت وكالة الأنباء اليمنية أن وزير المالية اليمني سالم بن بريك ناقش مع المبعوث الأميركي، الإجراءات المتخذة بشأن ميناء الحديدة الخاضع لجماعة الحوثيين، في مؤشر على مسعى حكومي لفرض قيود على واردات الوقود عبر الميناء، وهو مسار قد تسلكه الحكومة بموجب قرار تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية لتخفيف الضغوط عليها.
وقالت الوكالة إن اللقاء الذي حضره السفير الأميركي ستيفن فاجن، سلط الضوء على الإجراءات والخيارات التي وضعتها الحكومة من أجل التعامل مع الاعتداءات الإرهابية المتكررة على المنشآت النفطية، وذلك ضمن جملة من الخطوات تتخذها الحكومة لتأمين المورد الاقتصادي الأهم للبلاد.
وكانت الحكومة اليمنية أعلنت في 22 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي تصنيفها لجماعة الحوثيين منظمة إرهابية، عقب شن الجماعة هجمات بطائرات مسيّرة على موانئ تصدير النفط الخام في شبوة وحضرموت شرقي البلاد، كما تبنت حزمة من السياسات الإجرائية العاجلة لتنفيذ التصنيف الحكومي على مسارين قانوني واقتصادي، تشمل فرض عقوبات على قيادات الجماعة والكيانات التابعة لها وكل من يتعامل معها وملاحقتهم جنائيا.
وتعهدت الحكومة باتخاذ تدابير عملية تضمن عدم تأثير قرار تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية على النشاط التجاري والقطاع الخاص الوطني وسلاسة تدفق المواد والسلع الغذائية.
يُذكر أن رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي ينفذ برفقة عدد من أعضاء المجلس جولة في المنطقة شملت الأردن والإمارات، حيث التقى خلالها العاهل الأردني عبد الله الثاني والرئيس الإماراتي محمد بن زايد.