الحوار الوطني في مصر: متفائلون سابقون يشرحون أسباب تشاؤمهم

28 يناير 2023
ما زالت الحكومة تتخذ قراراتها الاقتصادية منفردة (فاضل داود/Getty)
+ الخط -

تسعة أشهر مرت على دعوة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، التي أطلقها نهاية إبريل/نيسان الماضي، من أجل حوار وطني، من دون تحقيق أي خطوة حقيقية على الصعيد العملي. 

وقال سياسيون وحقوقيون مصريون، من الذين وافقوا على الانخراط في هذه الدعوة وحضروا جلساتها التمهيدية، لـ"العربي الجديد"، إنهم بصدد مراجعة موقفهم، ويدرسون الإعلان عن تراجعهم عن تأييد الدعوة، وربما يجدون أنفسهم مضطرين لإعلان الانسحاب من الحوار الوطني، لجملة من الأسباب.

اعتبر سياسيون وحقوقيون أن النظام يتعمّد تهميش القوى المعارضة

وعلى رأس هذه الأسباب أنه بات لديهم اقتناع بأن الجهات الرسمية القائمة على الحوار تتحكم في كل شيء، وأنها تتعمد بتصرفاتها إضاعة الوقت في إجراءات شكلية، واستبعاد "قضايا قومية" مهمة من دائرة الحوار. 

وأضاف هؤلاء، وكلهم ينتمون إلى "الحركة المدنية المصرية"، أن النظام السياسي، من خلال أدواته، يتعمد تهميش أي قوى سياسية أو شخصيات عامة في المشاركة الحقيقية في الإعداد لهذا الحوار.

وما زالت الحكومة المصرية تتخذ قراراتها الاقتصادية منفردة، وتبقي القيود السياسية والأمنية المفروضة على المجال العام قائمة. كما لا يزال الآلاف من سجناء الرأي يقبعون داخل زنازينهم في انتظار لحظة الإفراج عنهم. 

اتخاذ خطوات لتهيئة المناخ لبدء الحوار

في غضون ذلك، حثت "الحركة المدنية المصرية"، التي تضم في تشكيلها 12 حزباً تنتمي لما يعرف بمعسكر معارضة 30 يونيو، مؤسسات الحكم في مصر على اتخاذ 6 خطوات لتهيئة المناخ المناسب لبدء الحوار الوطني المعطل. 

وتتصدر الخطوات هذه المطالبة بالكف عن تقييد حركة الأحزاب ومؤتمراتها في المحافظات والأحياء، ورفع الحجب عن المواقع الإعلامية المعارضة، والكف عن احتكار الإعلام، والتريث في إصدار القرارات، واتخاذ الإجراءات في الشؤون المحالة إلى الحوار الوطني، خصوصاً ما يتعلق منها بإضعاف القدرات الإنتاجية للاقتصاد، وسيطرة الدولة على مواردها الحيوية والقرارات التي تفاقم أزمات الغلاء.

وقال أحد القيادات الحزبية المنضوية ضمن "الحركة المدنية" إن استمرار الحديث بشأن الحوار الوطني، الذي كان هناك تفاؤل حقيقي به في بادئ الأمر، بات كمن يضع بذرة في تربة صخرية وينتظرها أن تنبت، على حد تعبير السياسي الذي تحدث لـ"العربي الجديد" مفضلاً عدم ذكر اسمه. 

وأشار إلى أنه على الرغم من وجود أصوات معارضة رافضة لخطوة الحوار الوطني منذ البداية، إلا أنه كانت هناك أصوات أخرى ترى إبداء حسن النوايا من جانب المعارضة عبر التجاوب مع الدعوة الرئاسية. 

وأشار إلى أن تلك الأصوات التي تمسكت بالأمل الضئيل كانت تهدف في المقام الأول لإطلاق سراح السجناء السياسيين، وهو الهدف الذي سرعان ما تبدد بمرور الوقت، إذ إن نسبة من تم إطلاق سراحهم من المحبوسين على ذمة قضايا سياسية وقضايا رأي لا تتجاوز 4 في المائة، في الوقت الذي اعتقل فيه ضعف هذه النسبة بذرائع أمنية واهية، وبلا أي جرائم حقيقية.

جري في المكان

ووصف القيادي الحزبي مسار الحوار الوطني منذ إطلاق الدعوة الرئاسية بـ"الجري في المكان"، مشدداً على أن النظام السياسي هو من استفاد من تلك الدعوة حتى الآن، بمنح نفسه هامش حركة لتخفيف الضغوط الدولية عليه قبيل مناسبات دولية كان يحتاج لتحسين صورته قبلها، في مقدمتها قمة المناخ، ومن بعدها القمة الأميركية الأفريقية.

من جهته، قال قيادي حزبي آخر مشارك في النقاشات التمهيدية للحوار الوطني إن قبول المعارضة منذ البداية بتلبية الدعوة الرئاسية كان بهدف المشاركة في وضع تصور يجنّب الدولة والمواطنين الانزلاق نحو انهيار اقتصادي، عبر مراجعة عاجلة للخطط والإجراءات الحكومية، بمشاركة المتخصصين، وهو الأمر الذي لم يعد ذا فائدة كبيرة بعد تهاوي الوضع الاقتصادي وانهيار قيمة العملة المحلية. 


وصف قيادي حزبي مسار الحوار الوطني منذ إطلاق الدعوة الرئاسية بـ"الجري في المكان"

وأوضح أن "المدقق في مسار الحوار طيلة الأشهر التسعة الماضية سيعي أن الأمر كان مدروساً بعناية، بحيث يستمر المشاركون فيه بالدوران حول أنفسهم في أمور إجرائية لا تتناسب مع دعوة، كان من المقرر لها أن تتخذ مجموعة من التوصيات العاجلة التي يجب أن تدخل حيز التنفيذ في أسرع وقت ممكن". 

وأكد أنه "في أكثر من مناسبة، طيلة الأشهر التسعة الماضية، بدا الاختلاف بين الرؤية الرسمية أو الرئاسية، وتصورات المعارضة في التعاطي مع الأزمات التي تواجهها الدولة، وبدا الرئيس طوال الوقت متمسكاً برؤيته للأوضاع السياسية والاقتصادية، وكذا رؤيته السلبية لإشراك المعارضين في اتخاذ القرارات". وشدد القيادي على أن الحوار الوطني فقد قيمته ومعناه، ولم يعد سوى منتدى حواري فقط لا قيمة له.

المساهمون