الحزب الشيوعي العراقي... صفر مكاسب سياسية أو شعبية

12 يونيو 2021
لم تنضم كوادر جديدة للحزب منذ سنوات (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

على الرغم من الصعود الواضح لغالبية التيّارات والكيانات المدنية في العراق، منذ اندلاع الحراك والاحتجاجات الشعبية في البلاد، في مطلع أكتوبر/ تشرين الأول 2019، لا يزال الحزب الشيوعي العراقي، أقدم الأحزاب السياسية في الساحة المحلية، يواجه تحديات كبيرة على مستوى الشارع، يربط أعضاء فيه ومراقبون أسبابها بمغامرته الأخيرة في التحالف مع "التيار الصدري" بزعامة مقتدى الصدر في انتخابات 2018 التشريعية، والتي لم يحصل فيها  الحزب سوى على مقعدين في البرلمان، إضافة إلى تردده في دعم احتجاجات العراقيين خلال أيامها الأولى.
وأكدت مصادر قيادية داخل الحزب الشيوعي العراقي في بغداد، أن الحزب "لا يملك حالياً أي تصور ثابت بخصوص المشاركة في الانتخابات التشريعية المبكرة المقرر إجراؤها في 10 أكتوبر المقبل". ولفتت المصادر، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن "خيار تعليق المشاركة في الانتخابات، الذي أعلن عنه الحزب في شهر مايو/أيار الماضي، عقب اغتيال ناشط مدني في كربلاء (إيهاب الوزني) وما أعقبه من احتجاجات، قد يُلغى في أيّ لحظة"، مضيفة أن القوى السياسية المدنية المنبثقة من ساحات التظاهر، طرحت على الحزب الشيوعي فكرة اللجوء إلى المعارضة السياسية، إلا أن قادة الحزب لم يتخذوا أي قرار حتى الآن في هذا الخصوص". وعلى المستوى التنظيمي وتعزيز الكوادر، أشارت المصادر إلى أن "الحزب الشيوعي العراقي لم يحصل منذ نحو ثلاث سنوات على أيّ مكاسب جديدة لتعزيز صفوفه، عدا (انضمام) طلاب كلّيات سرعان ما تركوا الحزب مع خروج تظاهرات أكتوبر (2019) التي وقف الحزب ضدّها خلال الأيام الأولى من اندلاعها".

لا يملك الحزب أي تصور ثابت بخصوص المشاركة في انتخابات أكتوبر المقبل

من جهتهم، كشف أعضاء من الحزب الشيوعي العراقي مستقرون في العاصمة الفرنسية باريس، عن وجود طروحات حالية داخل الحزب، حول "ضرورة تقديم وجوه جديدة إلى الشارع خلال المرحلة المقبلة، وتذويب الوجوه القديمة، من بينها القيادي جاسم الحلفي، المعروف بعلاقته المتينة مع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وسكرتير الحزب رائد فهمي، واستبدالهم بوجوه شابة جديدة، وتحديداً من أعضاء المكتب السياسي واللجنة المركزية للحزب". كما أفادت بعض المعلومات بأن "الشيوعي العراقي" يسعى إلى استقطاب وجوه نسائية، علماً أنه يعاني من نقص شديد في العنصر النسائي.
لكن عضواً سابقاً في اللجنة المركزية للحزب، كان انسحب منه بعد إعلان تحالف "الشيوعي العراقي" مع كتلة "سائرون"، أكد لـ"العربي الجديد"، أن "الحزب لا يمنح أي فرصة للشباب، حيث إن خطّ المحاربين القدامى لا يزال هو المتصدر للمشهد القيادي والسياسي". وأضاف المصدر الذي فضّل عدم ذكر اسمه، أن "التيار المدني في العراق كان قريباً من جهود وأدوار الحزب الشيوعي، إلا أن تذبذب مواقف الأخير دفعت الكثير من العلمانيين والمدنيين، بل وحتى المحتجين بصورة عامة، إلى الابتعاد عن الحزب". وقال في هذا الإطار إنّ "غالبية متظاهري أكتوبر، صنّفوا الحزب الشيوعي العراقي، على أنه أحد أحزاب السلطة، ما حال دون تثبيته لأي وجود له في ساحة التحرير في العاصمة بغداد، وهي الخيمة العراقية، على الرغم من أنه قدّم قتلى وجرحى سقطوا خلال الاحتجاجات". ورأى العضو السابق في الحزب، أن "مرض الصنمية (ديكتاتورية الحكم والإدارة) قد امتد إلى قيادات حالية في الحزب الشيوعي، على غرار ما يحصل في أحزاب عراقية أخرى، إذ إن قراره يخضع غالباً إلى رأي أو رأيين فقط، فيما تبقى آراء باقي الأعضاء هامشية، وهو ما يظهر في قرارات تتعلق بفصل وإنزال عقوبات بحق بعض أعضائه لمجرد انتقادهم لبعض سياسات أو خطوات الحزب".

من جهته، رأى عضو الحزب الشيوعي في بغداد، أيهم رشاد، أنه "لا يمكن الحديث فقط عن تراجع جماهيرية الحزب الشيوعي من دون التطرق إلى أوضاع الأحزاب الأخرى"، معتبراً أن "جميع الأحزاب السياسية في العراق، تراجع رصيدها الجماهيري، بسبب الحالة الشعبية المزاجية والعصبية والغاضبة". ورفض رشاد، في حديث لـ"العربي الجديد"، الحديث عن "تذبذب منهج الحزب الشيوعي كما يرى البعض"، معتبراً أن حزبه "يتعامل مع المتغيرات بحكمة، ولذلك خرج موقفه من تظاهرات أكتوبر حذراً في البداية، لكن حين تأكدت قيادة الحزب من عفوية الاحتجاج، اتجهت مباشرةً إلى دعم المتظاهرين". وذكّر في هذا الصدد بـ "مقتل شيوعيين برصاص المليشيات والقوات الحكومية (خلال التظاهرات)، كما سقط للحزب عشرات الجرحى الذين لم يعلن الحزب أصلاً عن انتمائهم له، لأنه لا يريد تحصيل مكاسب شعبية أو سياسية". ورأى عضو "الشيوعي العراقي" أن "أكثر ما دمّر الحزب هو تحالفه مع الصدريين، ما جعله يخسر معظم رصيده الشعبي، حيث لا تزال الانسحابات من الحزب متواصلة بسبب هذه الغلطة".

طروحات حالية داخل الحزب حول ضرورة تقديم وجوه جديدة إلى الشارع خلال المرحلة المقبلة

بدوره، رسم سكرتير الحزب الشيوعي العراقي، رائد فهمي، صورة أفضل لوضع الحزب حالياً. وقال فهمي، في اتصالٍ مع "العربي الجديد"، إن "الفترة الأخيرة الماضية شهدت تطوراً في علاقات الحزب بأطراف الحركة التشرينية (الحراك الشعبي) والقوى الاحتجاجية، كما أنها تعززت مع الناشطين العراقيين عموماً في صفوف التيار المدني والقريبين من الحزب في المحافظات العراقية كافة". وبيّن فهمي أن حزبه "حصل على مكسب جديد خلال الفترة الماضية، وهناك من يشترك معه في حراكه الاحتجاجي ونشاطاته، ومن ينضم إليه من أجل التسجيل والانتساب"، مؤكداً أن "عدد الشباب الملتفين حول الحزب في تزايد". وأضاف فهمي أن "تأثير الحزب تعزز خلال الفترة الماضية إلى جانب الحركات الأخرى، ونسعى حالياً لدعم أي جهد احتجاجي وسياسي يُبذل من أجل الابتعاد عن صراعات الزعامات".
وبشأن التجديد في الوجوه القيادية على مستوى قيادة "الشيوعي العراقي"، أشار فهمي إلى أن "المنهج الثابت للحزب الشيوعي هو التجديد، وهذا المنهج لم ينطلق بسبب النقمة من الوجوه القديمة التي أفرزتها تظاهرات أكتوبر، بل لأن الحزب يدرس دائماً تطور أدوار بعض الأعضاء فيه، وتوفير الفرص المناسبة لهم داخله"، مذكّراً أن "المؤتمر التأسيسي الأخير للحزب شهد صعود 12 عضواً إلى مستوى القيادة".

المساهمون