استمع إلى الملخص
- شهدت الخرطوم ودارفور تطورات عسكرية مهمة، حيث سيطر الجيش على جسر الحلفايا في الخرطوم، بينما تحاصر قوات الدعم السريع مدينة الفاشر في دارفور، مما يهدد بإراقة دماء بدوافع عرقية.
- الدعم الخارجي يعقد الصراع، حيث يستفيد الطرفان من دعم مالي وعسكري، مما يعرقل جهود السلام رغم الاهتمام الدبلوماسي الدولي.
بعد ما يقرب من 18 شهراً على اندلاع الحرب في السودان، تتصاعد حدة القتال مع اقتراب موسم الأمطار من نهايته، حيث يشن الجيش السوداني غارات جوية مكثفة ويستعين بمقاتلين متحالفين لتعزيز مواقعه استعداداً لأي هجوم محتمل من قوات الدعم السريع.
قد يؤدي تصعيد القتال إلى تفاقم الأزمة الإنسانية المفجعة التي سبّبت حدوث مجاعة ونزوح أكثر من عشرة ملايين شخص، يمثلون خمس سكان البلاد، وهو أكبر عدد للنازحين على مستوى العالم. وكثيراً ما أخفقت وكالات الأمم المتحدة في إيصال المساعدات.
وقال دبلوماسي غربي، وصفته وكالة رويترز بـ"الكبير في المنطقة"، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لأسباب سياسية: "لن يحدث تطور كبير. ما نتوقعه في الخريف هو مزيد من الانقسام ودخول المزيد من الجماعات المسلحة في الصراع، وهو ما سيجعل الوضع عموماً أكثر تعقيداً".
وكانت لقوات الدعم السريع شبه العسكرية اليد العليا خلال معظم فترة الصراع، لكن في الأسبوع الماضي، شن الجيش السوداني أكبر هجوم له حتى الآن في العاصمة الخرطوم وتقدم عبر جسر رئيسي فوق نهر النيل، وذلك بعد إحجامه عن المشاركة في المحادثات التي قادتها الولايات المتحدة في سويسرا.
في دارفور، احتشدت جماعات متمردة سابقة ومتطوعون من مخيمات النازحين للدفاع عن مدينة الفاشر المكتظة بالسكان، آخر معاقل الجيش في المنطقة الغربية، في مواجهة موجات هجمات قوات الدعم السريع.
وقال مصدران بالجيش، لرويترز، إن الجيش عكف لأشهر على إعادة التزود بالأسلحة، بما في ذلك الطائرات المسيرة والطائرات الحربية، مع تدريب متطوعين جدد في مسعى لتعزيز وضعه على الأرض قبل أي مفاوضات.
وقال ثلاثة من سكان العاصمة، التي تتكون من الخرطوم ومدينتي أم درمان وبحري المجاورتين لها، إن الجيش نفذ في الأيام القليلة الماضية عمليات قصف جوي بعدد أكبر من الطائرات المسيرة والطائرات المقاتلة مقارنة بما كان يفعله في الهجمات السابقة.
وبينما استخدم الجيش قدراته الجوية المتفوقة في نهاية موسم الأمطار لقصف الأراضي التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع في الخرطوم ودارفور وولاية الجزيرة، فمن المتوقع أن تستعيد قوات الدعم السريع -وهي قوات برية في الأساس- بعض فاعليتها وقدرتها على سرعة التحرك مع بدء موسم الجفاف، إذ تصبح الطرق أسهل في العبور.
ونشرت قوات الدعم السريع، يوم الاثنين، مقطعاً مصوراً يُظهر مقاتليها وهم يتوعدون "بشتاء ساخن" لخصومهم في ولاية سنار، حيث تباطأ تقدمها في وقت سابق بسبب الأمطار. وأفاد شهود في سنار وفي العاصمة بوقوع قتال عنيف، أمس الخميس.
ويقول دبلوماسيون ومحللون إن الطرفين عززا قدراتهما العسكرية مع احتدام الصراع في أكبر دولة أفريقية من حيث المساحة، مستفيدين من الدعم المالي الذي يقدمه داعمون أجانب.
معركة في الخرطوم
بدأت الحرب في إبريل/نيسان 2023 مع سعي الجيش وقوات الدعم السريع لحماية نفوذهما وثرواتهما قبل انتقال كان مخططاً له إلى الحكم المدني والانتخابات الحرة.
وسيطرت قوات الدعم السريع على جزء كبير من العاصمة بسرعة، قبل تعزيز قبضتها على دارفور وعلى ولاية الجزيرة إلى الجنوب من الخرطوم. وانبثقت قوات الدعم السريع عن مليشيات الجنجويد التي ساعدت الحكومة في سحق تمرد جماعات غير عربية في دارفور في أوائل العقد الأول من هذا القرن.
وفي وقت سابق من هذا العام، وسع الجيش نطاق سيطرته في أم درمان بعد الحصول على طائرات مسيرة إيرانية. لكن لم يتم البناء على هذا التقدم حتى وقع الهجوم المباغت الذي بدأ الأسبوع الماضي في اليوم الذي قال فيه قائد الجيش الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك إن أي جهود سلام تعتمد على إلقاء قوات الدعم السريع سلاحها.
ويسيطر الجيش الآن على جسر الحلفايا في العاصمة، مما يسمح له ببناء موطئ قدم في بحري من قواعده في أم درمان. كما صمد الجيش في وجه اشتباكات عنيفة ونيران قناصة ليتقدم عبر جسر آخر فوق النيل يؤدي إلى قلب العاصمة، وفقاً لمصادر عسكرية وشهود.
مرض وجوع
منذ أشهر، تحاصر قوات الدعم السريع مدينة الفاشر، حيث يعيش نحو 1.8 مليون من السكان والنازحين. وحذر ناشطون ودبلوماسيون من إراقة دماء بدوافع عرقية إذا سقطت المدينة، وذلك في أعقاب أعمال عنف مماثلة أشارت أصابع الاتهامات فيها نحو قوات الدعم السريع وحلفائها في أماكن أخرى في دارفور.
وقال شاهدان في الفاشر لرويترز إن قوات الدعم السريع تقصف مناطق كبيرة من المدينة، بينما رد الجيش بضربات جوية. وأضافا أن المعركة مستمرة، إذ تقاتل جماعات متمردة غير عربية ومتطوعون من مخيمات النازحين - مجهزون للقتال البري بشكل أفضل من الجيش - لحماية أنفسهم وأسرهم.
وقالت منظمة محلية تمثل النازحين في دارفور هذا الأسبوع إن القتال أدى إلى تفاقم الوضع الإنساني في 20 مخيماً بمختلف أنحاء منطقة دارفور "والتي تعاني جميعها نقص الضروريات اليومية"، وإن المرض والجوع ينتشران.
ويقول عمال إغاثة ونشطاء في حقوق الإنسان إن هناك زيادة ضئيلة في الإغاثة الإنسانية، على الرغم من تعهدات الجانبين بتحسين توصيل المساعدات. وغالباً ما يتم إغفال أزمة السودان وسط الصراعات المسلحة في أوكرانيا وغزة وأماكن أخرى، لكنها حظيت ببعض الاهتمام الدبلوماسي في الجمعية العامة للأمم المتحدة، الأسبوع الماضي.
لكن نائبة مديرة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، إيزوبيل كولمان، قالت لرويترز إنه ليس هناك تقدم يذكر في إقناع الأطراف الخارجية بالتوقف عن تأجيج الحرب. وأضافت: "كلا الطرفين في هذا الصراع، كلا الجانبين، يتمتعان بدعم خارجي يعتقد كل منهما أنه سيرجح كفة الميزان لصالحه".
(رويترز)