"الجيش الوطني السوري" المعارض يتجه لدمج فصائل في تشكيلات أكبر

16 سبتمبر 2024
عناصر من الجيش الوطني السوري في عفرين، 8 أغسطس 2024 (Getty)
+ الخط -

يتّجه الجيش الوطني السوري المعارض إلى إعادة هيكلة فيالقه، في محاولة جديدة لتجاوز حالة الفصائلية المتجذرة في المناطق التي تقع تحت سيطرة هذا الجيش، والمرتبط بالجانب التركي صاحب النفوذ في مناطق الشمال السوري. وفي هذا الصدد، أكدت مصادر في الجيش الوطني لـ"العربي الجديد" أنه طلب من عدة فصائل الاندماج في تشكيلات عسكرية أكبر في مناطق انتشارها، وأبرزها فصيل "صقور الشمال" بقيادة حسن خيرية، الذي يضم مقاتلين من ريف إدلب وتحديدا من بلدة كنصفرة وينتشر في منطقة عفرين شمال غربي حلب، وفي منطقة حوار كلس بريف مدينة أعزاز في ريف حلب الشمالي.

وذكر قيادي في الجيش الوطني طلب عدم ذكر اسمه لأنه غير مخول بالحديث العلني في حديث مع "العربي الجديد" أن هناك خطة لـ"إعادة هيكلة الجيش وتنظيم فصائله المتعددة ضمن فرق عسكرية"، مضيفا: "الحالة الفصائلية المنتشرة في شمال سورية غير صحيحة". ونفى القيادي نيّة الجيش حلّ أي فصيل "وإنما الاندماج في تشكيلات أكبر لترتيب المشهد العسكري في مناطق سيطرتنا"، مشيرا إلى أن الأمر لن يقتصر على لواء صقور الشمال وسيشمل فصائل أخرى.

إلى ذلك، أشار الباحث السياسي المواكب للمشهد الفصائلي في شمال سورية وائل علوان، في حديث مع "العربي الجديد" إلى أن "قيادة الجيش الوطني تحاول بالتنسيق مع الجانب التركي اعتماد التنظيم المؤسساتي في مكونات هذا الجيش". وأضاف: "ما تزال الحالة الفصائلية غير المنضبطة هي السمة الأبرز في مكوّنات الجيش الوطني السوري المعارض، في حين أن استقرار مناطق المعارضة في شمال البلاد بحاجة إلى الانتقال للمأسسة والتنظيم".

ووفق مصادر مقرّبة من "صقور الشمال"، فإن هناك رفضا من قيادة هذا الفصيل للاندماج في فصائل أخرى، مشيرة إلى أن هناك حالة استنفار في صفوف "صقور الشمال" في منطقة عفرين. وهذه ليست المرة الأولى التي يحاول فيها الجيش الوطني المعارض تجاوز الحالة الفصائلية، غير أن كل محاولاته باءت بالفشل بسبب رفض الفصائل التخلي عن شعارها وسلاحها والاندماج في تشكيلات أكبر يمكن أن تذوب فيها.

 وأعلن عن تشكيل "الجيش الوطني السوري" في ديسمبر/ كانون الأول 2017، من قبل "الحكومة المؤقتة"، التابعة للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، وبدعم واسع من الجانب التركي، لمحاصرة النزعة الفصائلية التي تسود الشمال السوري. ويسيطر "الجيش الوطني السوري" على منطقة "درع الفرات" في ريفي حلب الشمالي والشمالي الشرقي، والتي تضم العديد من المدن والبلدات، أبرزها الباب وجرابلس ومارع. كما ينتشر في مدينة أعزاز في ريف حلب الشمالي، التي تحتضن العديد من مؤسسات المعارضة السورية، وفي منطقة "غصن الزيتون" التي تضم منطقة عفرين ذات الغالبية الكردية من السكان، فضلاً عن كونها تحتضن عشرات الآلاف من النازحين والمهجرين.

وفي شرقي نهر الفرات، يسيطر "الجيش الوطني" المعارض على شريط حدودي بطول 100 كيلومتر، وبعمق 33 كيلومتراً، وهو ما بات يُعرف بـ"منطقة نبع السلام"، والتي تضم منطقة تل أبيض في أقصى الريف الشمالي للرقة، ومنطقة رأس العين شمال غربي الحسكة. ويخضع الشمال السوري للنفوذ العسكري والاقتصادي التركي المباشر، حيث تحتفظ أنقرة بقواعد تضم آلاف الجنود، سواء في شرقي الفرات أو غربه، وحتى في مناطق سيطرة "هيئة تحرير الشام" في محافظة إدلب ومحيطها في ريفي حلب واللاذقية. ومنذ تأسيسه، شارك الجيش الوطني في عمليتين مع الجيش التركي، الأولى مطلع عام 2018 ضد الوحدات الكردية في منطقة عفرين انتهت بانسحاب الأخيرة من هذه المنطقة، التي باتت من أهم مراكز النفوذ لـ"الجيش الوطني"، والثانية أواخر 2019، حيث ساندت هذه الفصائل الجيش التركي في عملية "نبع السلام" ضد "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، التي اضطرت للانسحاب من مدينتي تل أبيض ورأس العين وريفيهما. ولطالما شهد الشمال السوري خلال السنوات الفائتة حوادث اقتتال وصراع على النفوذ في مناطق محدودة الموارد بين فصائل تابعة لهذا الجيش، الذي يحاول في كل مرة محاصرة هذه الحوادث ويكتفي أحيانا بإصدار البيانات التي تدعو إلى "التوقف الفوري عن الاحتكام للسلاح".

المساهمون