الجنود الإسبان في كتيبة اليونيفيل بجنوب لبنان عالقون بين نارين

24 اغسطس 2024
جنود إسبان ضمن كتيبة اليونيفيل في جنوب لبنان، 23 أغسطس 2024 (أنور عمرو/فرانس برس)
+ الخط -

عند الحدود اللبنانية مع الأراضي الفلسطينية المحتلة، يجد جنود الكتيبة الإسبانية العاملة ضمن قوة الأمم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان (اليونيفيل)، أنفسهم عالقين بين ناري حزب الله وجيش الاحتلال اللذين يتبادلان القصف منذ أكثر من عشرة أشهر. ويقول الجندي الإسباني ألفارو غونزاليس غافالدا لوكالة فرانس برس "في بعض الأحيان نضطر إلى الاحتماء بسبب القصف... في مواقعنا وحتى في ملاجئ" تحت الأرض.

للوصول إلى القاعدة 964، عبر مصورو فرانس برس برفقة جنود إسبان بلدات وقرى بدت شبه خالية من سكانها، وأبقى عدد ضئيل من المتاجر أو مرائب لتصليح السيارات على أبوابه مفتوحة. وعلى جانبي الطريق، بدت أراض واسعة محروقة، وهو ما تردّه السلطات اللبنانية إلى استخدام إسرائيل للفوسفور الأبيض في قصف جنوب البلاد. وتقع القاعدة الإسبانية المزنرة بأسلاك شائكة قرب بلدة الخيام الحدودية، حيث شاهد مصورو فرانس برس عشرات المنازل المدمرة او المتضررة جراء القصف الإسرائيلي. وفي الجانب الآخر من الحدود، يمكن بالعين المجردة رؤية بلدة المطلة المحتلة، التي بدت كذلك فارغة من السكان، مع تكرار حزب الله استهداف مواقع فيها.

من برج مراقبة، يمكن لجنود حفظ السلام (اليونيفيل) أن يراقبوا بمناظيرهم منطقة حدودية واسعة تمتد إلى مرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل، وتتعرض بين الحين والآخر لقصف من جنوب لبنان. ويشرح المقدم في الكتيبة الإسبانية خوسيه إيريساري لفرانس برس "مهمتنا في لبنان، وفقاً لقرار الأمم المتحدة 1701"، هي "مساعدة الحكومة اللبنانية والقوات المسلحة اللبنانية على السيطرة على المنطقة الواقعة جنوب الليطاني". وأرسى القرار الدولي وقفاً للأعمال الحربية بين إسرائيل وحزب الله، وعزز انتشار قوة اليونيفيل في جنوب لبنان. وبموجبه، انتشر الجيش اللبناني للمرة الأولى منذ عقود على الحدود مع إسرائيل، بهدف منع أي وجود عسكري "غير شرعي" عليها.

ويقول ايريساري "بعض القرى فارغة تماماً. لا أحد يعيش هناك بسبب المخاطر والهجمات المستمرة". ويضيف "يطلب منا السكان الذين ما زلنا نجدهم في القرى، الحماية والسلامة". وعلى وقع تصاعد المخاوف من نزاع إقليمي في الشرق الأوسط، قال رئيس بعثات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في العالم جان بيار لاكروا الشهر الحالي لفرانس برس، إن وجود قوة اليونيفيل في جنوب لبنان هو اليوم "أكثر أهمية من أي وقت مضى". وأضاف "إنها قناة الاتصال الوحيدة بين الجانبين الإسرائيلي واللبناني في جميع مكوناتهما، ومنها حزب الله"، مشدداً على دورها "الأساسي، لأنه يسمح لنا بتوضيح بعض الأمور وتجنب سوء الفهم... وسوء التقدير والتصعيد المنفلت وغير المرغوب فيه".

وقوة اليونيفيل موجودة في لبنان منذ العام 1978، وتضم نحو عشرة آلاف جندي، وتنتشر في جنوب لبنان للفصل بين إسرائيل ولبنان. وينتهي تفويض اليونيفيل نهاية الشهر الحالي. ويطالب لبنان مجلس الأمن بتمديد ولايتها من دون أي تعديل في مهامها، بعدما كانت النقاشات في العامين الأخيرين تمحورت حول حرية تنقل الجنود الدوليين في جنوب لبنان، ما أثار غضب حزب الله. ولم تبقَ قواعد قوات اليونيفيل في جنوب لبنان بمنأى عن التصعيد بين الجانبين، وأصيب جنود عدة بجروح منذ بدء تبادل القصف، كما وصلت النيران مراراً إلى جوار مقار تابعة لها.

وتضمّ الكتيبة الإسبانية قرابة 650 جندياً يتوزعون على مواقع عدة في جنوب لبنان. وعلى غرار جنود من بعثات أخرى في القوة الدولية، لا تقتصر مهماتهم على الجانب العسكري فحسب، إذ يقدمون الدعم والمساعدة للمجتمعات المحلية، وفق ما يوضح ايريساري. ويشير تحديداً الى دعم يقدمه "فريقنا من الاختصاصيين النفسيين لمدرسة مخصّصة لذوي الاحتياجات الخاصة"، كان فريق فرانس برس يعتزم زيارتها، إلا أنه جرى إلغاؤها بعد رفع مستوى الإنذار جراء تبادل القصف.

(فرانس برس، العربي الجديد)

المساهمون