نالت الحكومة اللبنانية برئاسة نجيب ميقاتي، اليوم الإثنين، ثقة البرلمان بأكثرية 85 نائباً من أصل 100 شاركوا في الجلسة، 15 منهم لم يمنحوها أصواتهم، علماً أن مجموع النواب 117 (بعد استقالة 8 نواب ووفاة 3).
وتركزت الجلسة على الاستهداف السياسي وتصفية الحسابات والتراشق الكلامي والاتهامات المتبادلة بالفساد والهدر والخطابات الانتخابية الرنانة بنبرة التبارز.
وارتدى النواب لدى صعودهم على "المسرح" في قصر الأونيسكو في بيروت حلة الحرصاء على مصلحة الوطن وعلى التحقيقات بانفجار مرفأ بيروت واستقلالية والقضاء وودائع اللبنانيين رغم أنهم يقفون وراء العراقيل والانهيارات وسرقة جنى عمر المواطنين، دون أن يلبّوا تمنّي رئيس مجلس النواب نبيه بري بأن تحصر كل كتلة موقفها بنائب واحد، ما جعل الجلسة تستغرق سبع ساعات.
وتأخرت جلسة الثقة التي عقدت في قصر الأونيسكو في بيروت لحوالي أربعين دقيقة بسبب انقطاع التيار الكهربائي، ما استدعى الاستعانة بصهريج (مازوت) لتشغيل المولد الخاص، ما أثار بلبلة كبيرة وسط تضارب المعلومات حول حقيقة ما سُرب عن الاستعانة بالوقود الإيراني، وهو كلامٌ سارعت رئاسة مجلس النواب إلى نفيه، بينما جاهر نائبٌ في "حزب الله" بتأمين المادة وإنقاذ الجلسة التي كان من المحتمل تأجيلها أو نقلها إلى وسط بيروت حيث مقرّ البرلمان.
وحازت الحكومة على ثقة الكتل النيابية، أبرزها "لبنان القوي" (يرأسها النائب جبران باسيل صهر رئيس البلاد)، و"المستقبل" (برئاسة بهية الحريري، بينما غاب سعد الحريري لوجوده خارج لبنان)، و"اللقاء الديمقراطي" (تمثل الحزب التقدمي الاشتراكي برلمانياً برئاسة وليد جنبلاط)، و"التنمية والتحرير" (يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري)، و"الوفاء للمقاومة" (تمثل حزب الله برلمانياً)، وكتلة الوسط المستقل (بزعامة ميقاتي)، و"التكتل الوطني" (يمثل تيار المردة برلمانياً برئاسة سليمان فرنجية)، و"الحزب السوري القومي الاجتماعي"، في حين لم يمنح "تكتل الجمهورية القوية" (يمثل حزب القوات برلمانياً برئاسة سمير جعجع) وعدد من النواب المستقلّين أصواتهم للحكومة.
وحسم باسيل موقف التكتل في بداية كلمته بعدما كان يستخدم الثقة سلاحاً للتفاوض وفرض الشروط الوزارية، وقال إن "الثقة ستكون مرتبطة بخمسة أمور أساسية، هي: أموال المودعين، والأمان الاجتماعي، والإصلاح المالي، وانفجار مرفأ بيروت والانتخابات النيابية، إضافة إلى أمور أخرى".
وقالت النائبة بهية الحريري، رئيسة كتلة المستقبل: "لقد انتهى زمن عدم احترام الأصول وقواعد الانتظام العام لمصلحة الاستثناءات والخصوصيات (...) جميعنا شركاء في مواجهة التحديات واستعادة كل أسباب الشرعية التي بدأت تتلاشى أمام هول التداعيات، وبكل عزم وثبات فإنّنا نمنح ثقتنا لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي والوزراء من أجل خلاص لبنان كلّ لبنان".
وأكد تكتل "الجمهورية القوية"، الذي طلب أكثر من نائب عنه الكلام، أن التكتل لن يمنح الحكومة الثقة بناءً على الموقف الثابت الذي يركز فيه على صفة الاستقلالية والاختصاص وعلى إبعاد المجموعة الحاكمة عن تشكيلتها وعن مسارها.
وبعد عرضٍ للواقع والخطط الاقتصادية، أشارت كتلة "التنمية والتحرير" إلى أن "إعطاء الثقة يأتي من قناعتنا بضرورة إعطاء الحكومة الفرصة الكاملة للعمل، ونؤكد أننا من موقعنا النيابي نمدّ إليها اليد للعمل سوياً ونواكب أداءها التنفيذي بما تحتاجه من قوانين"، لافتةً إلى أن "الثقة التي ستنالها الحكومة اليوم هي مسؤولية علينا جميعاً، لأننا في مركب واحد وعلينا السعي جميعاً وبشتّى الوسائل لإنقاذه وغير ذلك يعني غرقنا جميعاً".
في حين تناولت كتلة "الوفاء للمقاومة" الملفات الاقتصادية والسياسية وتحدثت عن خريطة طريق إصلاحية وعن خطط اقتصادية، وشنت هجوماً على مصرف لبنان وعلى القضاء المكلف بتحقيقات انفجار مرفأ بيروت.
وحصل سجالٌ حاد بين باسيل ونائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي إثر اتهام باسيل نواباً بتهريب الأموال إلى الخارج، ما أثار امتعاض الفرزلي، الذي كان نائباً في تكتل باسيل ورفض رمي الاتهامات عشوائياً، فيما طلب بري من باسيل تقديم لائحة بأسماء هؤلاء النواب إذا كان يمتلك معلومات بشأن ذلك.
كذلك، حصل سجالٌ بين النائبة في "تيار المستقبل" رولا الطبش والنائب في "حزب الله" علي عمار والنائب في "القوات اللبنانية" جورج عدوان، فيما تدخل رئيس البرلمان نبيه بري متحدثًا عن الوقود الإيراني وتدخلات حزب الله الخارجية وعلى الأراضي اللبنانية التي تعرّض لبنان للخطر وتنتهك السيادة اللبنانية.