البرلمان الجزائري يعزز الشكوك في علاقة الإضرابات بالانتخابات.. والنقابات ترفض الاتهام

30 ابريل 2021
أعلن البرلمان مساندة الحكومة والإشادة بإدارتها للبلاد (مصعب رويبي/ الأناضول)
+ الخط -

أيّد البرلمان الجزائري (مجلس الأمة) شكوك رئيس الحكومة في إمكانية وجود خلفيات سياسية تقف وراء سلسلة إضرابات عمالية، خاصة في قطاعي الصحة والتعليم والبريد، موجهة للتشويش على المناخ السياسي قبيل بدء الحملة الدعائية للانتخابات البرلمانية المبكرة المقرَّرة في 12 يونيو/ حزيران المقبل.

ونشر مكتب مجلس الأمة بياناً، حذر فيه ممّا وصفه بـ"اختراق المندسين لهذه الحركات (الإضرابات) بتصويب أحكامه الهدّامة الجاهزة على الرفّ بعبارات التقزيم والإنقاص والاستنكار، وإلى إدخال الشك والبلبلة في صفوف الطبقة العمالية بل وعامة المواطنين"، ودعا إلى "تغليب المصلحة العليا على أية مصلحة أخرى، والنأي بها عن إكراهات اللحظة، وعدم الانصياع إلى الأطراف التي تريد جرّ البلاد نحو الفوضى عبر نشر الإشاعات والأخبار المزيفة والأكاذيب بصفة مستمرّة في مختلف المنصات والوسائط".

وأعلن البيان مساندة الحكومة والإشادة بإدارتها للبلاد في ظل ظروف الأزمة الوبائية، وقال: "على الرغم من التداعيات التي خلّفتها جائحة كورونا، فقد قامت السلطات العمومية، وعلى رأسها رئيس الجمهورية، باتخاذ خطوات جريئة لصالح الجبهة الاجتماعية والمحافظة على الطابع الاجتماعي للدولة، ومساعٍ جادة وصادقة تبذلها الحكومة، وبالاعتماد على برنامج أولويات يراعى فيه الوضع الداخلي، وعدم المساس بما تحقق ويتحقق لعموم المواطنين، بعيداً عن أولئك الذين يحاولون إسقاط مغالطات وانتقاصات على المسار السياسي والاقتصادي المنتهج من طرف الدولة".

وكان رئيس الحكومة الجزائرية عبد العزيز جراد قد وجه انتقادات حادة واتهامات للنقابات العمالية التي شنّت سلسلة إضرابات في قطاعات مختلفة كالصحة والتعليم والبريد والنقل بـ"السعي لاستغلال الحقوق النقابية لتعكير المناخ السياسي"، وقال، في اجتماع الحكومة مساء الأربعاء، إنه "لوحظ في الآونة الأخيرة تزايد للاحتجاجات النقابية، والتي تقف خلف بعضها أحيانا تنظيمات نقابية غير معتمدة، رافعة بعض المطالب غير القابلة للتحقيق"، موضحاً أن الإفراط والتعسف في استغلال الحريات النقابية والإضرابات "ستكون له نتائج عكسية، والإصرار على اتباع هذا النهج المبالغ فيه لا يفهم منه إلا أنه يخدم أهدافاً واضحة و إن كانت غير معلنة، ترمي إلى تعكير مناخ التغيير الذي شرعت فيه السلطات، و لا سيما عبر تنصيب المؤسسات الجديدة في إطار مشروع بناء الجزائر الجديدة".

 

لكن النقابات المستقلة في قطاع التربية رفضت بشدة تصريحات رئيس الحكومة بشأنها، ووصفتها بالهروب إلى الأمام، ونشرت نقابة عمال التربية والتكوين، إحدى أبرز النقابات المهنية، تصريحاً للمتحدث باسمها عبد الوهاب العمري زقار، قال فيه إن تصريحات رئيس الحكومة "هي أشبه بعملية هروب إلى الأمام، من مطالب اجتماعية شرعية، وهي مطالب تكررها النقابات في كل مرة دون أن تجد صدى واستجابة لدى الحكومة، وخصوصاً بعد أن أصبح وضع العاملين في مجال التعليم في وضع يمكننا وصفه بالهش والخطير للغاية".

واعتبرت النقابة أن تصريحات جراد تعبّر عن "فشل واضح للحكومة في حلّ المشاكل، وهذا ما يجعلها تربط الاحتجاجات بنظرية الفوضى والمؤامرة، وهو أمر مرفوض، إلا إذا كانت الحكومة تملك أدلة على هذا، فعليها أن تكشفها للرأي العام لربط احتجاجات النقابات بالمناخ السياسي".

وقال العضو في نقابة مجلس أساتذة التعليم عبد القادر صادق لـ"العربي الجديد"، إن محاولة ربط احتجاجات نقابية ومطالب مهنية واجتماعية بوضع سياسي هو إعلان عن إفلاس سياسي، ومحاولة تشكيك كانت تستخدمها السلطة مع المطالب والحركة العمالية منذ عقود، مضيفاً أنه "من المؤسف أن تتعامل الحكومة مع مطالب مهنية واجتماعية مشروعة بهذه الطريقة التي لا تزيد سوى ضخ مزيد من الاحتقان وعدم الثقة"، قائلاً: "النقابات لا تمارس العمل السياسي والمطالب واضحة ولا علاقة لها بالسياسة".

وفي السياق، استنكر المجلس الوطني المستقل لمستخدمي قطاع التربية تصريحات رئيس الحكومة ضد النقابات، وحذر من أن "تلعب تلك التصريحات دور صب الزيت على النار".

ونشر التنظيم النقابي بيان شجب بمناسبة اليوم العالمي للعمال، للتصريحات الصادرة عن جراد، واعتبرها "مستفزة ومحبطة لواقع الحال، مما قد يترتب عنه زيادة في بؤر التوتر والغليان، بشكل يضاعف الاضطرابات التي يصعب التحكم فيها، وفي ظل وضع مهني مزرٍ للعمال ومحتقن، بعدما بلغ الواقع السوسيو-مهني أدنى المستويات"، مشدداً على أن هذا النوع من المعالجات الحكومية للمطالب "يؤكد فشل المسؤولين في التعاطي مع الأزمات ومسايرة الوضع من خلال عجزهم عن إيجاد وتقديم الحلول الممكنة والمطمئنة".

المساهمون