أدخل البرلمان الجزائري، تعديلات على مادة جديدة في قانون العقوبات اقترحتها الحكومة، تخص شرعنة استخدام أعوان الأمن والقوة العمومية للسلاح بذريعة "الدفاع المشروع" عند الضرورة، خلال عمليات مكافحة الجريمة أو صد اعتداءات المجرمين، مما أثار مخاوف سوء توظيف هذه النافذة القانونية من قبل رجال الأمن.
وقررت لجنة الشؤون القانونية والحريات في البرلمان إلغاء فقرة مثيرة للجدل من التعديلات التي ستطرح للمصادقة الاثنين المقبل، تبرر لمصالح الأمن بذريعة "الدفاع الشرعي"، القتل أو الجرح أو الضرب الذي يرتكب من طرف أفراد القوة العمومية، متى كان ذلك ضرورياً لدرء "خطر جسيم" يهدد حياتهم أو سلامتهم الجسدية أو حياة الغير أو سلامته الجسدية. وهي صيغة ملتبسة أثارت قلقاً لدى نواب البرلمان وحقوقيين، من إمكانية سوء توظيف هذه النافذة القانونية بصورة غير دقيقة من قبل أفراد الأجهزة الأمنية.
وأعادت اللجنة صياغة المادة المذكورة على نحو يمنح السلطة القضائية حق تقدير ما اذا كان تصرف القوة العمومية مبرراً أو غير ذلك، وما إذا كان هناك تهديد فعلي يمس السلامة الجسدية لعناصر أفراد الأمن، خلال عمليات مداهمة أوكار الجريمة أو توقيف المجرمين أو صد المتعدين، وباتت المادة تنص على أنه "تعد مبررة الأفعال التي يرتكبها أفراد القوة العمومية أثناء أو بمناسبة ممارسة مهامهم، لوضع حد للجريمة، إذا أفضت التحقيقات التي تباشرها السلطة القضائية إلى إثبات قيام عناصر الدفاع المشروع وفقا لأحكام المادتين 39 و 40 من هذا القانون"، كحل وسط بين ردع المجرمين وبين ضوابط منع أي تعسف في استعمال السلاح الناري من قبل الشرطة.
لكن ذلك لا يلغي مخاوف من وقوع حالات تعسف في استخدام القوة، خاصة بسبب شكوك مستمرة في الجزائر إزاء استقلالية القضاء، لكن وزير العدل رشيد طبي أكد أن القانون يشدد على حزمة ضمانات تحد من أي تعسف أو استخدام غير مبرر للسلاح من قبل قوات ومصالح الأمن في حالات ردع الجريمة.
وقال: "أي تعسف في استعمال العنف من قبل المصالح الأمنية يعاقب عليه القانون، لقد تم وضع كل الضمانات القانونية التي تمنع حدوث ذلك وتعاقب عليه، هناك ضمانات قضائية بأن أي عمل يجب أن يكون تحت رقابة القضاء، وضمانات تقنية من ناحية إدخال تقنية التصوير، إذ سيصور كل ما يحدث خلال أداء مصالح الأمن لمهامها لوضع حد للجريمة".
وأشار الوزير إلى أنه رفعاً لكل لبس فإن "المواد القانونية المتعلقة بحالات الدفاع المشروع، حددت ظروف وشروط ذلك، بينها التناسب ووقوع خطر حاد وجسيم ووشيك لردع الجريمة".
وحددت التعديلات الجديدة الحالات الضرورية لحوادث الدفاع المشروع بالنسبة لكل المعنيين سواء مصالح الأمن أو العامة، وتشمل "القتل أو الجرح أو الضرب الذي يرتكب لدفع اعتداء على حياة الشخص أو سلامة جسمه أو لمنع تسلق الحواجز أو الحيطان أو مداخل المنازل أو الأماكن المسكونة وتوابعها أو كسر شيء منها أثناء الليل، والفعل الذي يرتكب للدفاع عن النفس أو عن الغير ضد مرتكبي السرقات أو النهب بالقوة".
وتحدث الوزير طبي في نفس السياق عن ضرورات "توفير الحماية لأعوان القوة العمومية وتعزيز حماية الاسلاك الأمنية، بعد تزايد حالات الاعتداء عليهم خلال تأديتهم لمهامهم وعلى المقرات الأمنية"، وكشفت بيانات قدمها الوزير عن معالجة القضاء خلال عام 2022، لـ1890 قضية اعتداء على أعوان الأمن فيما سجلت 1475 قضية مماثلة خلال السداسي الأول من العام المنصرم 2023، بما فيها قضايا قتل عمدي وبتر أعضاء واعتداء على المقرات الأمنية، بينها مهاجمة عصابات الأحياء قبل فترة لمقر أمني في عنابة شرقي الجزائر، لتخليص عنصر من العصابة كان قد تم اعتقاله من قبل قوات الأمن.
ووصف طبي ذلك بأنه "ظاهرة مقلقة ومستجدة في الجزائر، وينص القانون الجديد، على رفع العقوبات المقررة لأفعال الإهانة والتعدي التي يتعرض لها أفراد الأسلاك الأمنية، كخطوة لردع أي اعتداء عليهم خلال ممارستهم عملهم".
ودلت بيانات قدمتها المديرية العام للأمن الوطني الى لجنة الشؤون القانونية والحريات في البرلمان، خلال المناقشات التمهيدية للتعديلات الجديدة، انها سجلت أكثر من خمسة آلاف اعتداء على عناصر الأمن والقوة العمومية، في غضون الخمس سنوات الأخيرة، بينها سبع اعتداءات أفضت إلى وفاة سبعة عناصر من الشرطة وإصابة ثلاثة منهم بإعاقات مستدامة.