الانتخابات تشق تحالف "اليساريين" في المغرب

02 يوليو 2021
الخلافات تعصف بالفيدرالية قبيل الانتخابات (جلال مرشيدي/الأناضول)
+ الخط -

قرر حزبا "المؤتمر الوطني الاتحادي" و"الطليعة الديمقراطي الاشتراكي"، يوم الخميس، خوض المحطات الانتخابية القادمة في المغرب، بلوائح مشتركة في سياق تحالف "فيدرالية اليسار الديمقراطي"، الذي يعيش حالياً أسوأ أزمة له منذ ميلاده في عام 2014، بعد قرار قيادة "الحزب الاشتراكي الموحد" عدم خوض الانتخابات تحت يافطته.
وكشفت مراسلة وجهها كل من أمين عام "المؤتمر الوطني الاتحادي"، عبد السلام العزيز، والأمين العام لـ"الطليعة الديمقراطي الاشتراكي"، علي بوطوالة، إلى وزارة الداخلية المغربية، عن محافظة الحزبين على استمرار تحالف "فيدرالية اليسار الديمقراطي" خلال انتخابات أعضاء الغرف المهنية المقرر يوم 6 أغسطس/آب القادم، وأيضاً انتخاب أعضاء مجالس الجماعات والمقاطعات، وكذا أعضاء مجالس الجهات وأعضاء مجلس النواب المقررة في 8 سبتمبر/أيلول المقبل.
ويأتي ذلك، في وقت قررت فيه الأمينة العامة لـ"الاشتراكي الموحد"، نبيلة منيب، عدم خوض الانتخابات المقبلة تحت يافطة تحالف "فيدرالية اليسار الديمقراطي" المكون من الأحزاب الثلاثة، في خطوة اعتبرت مؤشراً على انفراط عقد التحالف الذي ولد في 30 يناير/ كانون الثاني 2014، في سياق توحيد صفوف اليسار المغربي وبناء الحزب الاشتراكي الكبير.
وبشكل مفاجئ، أعلنت منيب، خلال اجتماع عقدته الهيئة التنفيذية للفيدرالية مساء الثلاثاء بالعاصمة الرباط، عن سحب حزبها التوقيع على الترخيص المقدم لدى مصالح وزارة الداخلية من لدن الأحزاب الثلاثة للترشح باسم الفيدرالية.
وأثار قرار قيادة "الاشتراكي الموحد" انتقادات في صفوف قيادات الحزب، إذ وصفه عضو المجلس الوطني للحزب والبرلماني باسم "فيدرالية اليسار الديمقراطي"، مصطفى شناوي، بأنه "تصرف فردي طائش وأرعن، وذلك بانقلابها (منيب) على قرارات الحزب ومواقفه والتزاماته وبدون الرجوع إلى مؤسساته"، مطالباً، في بيان أصدره اليوم، بعقد دورة للمجلس الوطني للحزب في أقرب الآجال.
بالمقابل، اعتبرت منيب، في حوار إذاعي يوم الخميس، أنها "ضد قرصنة الحزب وأخذه نحو المجهول"، وأن خطوة الانسحاب من "فيدرالية اليسار الديمقراطي"، تروم "إنقاذ الحزب"، مؤكدة على أن الانسحاب لا يشمل سوى الانتخابات المهنية، فيما لم يتم بعد اتخاذ أي قرار بخصوص الانتخابات التشريعية والجماعية.
ونفت منيب أن يكون قرار الانسحاب من الفيدرالية قراراً شخصياً، لافتة إلى أنه تم اتخاذه بعد المناقشة مع المكتب السياسي، وأن قانون حزبها يسمح للمكتب السياسي باتخاذ مثل هذه القرارات.
إلى ذلك، كشف مصدر قيادي في "المؤتمر الوطني الاتحادي"، أن سحب قيادة "الاشتراكي الموحد" توقيعها من التصريح الذي وُضع قبل 15 يوماً لتأسيس تحالف انتخابي للأحزاب الثلاثة المكونة للفيدرالية، لا يمنع "المؤتمر الوطني الاتحادي " و"الطليعة الاشتراكي الديمقراطي" من الاستمرار في التحالف، وفقاً لما ينص عليه قانون التحالف من إمكانية انسحاب حزب أو التحاق حزب آخر دون التأثير على عملية الترشح.
وكشف المصدر، الذي اشترط عدم ذكر اسمه في اتصال مع "العربي الجديد "، أن الحزبين مستمران في تنسيقهما تحضيراً للانتخابات القادمة في إطار تحالف "فيدرالية اليسار"، مشيراً إلى إحداث هيئات تنسيقية على الصعيد المحلي والإقليمي والجهوي والوطني للحسم في مسطرة وتزكية المرشحين للانتخابات.
ويأتي انسحاب "الاشتراكي الموحد" من الفيدرالية في سياق صراعات قوية عاشها التحالف في الأشهر الماضية خصوصاً مع اقتراب الانتخابات، وكذا فشله في مشروع الاندماج جراء الاختلاف بين قيادات الأحزاب الثلاثة المكونة للفيدرالية، ولا سيما بين منيب، التي تؤكد على ضرورة توفير شروط النجاح لتأسيس الحزب الاشتراكي الكبير، وعدم ربط المؤتمر الاندماجي باستحقاقات 2021، وبين العزيز وبوطوالة، اللذين يستعجلان عملية الاندماج.

وفي ظل بداية انفراط عقد التحالف والاختلاف في الرؤى حول توقيت إعلان الاندماج في حزب يساري موحد، وما نتج عنه من تعطيل لمشروع التوحد بين اليسار المغربي، تبدو حظوظ الفيدرالية لتشكيل "قوة يسارية ضاغطة في البلاد من بوابة صناديق الاقتراع" صعبة التحقق في المشهد الحزبي لما بعد 8 سبتمبر/أيلول القادم.
وحسب الباحث في العلوم السياسية، حفيظ الزهري، فإن "الانسحاب من التحالف سيؤثر أولاً على المحاولات المستقبلية لتوحيد اليسار، وثانياً على شعبية اليسار الذاهب إلى محطة انتخابية مهمة بشكل مبلقن (منقسم) رغم أن حزبي الطليعة والمؤتمر أكدا بقاء تحالفهما"، لافتاً إلى أن التحالف بين الحزبين لن تكون له قوة ميدانية.
وبرأي الزهري فإن انسحاب "الاشتراكي الموحد" من "فيدرالية اليسار" يطغى عليه الخلاف الشخصي أكثر من الخلاف الفكري، مشيرا، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أن "دوافعه حسابات انتخابية تدخل في سياق مخططات تكسير العظام بين الرفاق، وتطبيق تقنية الشطرنج في اللعبة السياسية، وهو ما انتبهت له منيب وكشفت محاولة إزاحتها لتتخذ قرارها بشكل انفرادي بعيداً عن هياكل الحزب".
واعتبر الزهري أن قدر اليسار المغربي هو البلقنة بحكم عمق الأزمة التي يعيشها، لافتاً إلى أن انسحاب قيادة "الاشتراكي الموحد " من "فيدرالية اليسار" جزء من تلك الأزمة، جراء الاختلاف في منهجية الممارسة الانتخابية وكذا وجود خلاف داخل حزب "اليسار الاشتراكي الموحد" الذي تقوده منيب، وذلك "بحكم تواجد التيارات التي لم تستطع تجاوز اختلافاتها الفكرية التاريخية التي ساهمت في تشتت اليسار إلى قبائل وشعوب يصعب تجميعها على طاولة واحدة".

المساهمون