الانتخابات العراقية: احتمال حسم قضائي اليوم

22 ديسمبر 2021
استمرت اعتراضات القوى الخاسرة في الأيام الأخيرة (مرتضى السوداني/الأناضول)
+ الخط -

من المنتظر أن تعقد المحكمة الاتحادية العليا في العراق، اليوم الأربعاء، جلسة جديدة للنظر بالطعن المُقدم بصحة نتائج الانتخابات التشريعية العراقية 2021 التي أجريت في 10 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بالتوازي مع مواصلة قوى وأحزاب سياسية مختلفة حليفة لإيران التشكيك بنتائج الانتخابات والطعن بصحتها ورفض القبول بمخرجاتها.

وعقدت المحكمة جلستها في 13 ديسمبر/ كانون الأول الحالي، للنظر بشكوى رئيس تحالف "الفتح" هادي العامري، التي قدّم فيها ما يعتبره وثائق وأدلة على تزوير الانتخابات.

لكن رئاسة البرلمان قررت إرجاء النظر بالحكم لغاية اليوم، من دون أن تورد أسباب ذلك، وسط ترجيحات سياسية بأن التأجيل يأتي بسبب رغبة أعضاء المحكمة بمنح وقت إضافي للقوى السياسية للتوافق في ما بينها من دون اللجوء إلى القضاء.


خيارات المحكمة الاتحادية

وتعقد الجلسة المرتقبة في بغداد داخل المنطقة الخضراء، التي تضم مقرات الحكومة والبرلمان وبعثات دبلوماسية غربية مختلفة، وسط تضارب في التوقعات بشأن ما سيصدر عنها اليوم.

وأفادت مصادر سياسية وأخرى من مفوضية الانتخابات العراقية، "العربي الجديد"، بأن المحكمة الاتحادية شاورت خلال الأيام الماضية عدداً من المختصين بالجانب الفني، إضافة إلى مسؤولين في مفوضية الانتخابات حيال الطعون المقدمة واستمعت لأقوالهم في هذا الشأن.

وأكدت أن "بعض الطعون المقدمة للمحكمة لم تكتسب درجة القناعة لدى المحكمة، وأخرى كانت حتى يوم أمس الثلاثاء محل تدقيق".


قد ترفض المحكمة الطعون أو تقبل بها جزئياً أو تؤجّل قرارها

وأوضحت أن "الخيارات أمام المحكمة الاتحادية هي رفض الطعون وبالتالي المصادقة على النتائج أو قبول جزئي لها، وبهذه الحالة سيصار إلى تدقيق وإعادة عد وفرز جديد لمحطات ومراكز داخل دوائر انتخابية محددة، أو أنها قد تقرر تأجيل النطق بالحكم مرة ثانية إلى إشعار آخر تحدده بنفسها".

من جهته، قال عضو قوى "الإطار التنسيقي" محمد الصيهود، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، إنهم "تعرضوا لأكبر عملية احتيال وتزوير حصلت في جميع الانتخابات التشريعية العراقية 2021، فقد كانت هناك مؤامرة لدفع قوة شيعية معينة إلى الصدارة وقوى شيعية محددة إلى الخسارة، وهو أمر غير مقبول ولن يتم السكوت عنه".

وأضاف أن "القوى المسلوبة حقوقها مارست أدواراً قانونية ودستورية عبر تقديم الطعون إلى المحكمة الاتحادية، وننتظر رأيها ونحن نحترم القضاء العراقي وما يصدر عنه".

ولفت إلى أن النتائج الأولية وما صدر من نتائج بعد إجراء العد والفرز اليدوي "ليست مُرضية لقوى الإطار التنسيقي، وبالتالي لا بد من إظهار النتائج الحقيقية ومحاسبة المقصرين وترضية الإطار التنسيقي على الغبن الذي تعرض له، جرّاء فشل مفوضية الانتخابات في إدارة عملية الاقتراع والحفاظ على أصوات العراقيين".

نتائج الانتخابات التشريعية العراقية

ووفق النتائج الأخيرة التي أعلنتها مفوضية الانتخابات العراقية، يعد تحالف "الفتح"، الذي يضم معظم الفصائل المسلحة الحليفة لطهران، أبرز الخاسرين بحصوله على 17 مقعداً، بعد أن كان ثانياً برصيد 48 مقعداً في انتخابات 2018.

في المقابل، فازت الكتلة الصدرية التي يتزعمها مقتدى الصدر بـ73 مقعداً من أصل 329، يليها تحالف "تقدم" بـ37 مقعداً، ثم ائتلاف "دولة القانون" بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي برصيد 33 مقعداً، والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني بـ31 مقعداً.


"كتائب حزب الله": جهات نافذة تضغط للإبقاء على النتائج

من جهته، كشف القيادي في حركة "حقوق" التابعة لـ"كتائب حزب الله" العراقية، عباس العرداوي، أن "هناك ضغوطاً تمارس من جهات نافذة في العراق على أطراف تعمل في ملف الطعون بنتائج الانتخابات التشريعية العراقية 2021 من أجل الإبقاء على النتائج، وعدم تصحيحها"، من دون أن يسمي تلك الأطراف.

وأضاف العرداوي في حديثٍ مع "العربي الجديد": "لمسنا هذا الأمر من خلال قرارات مفوضية الانتخابات العراقية سابقاً، وتحركات المحكمة الاتحادية حالياً، ولكن سنعمل على دعم القضاء واحترام قراره مهما كان، لكن يبقى الغضب الشعبي هو أمر لا نعرف مداه".

وقال القيادي في حركة "حقوق"، إن "استمرار ظلم وسرقة حقوق القوى السياسية الشيعية، يعزز روح الاضطهاد لدى الشباب العراقي المحتج، وقد يتم الاتجاه نحو تصعيد سلمي احتجاجي جديد".

أما عضو التيار الصدري عصام حسين، فأكد في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن "على جميع القوى السياسية القبول بنتائج الانتخابات التشريعية العراقية 2021 الأخيرة التي أعلنتها مفوضية الانتخابات العراقية، لأنها باتت واقع حال".

واعتبر حسين أن المعترضين عليها لا يمتلكون أي أدلة تثبت تزوير الانتخابات، بل إنهم يسعون إلى عرقلة العمل السياسي ومنع مشروع "الكتلة الصدرية" الفائزة بالانتخابات من إقرار وتنفيذ مشروعها وهو "حكومة الأغلبية الوطنية" التي تمكن الفائزين من تسيير إدارة الدولة، واحتواء الخاسرين أو توجههم إلى المعارضة السياسية.

ولفت حسين إلى أن "الخاسرين بالانتخابات وعلى الرغم من أنهم طالبوا بإلغاء الانتخابات، لكنهم كانوا في الوقت نفسه منشغلين بالحوارات السياسية في سبيل تحديد منافعهم الحزبية في المرحلة المقبلة، بالتالي فإن هذه اللعبة باتت مكشوفة ولم تعد تنطلي على أي عراقي، واستمرار تعطيل العمل السياسي في العراق بهذه الطريقة سيؤدي إلى انسدادات جديدة".

آراء قانونية حول الطعون

وتربط القوى الخاسرة بين النظر بالطعون والاعتراضات بشأن الانتخابات والمصادقة عليها من جهة المحكمة الاتحادية، باعتبار أن الإجراء الثاني لا يتم إلا عبر إنهاء الإجراء الأول.

وهو ما اختلف معه الخبير القانوني طارق حرب، الذي قدم رأياً قانونياً جديداً، تحدث فيه عن "عدم ملازمة" بين قيام المحكمة الاتحادية بالمصادقة على النتائج النهائية للانتخابات من جهة، وبين استمرار الطعون من جهة أخرى.

وشرح ذلك في بيان، أكد فيه أن "لا تلازم ولا ارتباط بين مصادقة المحكمة العليا على النتائج الانتخابية وبين نظرها دعاوى الطعون في النتائج الانتخابية المقدمة إليها، فلا يتوقف أحدهما على وجود الآخر".

ورأى حرب أنه "لا يوجد مانع دستوري من أن تتولى المحكمة العليا المصادقة على النتائج الانتخابية، فيعقد الفائزون في النتائج الانتخابية جلسات مجلس النواب الجديد، ويتحولون من فائزين إلى أعضاء في مجلس النواب، وتستمر المحكمة العليا في النظر بالطعون والدعاوى المقامة أمامها بشأن النتائج الانتخابية، وإكمال التحقيقات القضائية الخاصة بدعاوى الطعون".

بدوره، رأى رئيس حزب "المواطنة" غيث التميمي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "نتائج الانتخابات لن تتغير، وقد ظهرت حقيقة كل حزب وكيان سياسي وفصيل مسلح وحجمه الجماهيري، بالتالي فإن تعمّد التأخير السياسي لم يعد يجدي نفعاً على مستوى تغيير النتائج، لكنه كان لعبة ذكية من قوى الإطار التنسيقي التي كسبت الوقت وعقدت حوارات ومفاوضات مع أكثر من جهة، في سبيل الاتفاق على الحصص والمناصب".

وتوقع أن "تنهي المحكمة الاتحادية ملف الطعون، لكن المصادقة قد تتأخر إلى حين نهاية المفاوضات الحزبية، وتقسيم الرئاسات الثلاث بين الأحزاب الكبيرة وفقاً لمبدأ المحاصصة، التي ستؤدي في النهاية إلى سقوط النظام السياسي الحالي بالكامل".


الملف الحكومي يحضر في لقاءات المالكي اليوم في أربيل

وبالتزامن مع ترقب حسم المحكمة الاتحادية الجدل من خلال المصادقة على نتائج الانتخابات التشريعية العراقية 2021، تواصل القوى السياسية تحركاتها الرامية للتوصل إلى تفاهمات ممهدة لتحالفات تشكيل الحكومة.

نوري المالكي في أربيل

ويتوجه المالكي، اليوم الأربعاء، إلى أربيل مترأساً وفداً من "الإطار التنسيقي" الذي يضم القوى والأحزاب المعترضة على نتائج الانتخابات.

وقال القيادي في "دولة القانون" كاطع الركابي إن وفد "الإطار التنسيقي" برئاسة المالكي سيجتمع اليوم مع رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني في أربيل.

وأوضح الركابي في تصريح صحافي، أن الوفد سيجري لقاءات أخرى في إقليم كردستان، أبرزها مع الاتحاد الوطني الكردستاني، ثاني أكبر الأحزاب الكردية.

وأشار الركابي إلى أن هذه الزيارة تهدف لمناقشة آخر التطورات السياسية وموضوع الانتخابات وتشكيل الحكومة الجديدة في العراق.

وتأتي الزيارة مع وصول السفير الإيراني في بغداد إيرج مسجدي إلى مدينة أربيل ولقائه بقيادات سياسية كردية في زيارة هي الأولى من نوعها منذ إجراء الانتخابات.

وأفاد بيان لمكتب رئيس إقليم كردستان نيجرفان البارزاني بأن الأخير استقبل مسجدي وبحث معه عدة ملفات، من ضمنها آخر خطوات العملية السياسية في العراق وجهود تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، وعلاقات أربيل وبغداد واستمرار الحوار من أجل حل المشاكل بينهما، ومخاطر الإرهاب وهجمات واعتداءات "داعش" الأخيرة.

وبحسب البيان، فقد اتفق الجانبان على "أهمية العمل لحماية أمن واستقرار المنطقة وتعزيز العلاقات بين دول المنطقة على أساس الصداقة والمصالح المشتركة".

المساهمون