الانتخابات الروسية في الأقاليم الأوكرانية: سيناريو مكرر منزوع الشرعية

10 سبتمبر 2023
من الاقتراع الروسي في دونيتسك الأوكرانية، أمس (ألكسندر إرموشينكو/رويترز)
+ الخط -

تختتم في مختلف أنحاء روسيا، اليوم الأحد، عملية التصويت في الانتخابات المحلية من مستويات مختلفة في الأقاليم الروسية، في إطار التصويت الموحد الذي بدأ أول من أمس الجمعة.

إلا أن التصويت الموحد مختلف هذه المرة عن الانتخابات السابقة، لجهة إجراء التصويت لأول مرة في الأقاليم "الجديدة"، أي دونيتسك ولوغانسك وزابوريجيا وخيرسون، وهي الأقاليم الأوكرانية التي ضمتها روسيا في نهاية سبتمبر/أيلول 2022، إثر استفتاءات تقرير المصير فيها، التي لم تعترف بها كييف ولا المجتمع الدولي. كما تُجرى الانتخابات في شبه جزيرة القرم الأوكرانية، التي ضمتها روسيا بالقوة في عام 2014.

وبذلك ينتخب سكان المناطق الروسية "الجديدة" أولى مجالسهم التشريعية ونواب الإدارات المحلية تحت السيادة الروسية، وسط تنديد أوكراني ودولي، وتوقعات بأن الأغلبية الساحقة من الدول من خارج الكتلة الغربية لن تعترف بنتائج التصويت.

وعشية اختتام التصويت، أكد مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون أوروبا ووسط آسيا والأميركيتين ميروسلاف ينتشا الالتزام الأممي بسيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها، معرباً عن قلقه من إجراء روسيا "ما يُسمى بالانتخابات في مناطق في أوكرانيا تخضع مؤقتاً للسيطرة العسكرية الروسية". وأكدت وزارة الخارجية الأوكرانية أن الانتخابات في الأقاليم الأربعة وشبه جزيرة القرم "لن تكون لها أي تداعيات قانونية"، داعية شركاء كييف الدوليين إلى التنديد بأعمال روسيا وفرض عقوبات على منظمي التصويت.

الانتخابات الروسية في أوكرانيا غير شرعية

وحول ذلك، يعتبر الباحث المتخصص في الشؤون الأوكرانية قسطنطين سكوركين أن روسيا تسعى، من خلال إجرائها الانتخابات المحلية في المناطق الأوكرانية، لتثبيت الإدارات الموالية لها في هذه المناطق، جازماً أن كييف وحلفاءها لن يعترفوا بنتائجها.

ويقول سكوركين، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنه "من وجهة نظر أوكرانيا، فإن هذه أعمال غير مشروعة تقوم بها سلطات الاحتلال، مجبرة سكان الأراضي المحتلة على المشاركة في شرعنة أتباع الكرملين. لن تعترف كييف بهذه الانتخابات، بل ستواصل أعمال القتال من أجل تحرير أراضيها، وستعتبر جميع النواب المنتخبين في انتخابات غير مشروعة مجرمين، سيفرض حلفاء أوكرانيا عقوبات عليهم".


قسطنطين سكوركين: موسكو تسعى لتثبيت إدارات الاحتلال في الأراضي المحتلة 

وحول رؤيته لدوافع روسيا لإجراء الانتخابات في أقاليمها "الجديدة"، يشير سكوركين إلى أن "موسكو تسعى لتثبيت إدارات الاحتلال بالأراضي المحتلة تحت غطاء (سلطات منتخبة ديمقراطياً)، وإظهار أن روسيا هنا إلى الأبد، وأن الحرب لا تعطل الحياة الاعتيادية في روسيا، بما في ذلك من جهة تنظيم الانتخابات".

ويشكك سكوركين في نزاهة الانتخابات قائلاً: "يضفي استعداد الكرملين لإجراء الانتخابات في ظروف أعمال القتال طابع المحاكاة، إذ لم تجر أي حملة انتخابات، ولا شفافية في مسائل قوائم الناخبين ولا مراقبين وصحافيين مستقلين، وسيحصل حزب (روسيا الموحدة) الحاكم على أغلبية المقاعد، بالإضافة إلى بضعة مقاعد للمعارضة الاسمية مثل الحزب الشيوعي وغيره من الأحزاب المتمثلة في البرلمان الروسي".

ويخلص سكوركين إلى أن "الوضع مع الانتخابات يشكل تكراراً لاستفتاءات العام الماضي من جهة تزويرها لصالح الكرملين، وإعداد نتائجها مسبقاً على أيدي المديرين السياسيين بالرئاسة الروسية".

دوافع روسيا في الانتخابات

من جانب آخر، يعلق مدير عام مركز المعلومات السياسية في موسكو أليكسي موخين على دوافع السلطات الروسية لإجراء الانتخابات بالقول إنه: "من المهم للغاية بالنسبة إلى موسكو تشكيل الهيكل السياسي للكيانات الإدارية الجديدة، ويمكن للسكان التصويت إلكترونياً من دون الذهاب إلى مراكز الاقتراع حرصاً على أمنهم، وجرى تقديم الكثير من التسهيلات مثل السماح بالتصويت بأوراق الهوية الأوكرانية لمن لم يحصلوا على الأوراق الروسية بعد".

ويلفت موخين في حديثٍ لـ"العربي الجديد" إلى أن العملية الانتخابية في الأقاليم الروسية الأخرى تسير بهدوء، قائلاً: "لا ألغاز كبرى تخيم على هذه الانتخابات، إذ إن حزب روسيا الموحدة أجرى عملاً كبيراً على كامل أراضي روسيا، ومن الصعب على الأحزاب الأخرى منافسته، باستثناء الحزب الشيوعي الذي اعتاد على جمع أصوات التصويت الاحتجاجي، وهناك صعوبات محددة في أقاليم بعينها مثل جمهورية خاكاسيا".


أليكسي موخين: سُمح بالتصويت بالهوية الأوكرانية لمن لم يحصل بعد على الهوية الروسية

وتكاد خاكاسيا، الواقعة في الجنوب السيبيري، أن تكون الإقليم الروسي الوحيد الذي لم يكن من المستبعد فيه أن تصل انتخابات حاكم الإقليم إلى جولة الإعادة بين الحاكم الحالي الشيوعي فالنتين كونوفالوف، والنائب بمجلس الدوما (النواب) الروسي عن "روسيا الموحدة" سيرغي سوكول، الذي انسحب من سباق الانتخابات بسبب تدهور حالته الصحية، ما يعزز بقاء الحاكم الشيوعي في منصبه والفوز من الجولة الأولى.

وتشهد روسيا في التصويت الموحد هذا العام 4270 عملية تصويت، تشمل انتخاب أكثر من 33 ألف نائب ومنتخب محلي، كما ينتخب سكان 21 إقليماً حكامهم، بما في ذلك في موسكو ومقاطعتها التي تضم ضواحي العاصمة.

ويخوض الانتخابات بجميع مستوياتها نحو 85 ألف مرشح، أكثر من 12 ألفاً منهم مستقلون. ودفع 23 من أصل 25 حزباً مسجلاً بمرشحيهم ضمن قوائم. في المقابل، جرى تأجيل التصويت في بضع بلدات سكنية في مقاطعة بيلغورود الواقعة بالقرب من الحدود مع أوكرانيا، نظراً لتردي الأوضاع الأمنية.

يذكر أن روسيا تعتمد صيغة استمرار التصويت لأيام عدة منذ عام 2020، عندما صوت الروس على تعديل الدستور في ظروف إجراءات مواجهة تفشي وباء كورونا. وأسفر الاستفتاء في حينه عن "تصفير" عدد ولايات الرئيس الحالي فلاديمير بوتين، ما يمهد الطريق أمامه للترشح لولايتين رئاسيتين إضافيتين في عامي 2024 و2030.

المساهمون