الانتخابات الرئاسية التونسية: المعارضة تبحث عن موقف موحد

02 مارس 2024
من انتخابات الرئاسة في تونس، 2019 (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

بدأت ملامح معركة الانتخابات الرئاسية التونسية تلوح في الأفق، مع اقتراب موعدها في سبتمبر/أيلول أو أكتوبر/تشرين الأول المقبلين وفق تأكيدات رئيس هيئة الانتخابات التونسية، فاروق بوعسكر. وفيما بدأ الرئيس قيس سعيّد يكثف من حملاته الانتخابية ويهاجم معارضيه ومنافسيه المحتملين، لا تزال المعارضة تبحث عن موقف موحد بخصوص الانتخابات، من حيث المشاركة أو المقاطعة، والالتقاء حول مرشح موحد أو مرشحين عن كل جبهة وحزب.

وأكد سعيّد مساء الأربعاء الماضي، أن "لا تسامح مع من يرتمي في أحضان الخارج استعداداً للانتخابات ويتمسّح كل يوم على أعتاب مقرات الدوائر الأجنبية". وفي لقاء جمعه بوزير الداخلية كمال الفقي، ومسؤولين أمنيين، أشار سعيّد إلى من وصفهم بأنهم يبحثون "عن الدعم والمساندة من الدوائر الاستعمارية التي تحتقرهم".

الانتخابات الرئاسية التونسية: مخاوف وتشكيك ويأس

في المقابل، أصدر بعض المعتقلين السياسيين، وهم رضا بالحاج وجوهر بن مبارك وعصام الشابي وخيّام التركي، بياناً مساء الأربعاء، أكدوا فيه أن "مخاوفهم من التطورات المتسارعة على الساحة تتأكد، بتوسع دائرة الملاحقين والموقوفين في السجون والمحالين على العديد من القضايا من رؤساء أحزاب وسياسيين ونقابيين وإعلاميين ونشطاء مجتمع مدني، والكثيرين من بين من عبّروا عن نيتهم في الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة".

الحامدي: كل المناخات تجعل انتخابات الرئاسة في تونس بالمعايير الدولية محل شك

وأضاف هؤلاء: "بات واضحاً أن كلّ من له رأي مخالف ومن لا يدين بالولاء والتبعية لمنظومة الرئيس فهو ليس في مأمن من الملاحقات القضائية أو الإقصاء والعزل والتهميش". ونبّهوا من "انعدام كل شروط المنافسة النزيهة والمساواة بين المرشحين بوجود الشخصيات الحزبية والوطنية الأكثر قدرة على المنافسة بالسجن أو تحت طائلة تتبعات عدلية".

وتابعوا: "مهما تكن نوايا الرئيس من إجراء أو عدم إجراء هذه الانتخابات، فإنه مطروح على جميع القوى السياسية والفعاليات الاجتماعية، مهما كانت اختلافاتها، العمل على العودة للمسار الانتخابي كإطار للمنافسة وتمكين الشعب من التعبير عن إرادته وأن تجرى الانتخابات الرئاسية التونسية المقبلة بنفس شروط انتخابات 2014 و2019".

وأوضحوا أنه "إزاء هذا الوضع الخطير الذي يتهدد البلاد بالعودة إلى مربع الاستبداد والدكتاتورية وقمع الحريات والمحاكمات السياسية، فإن القوى المدافعة عن الديمقراطية والحرية مدعوة إلى عدم إهدار المزيد من الوقت والتعجيل بفتح حوار بينها، وتوحيد جهودها لتوفير الضمانات الضرورية لإجراء الانتخابات المقبلة وفق المعايير الدولية في النزاهة والشفافية والديمقراطية".

وزير التعليم الأسبق، الناشط السياسي المعارض محمد الحامدي، الملاحَق أيضاً بتهمة التآمر، قال في تصريح لـ"العربي الجديد": "نحن في سياق انقلاب على دستور 2014 وتصفية مؤسسات الانتقال الديمقراطي، على ضعفها"، مضيفاً أن "الانتخابات الرئاسية التونسية، إن حدثت في موعدها على الرغم من الشكوك، فستدور في مناخات غير ديمقراطية تتسم باعتقال عشرات القيادات والنشطاء السياسيين، فهناك أمناء عامون لأحزاب في السجن وهناك استهداف واضح للإعلام".

ورأى الحامدي أن "الإعلام العام تحول إلى إعلام حكومي، واستهداف القضاء الذي انحدر إلى ما دون قضاء التعليمات زمن زين العابدين بن علي، وأصبح قضاء التهديدات، حوّله قيس سعيّد إلى وظيفة، وهناك شكوك حول نزاهة وحياد واستقلال هيئة الانتخابات، وولائها لمن سمّاها وعيّنها، وقد عيّنها سعيّد".

وشدّد الحامدي على أن "كل هذه المناخات تجعل انتخابات الرئاسة بالمعايير الدولية محل شك، ولكن على المعارضة أن تستغل هذا الاستحقاق وتختبر نوايا هذا النظام إن احتفظ للانتخابات بالحد الأدنى من مضمونها، فربما تكون فرصة لإنهاء العبث وإغلاق قوس الانقلاب بصورة سلمية، أو تختبر كذب توجهاتها وتكون فرصة للطعن في شرعيته مجددا".

وأكد الحامدي أن "على المعارضة أن تعتبر أن هذا رهان سياسي بالأساس قد ينجح في التحول إلى رهان انتخابي وقد يُخرج البلاد من أزمتها، وإن بدا صعباً، وقد تكون فرصة لتعبئة المعارضة للطعن في شرعية الانقلاب". وتابع: "خضنا زمن بن علي انتخابات لم تكن نزيهة وذلك بهدف تعرية استبداد النظام".

وسام الصغير: الانتخابات يمكن أن تكون فرصة للخروج من حالة العبث السياسي

ورأى أن "على المعارضة ألا تهمل هذا الاستحقاق، فهي مناسبة سياسية أكثر منها انتخابية"، معتبراً أن "المطلوب أن تتوحد المعارضة في موقف خلال الأيام المقبلة، قبل هذا الصيف، وأن تجتمع على رؤية سياسية موحدة توكد موقفها المبدئي من الانقلاب، وقد تكون الانتخابات الرئاسية فرصة لإنهاء العبث، ولكن بشروط المناخات الحالية ومناخات الخوف والمعارضين في السجون فهذا صعب".

تفاعلٌ مع الحدث

من جهته، اعتبر القيادي في الحزب الجمهوري، وسام الصغير، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "الانتخابات الرئاسية يمكن أن تكون فرصة للخروج من حالة العبث السياسي التي نعيش على وقعها، من دون التراجع عن الموقف من الانقلاب ومن المسار السياسي وحالة العبث التي تعيشها الدولة".

وأشار إلى أنهم "سيتفاعلون مع الحدث وسيكون لهم موقف ونقاش مع العديد من المكونات السياسية للتباحث حول كيفية التعامل مع هذه المحطة التي يمكن أن تكون فرصة لإيقاف حالة الانهيار بشكل سلمي".

ولفت الصغير إلى أن الانتخابات "يمكن أن تكون فرصة لتغيير الطريق والمسار"، مرجحاً أن "الخيار الأقرب هو قرار المشاركة على الرغم من التباين". واعتبر أنه "ينبغي على هيئة الانتخابات أن تتخذ مسافة من الجميع وألا تكون الحكم والخصم في نفس الوقت، وللأسف هذا ما حصل عند رفع قضايا بعدد من الشخصيات السياسية مثل رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي لمجرد تقديمها لموقف من هيئة الانتخابات، وكذلك جوهر بن مبارك، وألا يتم إصدار قانون انتخابي في اللحظة الأخيرة بحيث يتم بموجبه إقصاء مرشحين، ووضع تهم على المقاس لكي يتم إقصاؤهم من المنافسة".

وبيّن القيادي في الحزب الجمهوري، أن "المناخ يجب أن يكون انتخابياً وليس قائماً على الترهيب ورفع القضايا بالسياسيين وتكميم الأفواه وقمع الحريات" مضيفاً أن "هذه المسائل ستحدد الموقف النهائي من الانتخابات الرئاسية".

وبحسب الصغير، "لا يمكن الحديث حالياً عن مرشح موحد، لأن الخطاب شيء والواقع شيء آخر، ونحن نطالب منذ أشهر بهذا الأمر، ونأمل تحقيق هذا الهدف، ولكن يبدو أن الواقع عكس المنشود". وأضاف أنه "يؤمل أن يكون المرشحون جديين ولهم برنامج ورؤى ومقبولية".

وحول إمكانية ترشيح أحد المعتقلين السياسيين، رد الصغير بأن "هذا الأمر لم يتم الحسم فيه، والنيّة قد تكون ترشيح شخصية من خارج السجن ولكن المعتقلين متمسكون بحقوقهم المدنية ولا مانع في ذلك ولكن النقاشات لا تزال مفتوحة للتباحث".

المساهمون