جيش الاحتلال الإسرائيلي يواصل استعداداته لتوغل بري محتمل للبنان بعد اغتيال نصر الله

29 سبتمبر 2024
خلال نقل دبابة إسرائيلية نحو الحدود اللبنانية، 28 سبتمبر 2024 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- التوغل البري المحتمل في لبنان: لم تتخذ إسرائيل قراراً نهائياً بشأن التوغل البري في لبنان، مع تباين الآراء حول الحاجة إليه بعد اغتيال حسن نصر الله. بعض الجهات تدعو للتروي، بينما يدفع الجيش نحو العملية لتعزيز الجهوزية والاستعدادات.

- أهداف ومبررات التوغل: الجيش الإسرائيلي يرى أن التوغل البري سيسمح بتدمير البنية التحتية لحزب الله، مما يعزز قدرة الردع وإعادة سكان الشمال إلى منازلهم، مستفيداً من الخبرة المكتسبة في غزة والمعلومات الاستخبارية المحسنة.

- آراء وتحليلات: هناك دعم واسع من مسؤولين ومحللين عسكريين وسياسيين لفكرة التوغل البري، معتبرين أنه الطريقة الفعالة لاجتثاث حزب الله وضمان أمان المستوطنات الإسرائيلية، مع تأكيد أن الضربات الجوية وحدها لا تكفي.

لم يكشف الاحتلال الإسرائيلي بعد عن قراره بشأن تنفيذ توغل بري في الأراضي اللبنانية، تدور أنباء على أنه سيكون محدوداً، وسط تدارس مستمر لمدى "حاجة" إسرائيل إليه بعد اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله وما قد يترتب عليه من خسائر بالأرواح وأخرى مادية، واستذكار تجارب سابقة في لبنان. وفي حين تدعو بعض الأصوات للتروي قبل الإقدام على هذه الخطوة التي يصعب توقع تبعاتها على مختلف المستويات، تدفع جهات أخرى، منها في الجيش، نحوها. وذكرت صحيفة معاريف العبرية، اليوم الأحد، أن إسرائيل لم تتخذ قراراً نهائياً بعد إن كانت ستنفذ غزواً برياً كاملاً، ناقلة عن مسؤولين إسرائيليين أنه في حال الشروع في اجتياح بري، فقد يكون محدوداً من حيث نطاقه.

ونقل موقع والاه العبري نفي مسؤولين في الجيش بدء تحركات لتوغل بري داخل لبنان، لكنه أشار نقلاً عن مصادره إلى أن "اليومين الماضيين شهدا تعزيزاً للجهوزية، استعداداً لاحتمال اتخاذ المستوى السياسي قراراً بعملية برية كاملة أو جزئية في جنوب لبنان"، مضيفين: "بما أن الهدف الأساسي هو إعادة عشرات الآلاف من نازحي الشمال إلى منازلهم، فلا يمكن الاكتفاء فقط باغتيال قادة حزب الله (من الجو)".

ويرى جيش الاحتلال، بحسب ما نشرته صحيفة هآرتس العبرية، ليل السبت، أن العدوان على لبنان يجب أن يستمر، "بل ويؤيد إجراء مناورة برية، لأنها في رأيه الطريقة الوحيدة التي يمكن من خلالها إعادة سكان الشمال إلى منازلهم". وبحسب الجيش: "إذا توقّف القتال في هذه المرحلة، فستتمكن إيران من إعادة بناء قدرات حزب الله التي تضررت بشكل كبير في الأسبوعين الماضيين". كما نقلت الصحيفة عن مسؤولين في المؤسسة الأمنية، لم تسمّهم، قولهم إن "نافذة زمنية محدودة قد فُتحت الآن لتوغل بري، وهو ما قد يضيع إذا تمكّن التنظيم من التعافي وإعادة تأهيل نفسه من الضربات التي تعرض لها".

ويزعم جيش الاحتلال الإسرائيلي أن قواته البرية "اكتسبت الكثير من الخبرة خلال (أكثر من) 11 شهراً من القتال في قطاع غزة، ولديها ثقة في قدرتها على القيام بذلك في لبنان أيضاً"، كما توضح المؤسسة الأمنية أن المعلومات الاستخبارية التي تم جمعها عن لبنان في السنوات الأخيرة "بجودة أعلى بكثير من تلك التي كانت لدى إسرائيل حول حركة حماس في قطاع غزة"، وأن تنفيذ غزو بري في لبنان سيسمح للاحتلال بـ"تدمير البنية التحتية العسكرية لحزب الله، وهو ما سيسمح لسكان الشمال بالعودة إلى منازلهم بأمان تام". كما يزعم المسؤولون أن "الاستمرار بتوجيه ضربات لحزب الله سيتيح استعادة قدرة الردع للجيش الإسرائيلي، التي تلقت ضربة قاسية في 7 أكتوبر".

تحريض على غزو لبنان بعد اغتيال نصر الله

مراسل ومحلل الشؤون العسكرية في صحيفة يديعوت أحرونوت، يوسي يشوع، كتب اليوم أن اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله "لم يُعد سكان الشمال إلى منازلهم، لذلك حتى بعد الضربات القاسية التي تلقّاها حزب الله، فإن الطريقة الفعالة لاجتثاث البنى التحتية والوسائل العديدة التي تم بناؤها هناك خلال 18 عاماً من تعاظم القوة، هي عملية برية محدودة". ولا يقتصر ذلك على يشوع فقط، ولكنه رأي سائد في أوساط عدة مسؤولين ومحللين عسكريين وسياسيين يدعمون الاجتياح البري.

كما نقل عن مسؤول رفيع في الجيش لم يسمّه، قوله إن "إجراء مناورة برية سيطمئن السكان (في الشمال)، الذين سيرون أن الجيش قادر على الدخول إلى لبنان ليمنحهم الأمان الذي يستحقونه. وعندما تتوصّل الأطراف إلى اتفاق، سيكون الجيش هو من ينفذه، ولن يضطر سكان خط المواجهة للاعتماد على قوة دولية تفتح النار على قوات الرضوان"، في إشارة إلى قوات النخبة في حزب الله.

في الأثناء، دعا يائير جولان، رئيس حزب الديمقراطيين، وسبق أن شغل منصب نائب رئيس هيئة أركان الجيش، خلال فيديو قصير نشره عبر منصات التواصل الاجتماعي اليوم، إلى احتلال أراض في لبنان خلال تواجده في مستوطنة كفار جلعادي المحاذية للحدود اللبنانية الجنوبية. وقال: "أنا أقف حالياً في كفار جلعادي، ونحن نرى على التلال منازل العدسية (جنوبي لبنان)، حيث يجب أن يجلس الجيش الإسرائيلي حتى لا يكون هناك تهديد على المستوطنة. هل يوجد أبسط من ذلك؟".

"محو" قرى لبنانية جنوبية

أما في صحيفة معاريف، فأشار الصحافي والكاتب أفرايم غنور، قبل أيام قليلة، إلى تقرير لجنة فينوغراد، التي تشكّلت في أعقاب حرب تموز أو ما تسميها إسرائيل حرب لبنان الثانية عام 2006، التي تلقّت فيها إسرائيل وجيشها خسائر فادحة، وكذلك حزب الله. واقتبس غنور مما جاء في التقرير: "كانت هناك ثقة زائدة بقوة سلاح الجو. شعور خاطئ بأن الحل سيكون جوياً"، مضيفاً، بحسب رأيه: "من المهم جداً الرجوع إلى هذه الحقائق... وواقعياً ليس من الممكن تغيير الواقع وإعادة سكان الشمال إلى منازلهم بدون مناورة برية واسعة النطاق وذكية للجيش الإسرائيلي داخل الأراضي اللبنانية".

وتابع: "لقد علّمنا التاريخ أن أعداءنا اللدودين لا يفهمون معنى القوة بطريقة ملموسة وواضحة، إلا عندما يرون دبابات الجيش الإسرائيلي وجنوده يستولون على الأراضي التي كانت تحت سيطرتهم. لا مفر من التحرك البري فوراً في مناورة محدودة على الليطاني، وهي مسافة ستكون كافية لإنشاء منطقة أمنية فعالة من أجل إعادة السكان إلى الشمال، وإذا استمر حزب الله بإطلاق الصواريخ والطائرات بدون طيار باتجاه أراضينا، ستمحو إسرائيل من على وجه الأرض قرى معادية، مثل كفركلا والعديسة ومركبا".

ونقلت ذات الصحيفة عن اللواء في الاحتياط غادي شيمني، قائد لواء المنطقة الوسطى الأسبق، قوله لإذاعة 103 العبرية اليوم: "ليس هناك نية للقضاء على حزب الله، ولم يتم تحديد ذلك (هدفاً) للجيش الإسرائيلي، لأن هذا يعني احتلال كل لبنان وبقاءً طويلاً فيه، ولكن حتى حينها ليس مضموناً أن حزب الله قد يُهزم". وأضاف: "لا توجد إمكانية لإلحاق الهزيمة (بالحزب) بالضربات الجوية، ومن الممكن اغتيال القادة، وضرب أهداف استراتيجية، ولا يمكنك هزيمة منظمة بدون وجود قوات على الأرض. حتى ما زلنا بعيدين عن إخضاع حماس، لأن إخضاعها فيه متغيرات كثيرة، ولا يقتصر على النجاح العسكري فقط، بل العمل السياسي، ومن سيحكم". وتابع: "أعتقد أن الدولة ليس أمامها مفر، يجب التعامل مع التهديد في الشمال، وأعتقد أنه لن يكون هناك خيار سوى القيام بعملية برية تطهّر منطقة جنوب لبنان بأكملها، القرى الجنوبية القريبة جداً من الحدود".

المساهمون