كشفت صحيفة "هآرتس" العبرية، اليوم الثلاثاء، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي بدأ التحقيق في عشرات الحالات التي نفذ فيها جنود إسرائيليون انتهاكات بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، في خطوة تأتي على خلفية قرار محكمة العدل الدولية فرض تدابير مؤقتة في القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا على إسرائيل بتهمة ارتكاب إبادة جماعية في قطاع غزة.
وبحسب الصحيفة، فإن الحديث يدور عن جرائم تسببت بنتائج صعبة، على مستوى قتل مدنيين فلسطينيين وأطفال وإضرار بالأملاك.
يُذكر أنه سيتوجب على إسرائيل، بعد أقل من شهر، تسليم محكمة العدل الدولية تقريراً حول عمليات جيشها في قطاع غزة، وتقديم شرح حول كيفية قيام الجيش الإسرائيلي بالتصرف عندما تكون هناك شبهات لعمليات تتنافى مع القانون الدولي.
وبحسب "هآرتس"، فقد عمل الفريق الذي شكّله الجيش الإسرائيلي في الأيام الأخيرة، على تحديد جميع الوقائع التي وصفت بأنها "استثنائية" ومعروف أنها جرت خلال الحرب وجرى النشر حولها، وجرى تصنيف القضايا وفق أولويات معيّنة، حسب مستوى التحقيق المطلوب بشأن سلوك الجنود والضباط.
وفي نهاية عمله سيسلّم الفريق للنيابة العسكرية رأيه إنّ كان هناك مكان لفتح تحقيق بشأن الأحداث التي يجري رصدها، وهي التي ستقرر في ذلك.
وذكرت الصحيفة أن "معظم الحالات التي قام الفريق بمسحها هي حالات قُتل فيها أعداد كبيرة من الأبرياء، أو شهدت إلحاق أضرار بالغة بمنشآت حساسة مثل المستشفيات والمؤسسات التعليمية ومؤسسات سلطوية في قطاع غزة".
ويهدف التحقيق إلى فحص إن كانت هذه العمليات قد جرت وفق أوامر جيش الاحتلال والقانون الدولي.
وأكدت الصحيفة أن كبار المسؤولين في الجيش الإسرائيلي يدركون أهمية خطوة من هذا النوع، في إطار الاستعدادات لاحتمالات محاكمة جنود في أعقاب ارتكابهم جرائم، كما أنهم يدركون أن الحرب الحالية تختلف جوهرياً عن جميع الحروب التي سبقتها، من حيث شدتها وطولها وأيضاً على مستوى القانون الدولي.
وأشارت الصحيفة إلى أن مسألة أهمية الالتزام بالقانون الدولي، تُطرح بشكل مستمر في كل مكالمة بين مسؤولين أميركيين وإسرائيليين.
وبسحب "هآرتس"، يحاول رئيس هيئة الأركان هرتسي هليفي، وكبار الضباط في الجيش الإسرائيلي، أن يوضحوا ذلك لضباط القوات الموجودة في الميدان، لكن هؤلاء يدّعون بأنه لا يمكن الإشراف على كل جندي وكل ضابط يقرر العمل بدوافع ذاتية بخلاف الأوامر.
وكان هاليفي قد أعلن في بداية الحرب أن إجراء التحقيقات المعمّقة في الوقت الذي توجد فيه قوات كبيرة داخل قطاع غزة، سيكون خطوة خاطئة وقد يؤدي إلى صرف أنظار الضباط عن أدائهم العملياتي، فيما يدرك الجيش أنه في ظل تقليص كثافة وشدة الحرب، يمكن الآن إجراء تحقيقات معمّقة أكثر، ودعوة ضباط من أجل تقديم شهاداتهم دون أن يمس ذلك بقيامهم بدورهم في الحرب.
ومن بين الجرائم التي سيقوم جيش الاحتلال الإسرائيلي بفحصها، تفجير مبنى جامعة فلسطين قرب مدينة غزة، في الشهر الماضي، من قبل القوات الهندسية، بحسب الصحيفة. ويتطلب تفجير مؤسسات تعليمية في الحرب مثل الجامعات والمدارس وروضات الأطفال موافقة خاصة من رئيس هيئة الأركان.
ويزعم مكتب رئيس هيئة الأركان والقيادة الجنوبية في جيش الاحتلال بأنهما لم يعلما عن الحادثة إلا من وسائل الإعلام، وقالا إنّ التفجير جاء دون الحصول على الموافقة المطلوبة من أجل ذلك.
ويحاول الجيش الإسرائيلي من خلال هذه الخطوات حماية نفسه وجنوده وإظهار وكأنه يهتم بإجراء تحقيقات داخلية، ولا يوافق على قتل المدنيين والأبرياء في قطاع غزة، ولا هدم مباني مثل هذه المؤسسات.
وكانت صحيفة "هآرتس" ذاتها قد كشفت، مطلع فبراير/ شباط الجاري، أن الجيش الإسرائيلي بدأ في الأسابيع الأخيرة توسيع ظاهرة إحراق منازل مدنيين في قطاع غزة بأوامر من ضباط القوات الموجودة في الميدان.
وأحرق الجنود عدداً من البيوت والمباني خلال الشهر الأخير، مع الحرص على إبقاء النيران مشتعلة في محتوياتها وجعلها غير صالحة للسكن أو للاستصلاح في وقت لاحق.