الاحتلال الإسرائيلي يخشى وحول غزة في ظل انعدام استراتيجية واضحة

06 نوفمبر 2023
ناهز عدد الشهداء في غزة العشرة آلاف (بشار طالب/فرانس برس)
+ الخط -

تجد دولة الاحتلال الإسرائيلي صعوبات حتى اليوم في عرض استراتيجية واضحة لما سيكون عليه الوضع في قطاع غزة بعد الحرب في حال حققت أهدافها بالقضاء على حكم حركة حماس، ولا تملك إجابة واضحة عما إذا كانت ستتمسك باغتيال قيادات الحركة، أو ستكتفي بصفقة لنفيهم من القطاع، بحسب ما أوردته صحيفة هآرتس العبرية مساء أمس الأحد.

ونقلت الصحيفة عن مصدر أمني لم تسمّه قوله إن إسرائيل ستصرّ على السيطرة الأمنية في قطاع غزة في اليوم الذي يلي الحرب، مضيفاً: "أنا لا أرى وضعاً لا تكون فيه لإسرائيل المسؤولية الأمنية العليا في غزة".

وحول قضية المحتجزين، ذكرت الصحيفة أنّ المستوى السياسي في إسرائيل لديه معلومات جزئية حول وضعهم وأماكن وجودهم، وبحسب التقديرات الإسرائيلية فإن الغالبية المطلقة منهم على قيد الحياة.

وعلى الرغم من الاتصالات المكثفة التي تقودها دولة قطر، فإن المستوى السياسي الإسرائيلي يعتقد أنه لا تلوح في الأفق القريب صفقة تؤدي إلى الإفراج عن الأسرى والمحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة، وتعتقد هذه الأوساط أن احتمال التوصل إلى اتفاق من هذا النوع هو احتمال ضئيل، وكان هذا من دوافع العملية البرية، بحسب ادعاء المسؤولين الإسرائيليين.

إلى جانب ذلك، تعتقد إسرائيل أن زيادة الضغط العسكري على حركة حماس في الأيام الأخيرة قد تؤدي إلى موافقتها على إطلاق سراح الأسرى والمحتجزين.

ونقلت الصحيفة عن المصدر عينه قوله: "نحن نرى شيئاً ما، لكنه لم ينضج بعد"، مضيفاً أن المستوى السياسي في إسرائيل لا يستبعد إمكانية هدنة إنسانية، لكنه يؤكد أن هذا لن يحدث من دون إطلاق سراح الأسرى.

وحول دور السلطة الفلسطينية مستقبلاً في قطاع غزة، تقول الصحيفة إنه غير واضح بعد، ذلك أن حكومة الاحتلال الحالية تنظر إليها كجهة "متطرفة تريد إبادة إسرائيل"، وتجد دولة الاحتلال الإسرائيلي صعوبة في اتخاذ قرار بشأن دور السلطة، وإن كانت جزءاً من القيادة المستقبلية في قطاع غزة.

وترى إسرائيل أن الخسائر في صفوف جنودها قليلة مقارنة بحروب سابقة، وتعزو ذلك إلى ما وصفته بالنجاح في أمور عدة، من بينها عمل القوات الإسرائيلية بطريقة التقدم البطيء لعدد كبير من الجنود، ما يسمح باشتباك مباشر مع المقاومين، وفق ما جاء في الصحيفة.

سباق مع الزمن

في سياق متصل، يرى المحلل العسكري في صحيفة هآرتس عاموس هرئيل أن الصبر الأميركي على العملية العسكرية البرية الإسرائيلية قد ينفد خلال أسابيع قليلة، ويرى أن المساحة التي منحها الرئيس الأميركي جو بايدن لإسرائيل بدأت تتقلص.

وقال هرئيل، في مقال تحليلي، اليوم الاثنين، إنه ليس أمام إسرائيل الكثير من الوقت من أجل الحرب ضد "حماس" في قطاع غزة، حتى لو كان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن يوآف غالانت، ومسؤولون إسرائيليون آخرون يتحدثون عن حرب قد تستمر لوقت طويل، ويتعهدون بالقضاء على حكم "حماس" في غزة، وقتل رئيس مكتبها السياسي في القطاع يحيى السنوار.

وأشار الكاتب إلى أنه لا يمكن التغاضي كلياً عن تأثير الحرب على الساحة الدولية، وأن الولايات المتحدة لديها حسابات أخرى يجب أن تأخذها إسرائيل في الاعتبار.

ونقل الكاتب عن مصادر إسرائيلية لم يسمّها أن الولايات المتحدة قد تتوقف عن دعمها المطلق لإسرائيل، وأن المسألة باتت مسألة وقت.

وأشار إلى أن واشنطن تخشى غياب خطة واضحة لدى إسرائيل للعمليات الإسرائيلية في قطاع غزة، كما أشارت إلى أن نتنياهو يرفض منذ فترة طويلة مناقشة الوضع النهائي الذي يتطلع إليه مع انتهاء الحرب، وأنه يركّز على وعوده بالقضاء على حكم "حماس"، لكنه لا يتحدث عن كيفية حصول ذلك، في حين أن معظم جهود جيش الاحتلال الإسرائيلي تتركز في هذه الفترة على شمال القطاع.

وذكر الكاتب أن بايدن قد يتأثر باستطلاعات الرأي في الولايات المتحدة، ورفض أوساط أميركية واسعة قتل المدنيين الفلسطينيين في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

مخاطر أكبر في الشتاء

وذكر هارئيل أيضاً أن توغّل القوات الإسرائيلية في العملية البرية في مدينة غزة يعزز إلى حد كبير المخاطر واحتمالات الوقوع في أخطاء، وازدياد احتمالات قتل المدنيين بسبب الكثافة السكانية في المنطقة التي تدار فيها الحرب.

ولفت الكاتب إلى تحديات أخرى ستواجه جيش الاحتلال الإسرائيلي في المرحلة المقبلة وخططه، من ضمنها تغيّر الأحوال الجوية، ما قد يؤثر على عملياته. فضلاً عن ذلك، فإن ظروف الحياة في غزة صعبة جداً قبل أن يصل الشتاء إلى المنطقة، وسيغرق القطاع بعد أسابيع عدة بالوحل بسبب الشتاء، وأيضاً بسبب الدمار الهائل هناك، ما يخلق صعوبة في الحفاظ على البنية التحتية والمياه والصرف الصحي.

وأشار أيضاً إلى أن العديد من الجثث لا تزال تحت الركام، وكل هذا قد يؤدي إلى أزمة صحية كبيرة وانتشار أمراض وبائية. وتعزز هذه الاحتمالات الكثافة السكانية العالية في جنوب القطاع، بسبب تهجير جزء كبير من المجتمع الغزي إليه بناء على الطلب الإسرائيلي.

في غضون ذلك، عرض الجنرال في جيش الاحتياط غيورا أيلاند في مقابلة مع القناة 12 الإسرائيلية، قبل يومين، صوتاً متشائماً بالنسبة لإسرائيل، وأشار إلى "غياب أي مؤشرات إلى انكسار حركة حماس. نحن نراهم يقومون بعمليات متناسقة ومعقّدة من خلال طائرات مسيّرة وقذائف هاون وصواريخ مضادة للمدرعات. هؤلاء ليسوا أفراداً يدافعون عن حياتهم، بل نظام يعمل بشكل متكامل".

تابع أيلاند أنّ "حماس لا تزال قادرة على تحريك قواتها من مكان إلى آخر، وتسيطر على الأقل على 80% من الأنفاق تحت الأرض، كما تردّ بسرعة على تحركات وعمليات الجيش الإسرائيلي. غزة لا تزال أكبر وجهة متحصّنة في العالم".

حكم فلسطيني للقطاع

وفي "هآرتس" أيضاً، كتب الصحافي الإسرائيلي رفيف دروكر، اليوم الاثنين، مشيراً إلى أن "على إسرائيل أن تعلن بشكل واضح عدم نيتها احتلال قطاع غزة أو البقاء فيه بعد الحرب، وأنها معنية بنقل السلطة إلى جهة فلسطينية شرعية، على ألا تكون حماس جزءاً منها".

ويرى الكاتب أن إسرائيل لديها خيار واحد فقط في هذا السياق، هو محاولة المساعدة في إقامة "حكم فلسطيني شرعي يحكم القطاع". ويعتقد الكاتب أنه "لا مفر من أن يكون الحكم فلسطينياً في القطاع" وأن على إسرائيل "الموافقة على إطلاق سراح مروان البرغوثي في حال انتخب لرئاسة السلطة الفلسطينية".

ويشير الكاتب إلى أنه "ليس لدى الفلسطينيين قائد شرعي أكثر منه، وربما يكون الوحيد القادر على حكم قطاع غزة أيضاً من دون أن يُفسر ذلك من قبل الفلسطينيين على أنه تعاون مع إسرائيل".

المساهمون