الاحتلال الإسرائيلي يتهم لبنان بتغيير موقفه سبع مرات بشأن ترسيم الحدود البحرية

20 نوفمبر 2020
لبنان ينفي صحة الادعاءات الإسرائيلية (حسين بيضون)
+ الخط -

اتهم الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الجمعة، لبنان بتغيير موقفه بشأن ترسيم الحدود البحرية في المتوسط، محذراً من احتمال أن تصل محادثات الترسيم إلى "طريق مسدود" وتتسبب في عرقلة مشاريع التنقيب عن المحروقات في عرض البحر.

وقال وزير الطاقة الإسرائيلي، يوفال شطاينتس، في تغريدة على "تويتر": "لبنان غيّر موقفه بشأن حدوده البحرية مع إسرائيل سبع مرات"، مضيفاً أنّ "موقفه الحالي لا يتعارض مع مواقفه السابقة فحسب، بل يتعارض أيضاً مع موقف لبنان على الحدود البحرية مع سورية التي تأخذ في الاعتبار الجزر اللبنانية القريبة من الحدود".

وتابع "من يريد الازدهار في منطقتنا ويسعى إلى تنمية الموارد الطبيعية بأمان عليه أن يلتزم مبدأ الاستقرار وتسوية الخلاف على أساس ما أودعته إسرائيل ولبنان لدى الأمم المتحدة"، مهدداً أنّ "أي انحراف عن ذلك سيؤدي إلى طريق مسدود وخيانة لتطلعات شعوب المنطقة".

وسارعت الرئاسة اللبنانية إلى الردّ على الاتهامات الإسرائيلية. واعتبرت في بيان صدر عن مكتب الإعلام، اليوم الجمعة، أنّ كلام شطاينتس "عن أنّ لبنان "بدّل مواقفه في موضوع الحدود البحرية الجنوبية سبع مرات" لا أساس له من الصحة".

وأكّدت أن "موقف لبنان ثابت من موضوع الترسيم البحري للحدود الجنوبية وفقاً لتوجيهات الرئيس (ميشال) عون للوفد اللبناني المفاوض، لا سيما لجهة ممارسة لبنان حقه السيادي".

وأتت تصريحات شطاينتس بعد إعلان الرئيس اللبناني، أمس الخميس، أنه أبلغ قائد القوات الدولية العاملة في الجنوب الجنرال استيفانو دل كول بأن ترسيم الحدود البحرية يتم على أساس الخط الذي ينطلق برّاً من نقطة رأس الناقورة استناداً إلى المبدأ العام المعروف بالخط الوسطي من دون احتساب أي تأثير للجزر الساحلية الفلسطينية المحتلة.

وأعرب عون عن أمله في أن تثمر المفاوضات الجارية فيسترجع لبنان جميع حقوقه بالاستناد إلى القوانين الدولية، مؤكداً في المقابل  ضرورة تصحيح "الخط الأزرق" ليصبح مطابقاً للحدود البرية المعترف بها دولياً.

 

واحتدم النقاش في الجلستين الأخيرتين بين الوفدين اللبناني والإسرائيلي، حيث بدأت معركة الخطوط التي عمّقت الخلافات، ووضعت مصير المفاوضات في دائرة المجهول، وسط حديث يُثار عن أن لبنان يحاول الاستفادة من عامل خسارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وانتقال الإدارة الأميركية إلى جو بايدن الأقلّ تشدداً من سلفه.

وكان مصدر متابع للمفاوضات قد نفى، في حديث لـ"العربي الجديد"، هذه المعلومات، واكتفى بالتأكيد أنّ الوسيط الأميركي، سواء مع ترامب أو بايدن، هو حتماً منحاز إلى العدو الإسرائيلي، والولايات المتحدة تضع مصلحة إسرائيل فوق كلّ اعتبار.

وقال الباحث في قضايا المياه والحدود، عصام خليفة، في تصريح سابق لـ"العربي الجديد"، إنّ هناك موقفين يتصارعان، الأول لبناني ويرتكز على الاتفاقيات الدولية والقانون الدولي للبحار، وينطلق الخطّ من رأس الناقورة، في حين أن وفد العدو الإسرائيلي يحاول "التشاطر والتذاكي"، من خلال تغيير نقطة الانطلاق البحرية من رأس الناقورة شمالاً، على بعد ثلاثين متراً بهدف كسب مساحات في البحر.

وأضاف خليفة: "لبنان قدّم خطوته البحرية، وطالب بحقوقه جنوب المنطقة، بينما العدو الإسرائيلي كان يتوقع أن يرتكز النقاش على 860 كيلومتراً مربعاً وما يسمّيه خطّ هوف. مع لحظ صخرة تخليت، التي تعتبرها إسرائيل جزيرة بينما هي صخرة ليست مسكونة وغير قابلة للسكن ولا تنطبق عليها المادة 121 من اتفاقية البحار الصادرة عام 1982".

ورسم خط "هوف" السفير الأميركي السابق فريدريك هوف، الذي كان يؤدي دور الوسيط الأميركي بين لبنان والاحتلال الإسرائيلي عام 2012، وكان يقضي باقتسام مساحة 860 كيلومتراً مربعاً المتنازع عليها.

وبموجب ذلك، يتراجع الطرف الإسرائيلي بما يقارب الـ60%، فتحوز تل أبيب على 360 كيلومتراً مربعاً من أصل 860، بينما يحصل لبنان على ما يفوق 500 كيلومتر مربع، وكان ذلك قد رُفض من الجانب اللبناني لمطالبته بكامل المساحة التي تعدّ ضمن حدوده وحقوقه المغتصبة.

وبشأن مطالبة الرئيس عون بتصحيح الخط الأزرق، يرى خليفة أنّ "إسرائيل تنطلق من الخط الأزرق الذي لا نعتبره بمثابة خط حدود دولية، وهناك مشكلة حقيقية في ذلك، فما مصير مزارع شبعا التي تؤكد كلّ الوثائق التاريخية لبنانيتها، تماماً كتلال كفرشوبا، وقرية الغجر، والنخيلة؟!".

 

وبدأت المفاوضات التقنية وغير المباشرة، كما يصرّ الوفد اللبناني على حصرها بهذا التعريف، في 14 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، واستكملت في جلستين متتاليتين في 28 و29 أكتوبر/ تشرين الأول، اعتبرتهما مصادر قيادة الجيش اللبناني جولتين منفصلتين، في حين عقدت الجولة الرابعة في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، على أن تعقد جولة خامسة في الثاني من ديسمبر/كانون الأول المقبل، برعاية واستضافة الأمم المتحدة داخل مقرّها في الناقورة، جنوبي لبنان، وبوساطة أميركية عبر سفيرها لدى الجزائر، جون ديروشر، علماً أن هناك حديثاً عن إمكانية تأجيلها نظراً لعدم إحراز أي تقدّم في المفاوضات التي تسيطر عليها الخلافات.