حث الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الجانب الروسي على الانخراط في محادثات جادة وصادقة للوصول من دون تأخير إلى تسوية سلمية. رغم ذلك، يستمر التصعيد العسكري الروسي على الأراضي الأوكرانية، مع توجيه موسكو اتهامات لواشنطن بأنها تعقّد المفاوضات، وهذا مؤشر إلى أن إرساء اتفاق سلام شامل أو التوصل إلى حل وسط بالوسائل الدبلوماسية محفوف بتفاؤل حذر في ظل شعور روسي بأن الوفد الأوكراني مسيّر أميركيا، وليس مسموحاً له بالموافقة على الحد الأدنى من المطالب، وخشية أوروبية من أن تكون موسكو تناور وتستخدم المحادثات تكتيكا لكسب الوقت وإعادة تنظيم قواتها.
وفي هذا السياق، أعرب الخبير في السياسة الخارجية في الحزب المسيحي الديمقراطي رودريش كيزهفتر لشبكة التحرير الألمانية، اليوم الأحد، عن اعتقاده بأنه لم يعد بالإمكان إيجاد حل على طاولة المفاوضات، موضحا "أن الأمل في التوصل إلى حل من خلال المفاوضات ساذج"، وبأن روسيا "تريد أن يعتقد الغرب أن هناك شيئاً يمكن التفاوض عليه"، لكن لا يوجد شيء يعوّل عليه في التفاوض مع بوتين، فمن الواضح منذ مدة طويلة أن هدف روسيا هو تفكيك أوكرانيا وسلب سيادتها.
خبير: يريد بوتين تشتيت الإنتباه عن المفاوضات وإبقاء أوروبا تعيش الأمل بوقف الحرب حتى لا تزود أوكرانيا إلا بالقليل من الأسلحة إيمانا منهم بالحل السلمي
وأضاف "إذا ما استولت القوات المسلحة الروسية على الشريط من خاركيف إلى أوديسا في الشرق، فستستطيع روسيا مراقبة الخط البري حتى شبه جزيرة القرم ودمج المناطق حتى كييف"، مشددا على أنه لو لم تكن روسيا "قوة نووية، لكان الجنود الغربيون انتشروا في أوكرانيا منذ مدة طويلة، وخروج روسيا من أوكرانيا هو السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة، وأي شيء آخر لن يجلب السلام الدائم".
وقال الخبير العسكري غوستاف غروسيل، من مركز أبحاث المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، إن المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا هي في الغالب استعراض، ولا تمكن رؤية أي استعداد لتقديم تنازلات في خطاب بوتين، وهو "يريد فقط تشتيت الانتباه عن المفاوضات وإبقاء أوروبا تعيش الأمل بوقف الحرب حتى لا تزود أوكرانيا إلا بالقليل من الأسلحة إيمانا منهم بالحل السلمي".
في المقابل، تساور الباحث السياسي والخبير في الشؤون الروسية غيرهارد مانغوت، من جامعة أوسنابروك، الشكوك في أن تكون المفاوضات للاستعراض فقط وكسب الوقت، معتقدا "أن روسيا تريد التوصل إلى حل سياسي من خلال التفاوض، لكن الموقف الروسي صارم للغاية، وحتى الآن، ليست على استعداد لتقديم أي تنازلات كبيرة"، لافتا إلى أنه إذا ما استمرت هذه التناقضات والخلافات، فلا فرصة لحل سلمي، وستحاول روسيا إجبار أوكرانيا على الاستسلام عسكريا، مستطردا بأنه ما دامت القوات الأوكرانية مستمرة في صد القوات الروسية وإعاقة تقدمها، فسيواصل بوتين التفاوض.
وفي نفس الإطار، اعتبر الخبير العسكري غروسيل أن شحنات الأسلحة التي وصلت إلى أوكرانيا غيّرت مجرى الحرب بشكل كبير. وشدد على أن أوكرانيا تحتاج الآن، وقبل كل شيء، إلى الصواريخ بعيدة المدى والمضادة للطائرات لصد التهديد الكامن للصواريخ الروسية فوق المدن الأوكرانية، وتوقع موجة جديدة من الهجمات الروسية في إبريل/نيسان المقبل، ما يعني الحاجة إلى تزويد الجيش الأوكراني بسرعة بدبابات وناقلات جند مدرعة ومدفعية وذخيرة.
من جهة ثانية، قالت مديرة العلوم في مركز دراسات أوروبا الشرقية والدولية غويندولين ساسي، لـ"إيه آر دي" الإخبارية، إن مفاوضات حقيقية مع بوتين ممكنة فقط إذا ما زاد السخط داخل صفوف النخبة الروسية، ونمت الاعتراضات داخل المجتمع الروسي، وتراكم الإحباط بشكل واضح داخل صفوف القوات المسلحة الروسية على الأراضي الأوكرانية.
خبير: روسيا تريد التوصل إلى حل سياسي من خلال التفاوض لكن الموقف الروسي صارم للغاية وهي ليست مستعدة لتقديم أي تنازلات كبيرة وإذا ما أستمرت التناقضات والخلافات فلا فرصة لحل سلمي وستحاول روسيا إجبار أوكرانيا على الاستسلام عسكريا
أما المحلل في مركز استوكهولهم لدراسات أوروبا الشرقية أندرياس أوملاند فاعتبر، في حديثه للشبكة نفسها، أن الضغط على روسيا يجب أن يزداد بشكل كبير من خلال عقوبات أكثر صرامة ومزيد من شحنات الأسلحة إلى أوكرانيا، وعندئذ فقط تدرك موسكو أن التكاليف باهظة، وأن فرص الانتصار في الحرب ضعيفة للغاية، وبعدها يمكن أن نشهد مفاوضات جادة.