الإعلام الاسكندنافي يسلّط الضوء على وحشية مرتزقة فاغنر: "جيش بوتين السري" النازيُّ الميول

04 مارس 2022
تقارير إعلامية تبرز الصلات النازية لجيش بوتين السري (Getty)
+ الخط -

يسود اعتقاد واسع لدى خبراء في شؤون روسيا والدفاع أن ما يطلقون عليه "جيش المرتزقة الوحشي الروسي" انتقل للعمل في أوكرانيا

ومنذ ما قبل الغزو، كانت تقارير إعلامية تبرز "الصلات النازية لجيش بوتين السري"، وذلك من خلال دراسة الوشوم التي يحملها مقاتلون في فاغنر. واليوم، يعود تسليط الضوء على هؤلاء المرتزقة ودورهم في أغلب حروب روسيا الخارجية، ومن بينها معارك شهدتها منطقة بوتشا، شمال غربي العاصمة الأوكرانية كييف، قبل أيام. 

إعادة "فاغنر" إلى دائرة الضوء في الأوساط الغربية، سواء البحثية أو التقارير الإعلامية، تستند إلى ربط ما تسميه "وحشية الجيش الصغير والاحترافي" بالكرملين. 

ومن المثير أن نقرأ، على سبيل المثال، مقدمة تقرير لهيئة البث العام الدنماركية "دي آر" يصف شريط فيديو من سورية على وجه الخصوص. على الرغم من أن القناة لا تنشر عادة فيديوهات مؤذية، فقد اختارت أن تشرح في مقطع شريط فيديو يُظهر جنودا من الناطقين بالروسية قاموا بتشويه أسير حرب سوري بوحشية، قبل أن يقطعوا رأسه ويحرقوا جسده في الصحراء السورية. 

وشوم نازية وأسطورية شمالية عن تفوق البيض 

وخلال الفترة الأخيرة، ضبطت تقارير تلاحق عمل المرتزقة الروس والاسكندنافيين صورا وفيديوهات توثق انتشار رموز "الشمال" في صفوف فاغنر، وهي الرموز التي تتعلق بديانات وثقافات الحضارات القديمة في اسكندنافيا، بما فيها تلك التي يستخدمها متطرفون ونازيون جدد لتأكيد تفوق العرق الأبيض. 

وكانت قناة "النرويج" التلفزيونية، وعدد من الصحف الاسكندنافية، قد قدمت "أدلة على الميول النازية لجيش مرتزقة فاغنر". وعاد التلفزيون الدنماركي، الأربعاء الماضي، إلى الحديث عن "الأوشام النازية التي تتبع اعتقادا وثنيا بأن الروس شعب مختار".  

وأشار التقرير، كغيره من مجموعة تقارير سابقة، إلى أن فكرة الانتماء للفكر الاستعلائي العرقي "ليست منتشرة فقط بين متطوعي المرتزقة، بل إن من يقود المجموعة وأسسها في 2014 هو دميتري أوتكين، واسمه الحركي فاغنر، مع وشوم نازية أظهرتها صورة عارية له". وتأكد تقرير للتلفزيون النرويجي من صحة صور الصلات النازية لفاغنر من خلال مجموعة "لاب" الأميركية (Digital Forensic Research Lab).

واحتجت مؤسسات ثقافية اسكندنافية في أميركا خلال السنتين الماضيتين على "سوء استخدام الرموز الشمالية القديمة"، ورغم ذلك استمر مرتزقة فاغنر في وضعها إلى جانب رسوم القوات الخاصة النازية "أس أس"، على العربات العسكرية المنتشرة في أكثر من مكان تتدخل فيه موسكو عسكريا. 

وبالنسبة للباحث المتخصص في جماعة فاغنر نيكلاس مولر ريندبو، والذي كانت أطروحته للدكتواره عن الجماعة نفسها، فإن إنشاء فاغنر جاء "بقصد العمل لتتبع الجماعات المتمردة وأي شخص يبتعد عن سياسات موسكو، ومجموعة فاغنر مسؤولة عن تصفية كثيرين".

وتوسعت أعمال المرتزقة خلال العقد الأخير، بعدما انخرطت في المرة الأولى في اجتياح شبه جزيرة القرم في 2014، إلى سورية وليبيا والسودان وجمهورية أفريقيا الوسطى، وأخيرا إلى مالي، بحسب ما يؤكده متخصصون يتتبعون أنشطة روسيا في الخارج. 

وظهر مؤسس المجموعة، أوتكين، في صور له وهو يحمل وشوما متطابقة مع تلك التي كانت على سترات العسكريين النازيين، وهو في الأصل أوكراني خدم في القوات الخاصة الروسية وأجهزة استخباراتها، على ما تذهب إليه التقارير الغربية.  

وشكلت الصلات النازية والتطرف لدى فاغنر قبيل الحرب الأوكرانية حالة قلق أمني لدى معظم أجهزة الاستخبارات في أوروبا الشمالية. وبحسب تقرير موسع للتلفزيون النرويجي بعنوان "مقاتلو الأسد النازيون"، فقد حذرت على الأقل أجهزة الاستخبارات في استوكهولم وأوسلو وكوبنهاغن من أن جماعة فاغنر باتت جاذبة للمتطرفين البيض للتحول إلى مرتزقة. 

ويؤكد كبير الباحثين في المركز الدنماركي للدراسات الدولية، دييس، والمتخصص بالشأن الروسي فليمنغ سبليدبويل، لـ"العربي الجديد"، أنه لن تكون مفاجأة له انخراط فاغنر في أوكرانيا، مضيفاً "لقد حصلت على معلومات موثوقة عن ذلك". 

ويكاد يتفق معظم المتابعين من خبراء الشؤون الروسية في اسكندنافيا على أن "إنكار (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين أن دولته تستخدم مرتزقة فاغنر لا يغير في الحقيقة شيئا، فهؤلاء (فاغنر) يظهرون بشكل غامض في كل مكان أرادت فيه روسيا استعراض عضلاتها دون العلم الروسي". ويؤكد الباحث السابق في أكاديمية الدفاع في كوبنهاغن، ريندبو، للتلفزيون الدنماركي، أن فاغنر باتت منتشرة في أوكرانيا. 

وكانت الصحافة الدولية، قبيل الغزو الروسي لأوكرانيا بأيام قليلة، قد ذكرت أن فاغنر على أهبة الاستعداد للوصول إلى كييف، ومن بينها "ذا تايم" البريطانية ونيويورك تايمز، في 22 فبراير/شباط الماضي. 

الاتحاد الأوروبي، وعلى ضوء التقارير الموثوق بها، ذهب خلال العام الماضي إلى وضع فاغنر على قوائم العقوبات، وذلك على خلفية أعمال العنف وانتهاكات حقوق الإنسان في الشرق الأوسط وأفريقيا وأوكرانيا. 

عودة الربط بين دائرة بوتين المقربة، وخصوصا من يطلق عليه "طباخ (طاهي) بوتين" يفغيني بريغوزين، ومرتزقة فاغنر، ليست أمرا مريحا للكرملين، في حال فعلا توجه الغرب للنبش في جرائم ارتكبت في سورية وغيرها. 

ويرى بعض الباحثين أنه "نظرا لحجم فاغنر، التي تفاخر بأنها تضم بين 50 و200 ألف شخص في صفوفها، والأقرب أنهم بين 30 و50 ألفا، فإنه لا يمكن أن تضم الآلاف دون أن تدري بهم وبعملهم دوائر الكرملين، وثيقة الصلة بهم وبالاستخبارات الروسية"، بحسب ريندبو.

وعلى الرغم من أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ودوائر إعلامية مقربة، كثفت خلال الأيام السابقة الحديث عن "النازية الجديدة" في أوكرانيا، فإن أدلة صلات فاغنر بالأفكار والرموز النازية ونظريات التفوق العرقي تضع الرواية الروسية على المحك.

ونظرا إلى أن معظم الجرائم المنسوبة، بالتوثيق والأدلة التي تنتشر هذه الأيام على نطاق واسع، ترتبط بانتهاكات فظيعة في سورية، كالقول إنه "سبق أن زرعوا ألغاما في مناطق سكنية في سورية وأظهرتهم مقاطع فيديو يشوهون سجينا (سورية)"، فإن في ذلك ربما محاولة غربية متجددة للربط بين بوتين شخصيا وتلك الجرائم.

المساهمون