الإرادة الأميركية الغائبة عن الحلّ السوري

21 يوليو 2024
خلال تظاهرة إحياء لذكرى الثورة، إدلب مارس 2022 (عز الدين قاسم/الأناضول)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **غياب الإرادة الدولية:** الحل السياسي في سوريا يتعثر بسبب غياب الإرادة الأمريكية لتطبيق قرارات مجلس الأمن، خصوصاً القرار 2254، رغم اعتراف واشنطن بجرائم النظام السوري.

- **موقف واشنطن:** تدعم الولايات المتحدة المبادرات التي توثق جرائم النظام وتؤيد الحل السياسي وفق القرار 2254، لكنها لم تمارس ضغوطاً كافية لتحريك العملية السياسية.

- **تأثير العقوبات:** العقوبات الأمريكية لم تؤثر على النظام السوري لتقديم تنازلات، بل أظهرته بمظهر المتحدي، مما يعقد الحل السياسي ويجعله مرتبطاً بمصالح الدول المتدخلة.

باتت عبارة "عدم توافر إرادة دولية للحل" اللازمة التي يكاد لا يخلو منها أيُّ حديثٍ عن الحل السياسي في سورية. ولا يخفى على أحد أن الإرادة الدولية لحل القضية السورية ترتكز، في معظمها، إن لم يكن كلها، على غياب إرادة أميركية في تطبيق الحل الموجود أصلاً في قرارات واضحة لمجلس الأمن، وخصوصاً القرار 2254 ناظم هذه العملية. ورغم اعتبار واشنطن النظام السوري أنه ارتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، واستخدم ضد مواطنين سوريين أسلحة محرّمة دولياً، ورغم إصدار الولايات المتحدة قوانين فرضت بموجبها عقوباتٍ اقتصادية على النظام، وعلى أفراد متعاونين معه، إلا أن نظرة الولايات المتحدة إلى الحل السياسي للقضية السورية لا تزال تقوم على الإبقاء على حالة الاستعصاء العسكري والسياسي، من خلال مقاربةٍ ظاهرُها منطقي، فيما تشي تفاصيلها بأنها مستحيلة التطبيق.

موقف واشنطن من الحل السياسي في سورية، بحسب ما أكّد مدير المنصّة السورية في السفارة الأميركية في أنقرة، نيكولاس غرانجر، في ندوة الاسبوع الماضي في إسطنبول، يقوم على دعم (وتمويل) المبادرات والمنظمات التي توثق جرائم النظام، وعلى تأييد الحل السياسي وفق مرجعية القرار 2254، مع تأكيد أن يكون الحل سوريّاً، أي بناء على توافق السوريين من خلال اجتماعات هيئة التفاوض السورية التي تجمع النظام والمعارضة ومنصّات مجتمع مدني، وبتيسير من الأمم المتحدة. لكن هذه الآلية جرى من خلالها إفراغ نص قرار مجلس الأمن من محتواه، عبر تقسيمه إلى أربع سلال، لم تنتج منذ تأسيس الهيئة عام 2015 أي خطوة على طريق تطبيق الحلّ السياسي، بسبب عدم تجاوب النظام، وعدم وجود آلية يمكن أن تجبره على التجاوب مع هذا الحلّ، ما يعني أن يبقى الحل معلقاً إلى ما لا نهاية، في حال بقي النظام على تعنّته.

في المقابل، لم تمارس الولايات المتحدة أي ضغوطٍ لتحريك هذه العملية، واكتفت بعقوبات لم تؤثر على النظام لناحية تقديم أي تنازل، بل على العكس أظهرته أمام جمهوره بمظهر البطل المتحدّي للإرادة الأميركية. كما غضّت واشنطن الطرف عن تحوّل مسار أستانة من مسار عسكري إنساني لخفض التصعيد إلى مسار سياسي يعمل على حلِّ سياسي وفق مصالح الدول الراعية له (روسيا، وإيران، وتركيا)، كما غضّت الطرف عن التحوّل بسياسات بعض الدول، خصوصاً العربية، نحو تطبيع العلاقات مع النظام، وأيّدت مبدأ خطوة بخطوة الذي يهدف إلى تقديم محفّزات للنظام مقابل تغيير سلوكه، وهو توجّه يخالف القرار 2254 الذي ينصّ صراحة على إنشاء هيئة حكم انتقالي ودستور جديد وانتخابات برقابة أممية. من شأن ذلك كله أن يُبقي الإرادة الأميركية تجاه حل سياسي في سورية مرتبطة بأولوية هذا الملفّ بالنسبة لواشنطن، كما يجعل شكل الحل مرتبطاً بمصالح الولايات المتحدة مع الدول المتدخّلة بالشأن السوري أكثر من ارتباطه بمضمون القرارات الأممية الناظمة له.