قالت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، روزماري ديكارلو، إن تقدما أحرز على الجبهة السياسية في المسار الدستوري في ليبيا مؤخراً، حيث عقدت الجولة الثالثة والأخيرة من المشاورات بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة بشأن الأساس الدستوري للانتخابات، في القاهرة في الفترة من 12 إلى 20 يونيو/حزيران الجاري.
وأكدت خلال إحاطتها الدورية أمام مجلس الأمن الدولي في نيويورك حول آخر مستجدات الملف الليبي، على أن الأطراف "أجمعت وبشكل واسع على معظم المواد الخلافية في الاقتراح الدستوري لعام 2017. إلا أنه لا تزال هناك خلافات قائمة بشأن الإجراءات التي تحكم الفترة الانتقالية المؤدية إلى الانتخابات".
وشددت على ضرورة "الثناء على تلك الاجتماعات وعقدها على الرغم من الخلافات، حيث كانت هذه هي المرة الأولى التي يشارك فيها مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة في مراجعة جادة للمقترح الدستوري منذ اعتماده في عام 2017".
وأكدت قبول قادة المجلسين دعوة المستشارة الخاصة للأمين العام لليبيا، ستيفاني ويليامز، للاجتماع في جنيف ما بين الـ28 و29 من الشهر الحالي، لمناقشة التدابير التي تحكم الفترة الانتقالية المؤدية إلى الانتخابات من أجل التوصل لاتفاق بشأنها.
وشددت على قناعة الأمم المتحدة الراسخة بأن الانتخابات هي السبيل الوحيد لتسوية الخلافات حول الشرعية الديمقراطية لجميع المؤسسات الليبية، مذكرة بأن مجلس النواب انتخب في عام 2014 لولاية مدتها أربع سنوات، وأن المجلس الأعلى للدولة، وهو الهيئة التي حلت محل المؤتمر الوطني العام، انتخب منذ ما يقارب العشر سنوات في عام 2012.
ثم أعربت عن قلقها إزاء استمرار الانقسامات، قائلة: "يساهم استمرار الانقسامات السياسية في خلق بيئة أمنية متوترة في طرابلس وحولها. مسألة السلطة التنفيذية لم تحل بعد. ومع استمرار الجماعات المسلحة في دعم موقفها المؤيد للدبيبة أو باشاغا، يزداد خطر التصعيد".
وكررت استعداد الأمم المتحدة لتيسير الحوار بين الدبيبة وباشاغا، فيما دعت مجددا جميع الأطراف الفاعلة السياسية والأمنية الليبية إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس ومعالجة جميع الخلافات من خلال الحوار. ورحبت باستئناف أنشطة اللجنة العسكرية المشتركة ورؤساء الأركان مؤخرًا. كما أثنت على دعوتهم المشتركة للحفاظ على الهدوء والاستقرار في البلاد.
وتطرقت ديكارلو في إحاطتها لاجتماع تونس، الذي عقد في السابع من الشهر الحالي، والذي ترأسته المستشارة الخاصة وليامز وفرنسا وحضرته مجموعة العمل الأمنية لعملية برلين بمشاركة اللجنة العسكرية المشتركة 5+5.
وأشارت إلى أن تلك المناقشات ركزت على الحاجة إلى "تعزيز وقف إطلاق النار، بما في ذلك من خلال ضمان التقدم في نزع سلاح الجماعات والمليشيات المسلحة وتسريحها وإعادة دمجها، وانسحاب المرتزقة والمقاتلين الأجانب والقوات الأجنبية من ليبيا".
وأشارت إلى أن ذلك الاجتماع وفر فرصة ثمينة "لمراقبي وقف إطلاق النار الليبيين من الشرق والغرب لإجراء مناقشاتهم الأولى لتفعيل آلية مراقبة وقف إطلاق النار بقيادة وتيسير ليبي. وبتيسير من بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، تخطط اللجنة العسكرية المشتركة والمراقبون المحليون للاجتماع مرة أخرى في تونس يومي 28 و29 يونيو/حزيران".
وشددت على أنه وفي غضون ذلك "لا يزال مراقبو وقف إطلاق النار التابعون لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا متمركزين في طرابلس، في انتظار موافقة السلطات المختصة على الإقامة وأماكن العمل، من بين شروط أخرى ضرورية بغية عمل المراقبين من سرت".
وحول الوضع الاقتصادي، تحدثت ديكارلو عن استمرار الإغلاق الجزئي لقطاع النفط منذ الـ 16 من إبريل/نيسان، والذي أدى "إلى خفض صادرات النفط الليبية بمقدار الثلث وكلف البلاد 3.1 مليارات دولار من الإيرادات المفقودة".
وأشارت إلى أن الخلاف حول السيطرة على الأموال العامة واستخدامها الذي أدى إلى الإغلاق الجزئي مستمر ويمكن أن يؤدي إلى إغلاق المزيد من حقول النفط في المدى القريب"، محذرة من أن "تعليق تحويلات عائدات النفط قد يؤثر سلباً على قدرة حكومة الوحدة الوطنية على دفع الرواتب وتلبية احتياجات الإنفاق الأخرى، بما في ذلك الخدمات الاجتماعية الأساسية".
وفي سياق حالة حقوق الإنسان في ليبيا، عبرت ديكارلو عن قلها حول التطورات هناك وعلى عدد من الأصعدة. وأشارت في هذا السياق إلى "استمرار الاعتقال التعسفي لتسعة من العاملين في منظمات المجتمع المدني والعاملين في المجال الإنساني، بين نوفمبر/تشرين الثاني 2021 وفبراير/شباط 2022، لممارستهم السلمية لحقهم في حرية التعبير".
كما أشارت إلى عدم السماح لأربعة من المعتقلين التسعة بداية الشهر بحضور جلسة استماع مقررة، فيما عبرت عن قلقها "لاستمرار فرض القيود التعسفية على منظمات المجتمع المدني، كما استهداف النساء والرجال الناشطين سياسيًا الذين يدافعون عن حقوق الإنسان بخطاب الكراهية والتحريض على العنف، مما يهدد سلامتهم وأمنهم".
وقالت إن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا تلقت "منذ مايو/أيار، تقارير إضافية عن مزاعم خطيرة بالتعذيب ضد الليبيين والمهاجرين وطالبي اللجوء في مرافق الاحتجاز والسجون، مشددة على ضرورة محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
وحول أوضاع النازحين داخليًا، قالت إن الأمم المتحدة سجلت عودة قرابة 10 آلاف منهم إلى مواطنهم الأصلية منذ بداية العام، مشيرة إلى أن عدد النازحين داخليا يبلغ في ليبيا حاليا 159 ألف نازح ومهجر داخلياً.
وأشارت إلى أن التهديدات بالإخلاء القسري تشكل مصدر قلق بالغ للكثير من النازحين، مؤكدة تهديد جماعات مسلحة لحوالي تسعين عائلة بالجرافات وأمرهم بإخلاء المباني التي يقيمون بها. وشددت على ضرورة أن تبذل الحكومة المزيد من الجهد من أجل إيجاد حلول دائمة للنازحين داخليا بما يتماشى مع المعايير الدولية.