الأحزاب الجزائرية تنشر إعلانات "طلب مترشحين" لانتخابات 12 يونيو.. انفتاح أو فوضى سياسية  

24 مارس 2021
لا تنشط أغلب الأحزاب الجزائرية سوى في المواعيد والاستحقاقات الانتخابية (Getty)
+ الخط -

تسابق الأحزاب السياسية في الجزائر الزمن لتشكيل قوائم مرشحيها للانتخابات البرلمانية المبكرة المقررة في 12 يونيو/حزيران المقبل، في ظل منافسة كبيرة من قوائم المستقلين، التي استوعبت عدداً كبيراً من الكوادر والكفاءات التي ترفض الترشح في إطار الأحزاب السياسية.

وفرضت هذه المعطيات على غالبية الأحزاب السياسية إبداء انفتاح أكبر لاستقطاب الكفاءات للترشح في قوائمها. 

ولم تترد غالبية الأحزاب السياسية الجزائرية في نشر إعلانات تطلب فيها مترشحين، وتعلن فتح أبوابها خاصة للشباب والكفاءات، ولكل من يرغب في الترشح في قوائمها، في ظاهرة سياسية تطرح كثيراً من الأسئلة عن طبيعة المشهد السياسي وحقيقة النشاط الحزبي ومبررات وجود الكثير من الأحزاب السياسية. 

وتحصي السلطات الجزائرية، بحسب وزارة الداخلية، وجود أكثر من 76 حزباً معتمداً، بعضها غير معروفة، وتنشط مرة كل خمس سنوات عند الاستحقاقات الانتخابية فقط.  

وقبل إعلان الرئيس عبد المجيد تبون عن استدعاء الهيئة الناخبة، بادر حزب "العدل والبيان" الفتي، والذي تقوده السياسية المثيرة للجدل نعيمة صالحي، بنشر إعلان يطلب مترشحين في صفوف الحزب. وطلب الأخير من الشباب والكفاءات إرسال ملفات الترشح إلى الحزب وإدماجها في قوائم المرشحين.

 ووصف الحزب نفسه، في منشور، بأنه الأقدر على إقناع الشباب والكفاءات بالترشح في صفوفه. ونشرت جبهة النضال الوطني بياناً أكدت فيه أن "قيادة الحزب ألزمت المكاتب الولائية والمحلية بفتح الترشيحات أمام كافة فئات المجتمع، بحيث يُمكن لأي مواطن سحب استمارة طلب الترشح ضمن قوائم الحزب، وفتحها أمام كافة فئات المجتمع الجزائري". 

 كما نشر حزب "التجديد والتنمية" إعلانات يطلب فيها من الشباب في الولايات الاتصال بقيادة الحزب لمن برغب في الترشح. ونشر حزب النور إعلاناً يدعو فيه "جميع الراغبين في الترشح للاستحقاق المقبل ممن يشهد لهم بالكفاءة والنزاهة والأخلاق والتاريخ غير الملطخ بالفساد الاتصال بالحزب". واتبع حزب "الوسيط السياسي" الطريقة نفسها في استجلاب مترشحين باسمه.  

لكن هذه الظاهرة لا تخص الأحزاب الفتية فحسب، فهناك أحزاب مهيكلة كحركة "البناء الوطني" (إسلامي)، تقوم بالفعل نفسه، إذ أقرت بأن أكثر من نصف مرشحيها هم من خارج صفوف الحزب، ومن كفاءات استقطبتهم الحركة. 

 وقال رئيس الحركة عبد القادر بن قرينة، الثلاثاء الماضي، إن "أكثر من 65 بالمائة من الذين ترشحوا للانتخابات التشريعية المزمع إجراؤها يوم 12 يونيو/حزيران القادم في قوائم الحركة ليسوا من مناضليها، وإنما هم من فئة الصحافة والفن وضباط سامين متقاعدين وفلاحين وعمال"، في حين تم ترشيح فئة قليلة من مناضلي الحزب. 

 وفي سياق آخر، تبدي بعض الأحزاب التي تصنف بالأكثر تنظيماً، هامشاً أقل من الانفتاح لترشيح كفاءات من خارج صفوفها، على غرار حركة "مجتمع السلم"، وهي أكبر الأحزاب الإسلامية في البلاد، والتي ضبطت هذه العملية وفق ضابط زمني يمتد حتى 30 مارس/ آذار الجاري.

وأعلنت حركة "مجتمع السلم" أنها ستبدأ بعد ذلك بمعالجة الطلبات وفقا للائحة انتخابية داخلية واشتراطات تضعها الحركة، تخص طبيعة المترشح وسمعته ومواقفه السابقة.

وفتحت الحركة مكاتب الحزب، على غرار مكتب ولاية وادي سوف، جنوبي الجزائر، أرضية إلكترونية تتيح لمناضليها والمتعاطفين معها وكافة المواطنين المساهمة في اختيار وذكر أسماء من يرغبون في ترشيحهم في كل ولاية.  

لكن ظاهرة انفتاح الأحزاب السياسية على مترشحين من خارج الحزب ليست سابقة ولا تخص الانتخابات البرلمانية المقبلة فحسب، فخلال كل الاستحقاقات السابقة كان يتم اللجوء إلى إدراج مرشحين من خارج الحزب، سواء بسبب ضغوط فوقية بالنسبة للأحزاب التي كانت تتحكم فيها السلطة، أو بسبب كفاءة المترشحين ومصداقيتهم الشعبية، أو بسبب ضعف الحزب السياسي وعدم وجود هياكل له، وهو ما كان يسمح لكثير من رجال المال والأعمال والشخصيات المحلية بالحصول على تزكيات من الأحزاب الفتية لتلافي مأزق جمع التواقيع. 

وإضافة إلى مسألة الانفتاح، يعتقد محللون أن هذه الظاهرة تؤشر في الوقت نفسه إلى جزء من الفوضى السياسية وإلى أزمة عميقة في المؤسسة الحزبية في الجزائر، إذ تفتقد غالبية الأحزاب السياسية إلى مؤسسات داخلية وهياكل ومناضلين، كما أن معظمها يفتقد إلى محاضن التنشئة التي تسمح بتكوين الكفاءات والكفاءات الحاملة للمشروع السياسي للحزب.

ولا تنشط أغلب الأحزاب السياسية في الجزائر إلا في المواعيد والاستحقاقات الانتخابية، وبذلك تتحول، بحسب ما يصفها المحلل السياسي جمال خذير، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى دكاكين سياسية وأرقام في الساحة السياسية، لا تملك رؤية ولا برنامجا سياسيا ولا هياكل ولا مناضلين. 

وأوضح خذير أن الأحزاب السياسية تضطر في المواعيد الانتخابية إلى البحث عن مرشحين لا علاقة لهم بها، ولا تربطهم بهذه الأحزاب أي التزامات نضالية أو سياسية أوعقدية وأيديولوجية لمحاولة إثبات حضورها فقط، وهو ما يتسبب في حشو انتخابي فقط وفوضى سياسية، جزء منها نتيجة لتراخي السلطات في تطبيق قانون الأحزاب فعلياً.

وأضاف أن "أغلب هذه الأحزاب توجد في حالة التباس قانوني، فأغلبها لم تعقد مؤتمراتها ومجالسها الوطنية بشكل اعتيادي، وهياكلها القيادية غير معروفة، ما عدى رئيس الحزب، وتقاريرها المالية التي يفترض أن توجه إلى وزارة الداخلية لا تعد مطلقا".

المساهمون