اعتداءات للمستوطنين خلال مسيرة الأعلام في القدس وسط تنديد عربي وإسلامي

05 يونيو 2024
مستوطنون في القدس خلال مسيرة الأعلام اليوم (رويترز)
+ الخط -
اظهر الملخص
- شهدت القدس مسيرة الأعلام الاستيطانية بمشاركة عشرات آلاف المستوطنين المتطرفين تحت حماية الشرطة، في ظل العدوان الإسرائيلي على غزة، مما يعكس استمرار التوتر في المنطقة.
- المسيرة تضمنت اقتحامات لساحات المسجد الأقصى ومشاركة وزراء متطرفين، مع تأمين شديد من الشرطة الإسرائيلية بـ3 آلاف عنصر، ما يبرز النزاع الديني والسياسي المستمر.
- الاعتداءات خلال المسيرة وتصريحات المسؤولين الإسرائيليين تثير إدانات دولية وتؤكد القدس كمحور للصراع، مع دعوات للحفاظ على الوضع التاريخي والقانوني للمقدسات.

احتشد عشرات آلاف المستوطنين في القدس رافعين الأعلام الإسرائيلية

بن غفير: القدس والمسجد الأقصى والنصر المطلق هو لليهود

لقيت المسيرة إدانات السعودية والأردن والإمارات والتعاون الإسلامي

شهدت مساء اليوم الأربعاء، مسيرة الأعلام الاستيطانية السنوية بمناسبة ذكرى احتلال القدس، مشاركة عشرات آلاف المستوطنين المتطرفين. وتحت حراسة مشددة من الشرطة، توافد المشاركون في المسيرة الذين ينتمون لليمين المتطرف، من القدس الغربية ومن أنحاء أخرى إلى ساحة باب العامود، أحد أشهر أبواب البلدة القديمة بالقدس الشرقية، وفق مراسل "الأناضول".

وتأتي مسيرة الأعلام بمناسبة ما يُسمى إسرائيلياً يوم توحيد شطري القدس المحتلّة، عقب نكسة 1967، أو ما تسميها إسرائيل حرب الأيام الستة، واحتلال الشطر الآخر من القدس. وتُنظّم المسيرة هذا العام في ظل العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة منذ نحو ثمانية أشهر.

وفي الساحة الرئيسية لباب العامود أقيمت رقصة الأعلام الرئيسية بمشاركة الوزراء المتطرفين في الحكومة الاسرائيلية وعلى رأسهم وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ورئيس لجنة الدستور والقضاء والقانون في الكنيست سمحا روتمن، ووزيرا المالية الإسرائيلي بتسليئل سموتريتش، والتراث الإسرائيلي عميحاي إلياهو الذي كان قد دعا إلى ضرب قطاع غزة بقنبلة ذرية. وكانت ساحات المسجد الأقصى شهدت منذ الصباح اقتحامات غير مسبوقة من قبل ما مجموعه 1980 مستوطناً خلال جولتي اقتحام تخللتهما إقامة حلقات رقص وغناء داخل ساحات المسجد ورفع الأعلام الإسرائيلية داخل الساحات. وأعلنت الشرطة الإسرائيلية نشر 3 آلاف من عناصرها لتأمين الحماية لمسيرة الأعلام.

وشهدت البلدة القديمة خلال ذلك سلسلة من الاعتداءات على فلسطينيين وعلى صحافيين أجانب وطواقم صحافية عربية وفلسطينية من قبل مستوطنين مسلحين شوهد العشرات منهم ببنادق أوتوماتيكية، وعصي استخدمت في الاعتداء على المارة الفلسطينيين على مرأى من قوات الاحتلال الإسرائيلي كما حدث في منطقة باب العامود وشارع الواد وحي السلسلة، حيث اندلعت اشتباكات بالأيدي بين الطرفين، فيما اعتقلت قوات الاحتلال الناشط المقدسي محمد أبو الحمص بعد مشادات بينه وبين المستوطنين ومحاولتهم الاعتداء عليه.

وقال رائد النتشة من سكان حي الهكاري لـ"العربي الجديد"، إن ثلاثة من جنود الاحتلال وعدد من المستوطنين اعتدوا عليه وعلى شقيقه، فيما قال محمد وزوز وهو صاحب محل في شارع الواد لـ"العربي الجديد"، إن شرطة الاحتلال أرغمت جميع التجار على إغلاق محلاتهم بادعاء إمكانية تعرضهم للاعتداء من قبل المستوطنين. 

كما شهد حي باب السلسلة مساء اليوم، مناوشات بين المستوطنين وأصحاب المنازل. وأفاد المواطن ناصر خلف بوقوع سلسلة اعتداءات المستوطنين على الأهالي الذين حاولوا الدفاع عن أنفسهم ومنازلهم، إلا أن شرطة الاحتلال تدخلت وطلبت منهم التزام منزلهم، موضحاً أن المستوطنين ألقوا الحجارة من على أسطح المباني باتجاه منازل الحي.

من مسيرة الأعلام.. بن غفير يزعم أن القدس والأقصى لليهود

وزعم إيتمار بن غفير، في تصريحات أدلى بها، اليوم الأربعاء، من مسيرة الأعلام أنّ القدس والمسجد الأقصى وما سماه "النصر المطلق" هو لليهود، في تواصل لتصريحاته المتطرفة والاستفزاية خلال الفترة الأخيرة. وقال بن غفير، في تصريحاته التي نشر فحواها لاحقاً بحسابه عبر منصة إكس: "في هذا اليوم السعيد والمعقد في آن واحد، نوجه رسالة إلى حماس من هنا: القدس لنا، وباب العامود لنا، وجبل الهيكل (المسجد الأقصى) لنا، والنصر المطلق لنا"، داعياً رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "لأن يكون قوياً". وأضاف: "لن نستسلم أو نتراجع، ولن نتوقف، وسوف ننتصر".

من جانبه، قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إن الوضع القائم في المسجد الأقصى "لم يتغير، ولن يتغير"، مناقضاً بذلك تصريحات المتطرف بن غفير.

وكانت شرطة الاحتلال الإسرائيلي، قد قررت تحت ضغوط مارسها غفير، مرور مسيرة الأعلام الاستيطانية والاستفزازية في ما يُسمى إسرائيلياً "يوم القدس"، اليوم الأربعاء، من باب العامود وصولاً إلى حائط البراق في القدس المحتلة. وقالت شرطة الاحتلال، في بيان لها، إنه لا توجد معلومات استخباراتية تشير إلى نية المس بالمسيرة، وإن "محاولات إشعال الوضع منخفضة أكثر من سنوات سابقة". كما أوضحت الشرطة أنه "يتم أخذ كافة الأحداث بعين الاعتبار، وطُبّقت سيناريوهات لعدد من الأحداث المحتملة، بما في ذلك احتمال إطلاق صواريخ على المدينة خلال المسيرة". وعادة ما تشهد المسيرة الاستفزازية أجواء مشحونة بين المستوطنين والفلسطينيين الذين يحاولون التصدي لهم ولاستفزازاتهم واعتداءاتهم. وأطلقت حركة حماس في عام 2021 صواريخ باتجاه القدس المحتلة بالتزامن مع المسيرة، ما أدى إلى فضّها.

هنية: عربدة المستوطنين في القدس تؤكد أنها محور الصراع

وتعليقاً على مسيرة الأعلام الإسرائيلية، قال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، الأربعاء، إن "عربدة المستوطنين في القدس تؤكد أنها محور الصراع، وشعبنا لن يستكين حتى يرحل الاحتلال، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس". وعلى صعيد المفاوضات في غزة، قال هنية إن "حركة حماس وفصائل المقاومة سوف تتعامل بجدية وإيجابية مع أي اتفاق على أساس وقف العدوان بشكل شامل والانسحاب الكامل والتبادل للأسرى"، مضيفا أن "حركة حماس تدير المفاوضات متسلحة بهذا الموقف الذي يمثل إرادة شعبنا ومقاومته الباسلة".

"الجهاد الإسلامي": مسيرة الأعلام اعتداء سافر على قبلة المسلمين

إلى ذلك، قالت حركة الجهاد الإسلامي، في بيان لها، إنّ "مسيرة البلطجة الصهيونية في القدس الشريف اعتداء سافر على قبلة المسلمين الأولى والمقدسات". وأضافت: "النازيون الصهاينة يظنون أنهم باعتدائهم على الأقصى قد يعوضون الإذلال الذي لحق بهم بغزة والضفة"، داعية كل أبناء الشعب الفلسطيني إلى "التصدي للبلطجة الصهيونية دفاعاً عن كرامة الأمة العربية والإسلامية".

حركة فتح تدعو للنفير العام

في السياق، دعت حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، الأربعاء، إلى النفير العام والتصدي لاقتحامات عصابات المستوطنين للمسجد الأقصى المبارك، محذرةً "حكومة الاحتلال المتطرفة من تداعيات مسيرة الأعلام الاستفزازيّة، ومُحملةً إياها ما ستؤول إليه الأوضاع جراء محاولاتها تهويد مدينة القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية".

السعودية تدين مسيرة الأعلام: استفزاز لمشاعر المسلمين

من جهتها، اعتبرت وزارة الخارجية السعودية، مساء الأربعاء، السماح بتنظيم "مسيرة الأعلام"، استفزازا لمشاعر المسلمين حول العالم. وأعربت وزارة الخارجية في بيان عن "إدانة المملكة لاقتحام عدد من المسؤولين في حكومة الاحتلال الإسرائيلي وأعضاء الكنيست ومستوطنين متطرفين للمسجد الأقصى، وسماح سلطات الاحتلال للمتطرفين بتنظيم مسيرة استفزازية في مدينة القدس المحتلة بحماية من قوات الاحتلال". وأكدت أن "هذه التعديات تمثل استفزازاً لمشاعر المسلمين حول العالم، لا سيما في ظل استمرار الحرب وأعمال العنف ضد المدنيين الفلسطينيين العزل في غزة وسائر الأراضي الفلسطينية المحتلة".

الأردن والإمارات يدينان اقتحام الأقصى والسماح بمسيرة الأعلام

إلى ذلك، دان الأردن والإمارات، الأربعاء، الاقتحامات الإسرائيلية للمسجد الأقصى، والسماح بمسيرة الأعلام. جاء ذلك خلال اتصال هاتفي بين وزيري خارجية الأردن أيمن الصفدي، ونظيره الإماراتي عبد الله بن زايد، وفق بيان للخارجية الأردنية. وقال البيان إن الصفدي وبن زايد دانا "سماح الحكومة الإسرائيلية لما تسمى بمسيرة الأعلام في القدس المحتلة، وما يرافقها من عدوان على الفلسطينيين، وممارسات عنصرية متطرفة، وفرض للقيود على وصول المصلين إلى المسجد الأقصى المبارك، وتقييد حركة المصلين في البلدة القديمة للقدس المحتلة".

واستنكر الوزيران "استمرار الاقتحامات الإسرائيلية للمسجد الأقصى المبارك، والتي كان آخرها اقتحام أحد الوزراء المتطرفين في الحكومة الإسرائيلية وأعضاء من الكنيست ومتطرفين، اليوم (الأربعاء)، للمسجد تحت حماية شرطة الاحتلال الإسرائيلي". وشددا على "ضرورة امتثال إسرائيل، بصفتها القوة القائمة بالاحتلال، لالتزاماتها القانونية، ووقف الإجراءات الإسرائيلية اللاشرعية واللاقانونية التي تقوض فرص تحقيق السلام العادل والدائم والشامل على أساس حل الدولتين".

بدورها، قالت دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس، في بيان مقتضب وصل إلى الأناضول، إن "1184 متطرفا اقتحموا المسجد الأقصى بالفترة الصباحية، ويتوقع المزيد من الاقتحامات بعد صلاة الظهر". وأضافت أن "من بين المقتحمين وزير تطوير النقب والجليل إسحاق فاسرلوف، والنائب في الكنيست إسحاق كروزر". واحتفظ الأردن بحقه في الإشراف على الشؤون الدينية في القدس بموجب اتفاقية "وادي عربة" للسلام، التي وقعها مع إسرائيل في 1994. وفي مارس/ آذار 2013، وقع الملك عبد الله الثاني والرئيس الفلسطيني محمود عباس اتفاقية تعطي المملكة حق "الوصاية والدفاع عن القدس والمقدسات" في فلسطين.

"التعاون الإسلامي" تدين مسيرة الأعلام وترفض سيادة إسرائيل على القدس

بدورها، دانت منظمة التعاون الإسلامي، الأربعاء، السماح بتنظيم مسيرة الأعلام الإسرائيلية في باب العامود بالقدس الشرقية، معربة عن رفضها سيادة إسرائيل "المزعومة" على المدينة. واستنكرت المنظمة في بيان لها عبر منصة "إكس"، بشدة "اقتحام قوات الاحتلال ‎الإسرائيلي السافر ‎للمسجد الأقصى المبارك، وسماح الاحتلال الإسرائيلي لمجموعات المستوطنين المتطرفين بتنظيم مسيرة استفزازية عبر أحياء البلدة القديمة لمدينة ‎القدس المحتلة"، مؤكدة أن "‎القدس عاصمة دولة ‎فلسطين، وهي جزء لا يتجزأ من الأرض ‎الفلسطينية المحتلة عام 1967، ونرفض أي إجراءات أو قرارات تهدف الى فرض السيادة الإسرائيلية المزعومة على هذه المدينة ومقدساتها، باعتبارها إجراءات غير قانونية".

واعتبرت ذلك "محاولات غير قانونية ومرفوضة، تهدف إلى المساس بالوضع التاريخي والقانوني القائم للمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، وخصوصا المسجد الأقصى المبارك". مطالبة "المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته والضغط على إسرائيل، قوة الاحتلال، لوضع حد لأعمال العنف والإرهاب المنظم التي ترتكبها مجموعات المستوطنين المتطرفين وقوات الاحتلال الإسرائيلي في جميع أنحاء الضفة الغربية".