احتمالات وعواقب شنّ الاحتلال حرباً على لبنان بعد واقعة مجدل شمس

28 يوليو 2024
من موقع سقوط صاروخ في مجدل شمس في الجولان السوري المحتل، 27 يوليو 2024 (جيل إلياهو/رويترز)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **التصعيد الإسرائيلي المحتمل:** إسرائيل لم تقرر بعد بشأن ضربة على لبنان رداً على صاروخ يُتهم حزب الله بإطلاقه، مما أسفر عن مقتل 12 طفلاً وشاباً وجرح 30 آخرين. وزير الأمن يوآف غالانت ينتظر عودة نتنياهو لتحديد الرد، مع العلم أن أي تصعيد سيقابله تصعيد من حزب الله.

- **الآراء والتحليلات:** تباينت الآراء بين المسؤولين الإسرائيليين حول الرد، حيث يرى بعض الجنرالات أن قتل الأطفال يمنح شرعية لعملية عسكرية، بينما يقترح آخرون إنذار حزب الله بوقف إطلاق النار. الصحافي آفي يسخروف يرى أن الهجوم الواسع قد يكون إلزامياً ولكنه مكلف.

- **الاستراتيجية والتحديات:** الجنرال عاموس جلعاد يرى أن الضربات المتواصلة تعكس غياب السياسات الفعالة، بينما يقترح الجنرال غيورا آيلاند خوض حرب ضد دولة لبنان. المحلل عاموس هارئيل يشير إلى أن الرد القوي قد يكون مقامرة، مع تعقيد الوضع بسبب الفشل في التوصل إلى صفقة مختطفين ووقف إطلاق النار مع حماس.

تدرك إسرائيل أن أي تصعيد من قبلها سيقابله تصعيد من جانب حزب الله

قالت صحيفة يديعوت أحرونوت إنه يجب عدم توقّع الكثير

تتفاوت وجهات النظر بين الدعوة إلى حرب شاملة وتحذير من التصعيد

لم يتخذ الاحتلال الإسرائيلي بعد قراراً نهائياً حول ماهية الضربة المحتملة وشدتها على أهداف في لبنان، بحجة الرد على إطلاق صاروخ يقول إن حزب الله مسؤول عنه، تسبب بمقتل 12 طفلاً وشاباً صغيراً وجرح نحو 30 في قرية مجدل شمس في الجولان السوري المحتل، أمس السبت، وسط تحذيرات مما قد تؤول إليه الأمور. وفيما نفى الحزب مسؤوليته عن ذلك، أعلن وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت تحديد اتجاهات "الرد"، بانتظار عودة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو من الولايات المتحدة.

وتدرك إسرائيل، رغم لهجة التصعيد ومحاولتها استغلال حادثة مجدل شمس، أن أي تصعيد عسكري من قبلها سيقابله تصعيد من جانب حزب الله، فيما أصاب جبهتها الداخلية من الضعف ما لا تطيق احتماله إن وسعّت الحرب، وهو ما أشار إليه أيضاً عدد من الكتّاب والمحللين العسكريين والجنرالات السابقين. ولو كانت إسرائيل قادرة فعلاً على خوض حرب أوسع، لما انتظرت نحو 10 أشهر على الدمار الكبير الذي لحق بالمستوطنات الشمالية، وبقاء المستوطنين طوال الفترة الماضية خارج مناطقهم، وتكبدها خسائر بشرية في حياة جنود ومستوطنين. وعليه، قد توجّه ضربات أكثر شدة لحزب الله، ولكنها محدودة، كذلك فإن التطورات التي قد تعقب ذلك، ترتبط أيضاً بالحزب وليس بإسرائيل فقط، إن قرر امتصاص الضربة المحتملة أو تصعيد رده.

ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن مسؤولين عسكريين إسرائيليين لم تسمّهم، قولهم إن الرد المرتقب بعد ما حدث في مجدل شمس أمر ما زال بالإمكان التحكّم فيه، فيما يرى زملاء لهم عكس ذلك. ويرى بعض الجنرالات أن "قتل أطفال ومواطنين في أثناء لعب كرة القدم يمنح إسرائيل شرعية لعملية عسكرية في لبنان ضد حزب الله"، لكن الصحيفة أشارت في المقابل إلى أنه "يجب عدم توقّع الكثير في وقت يشهد علاقات مدمّرة بين رئيس الحكومة ووزير الأمن أكثر مما يجب أن تكون عليه بيروت".

وفي السياق، كتب الكاتب والصحافي بن درور يميني، في الصحيفة نفسها اليوم الأحد، أنه "وسط الشعور بأنه لا مفر من رد شديد، من الأفضل تحديد إنذار لحزب الله قبل ذلك. وقف فوري لإطلاق النار باتجاه إسرائيل ونزع السلاح من جنوب لبنان وفق القرار 1701. وإن رفض (الأمين العام لحزب الله حسن) نصر الله ذلك، عندها ستحظى إسرائيل بعدة نقاط على الساحة الدولية. وإن قال نصر الله نعم، ستكون إسرائيل قد ربحت". ورأى الكاتب أن إسرائيل ليست بحاجة إلى موافقة من الولايات المتحدة الأميركية من أجل فتح حرب ضد حزب الله، ولكنها بحاجة إلى ذخائر وأسلحة ودعم دولي.

من جانبه، كتب الصحافي والمعلق آفي يسخروف أن "الهجوم الواسع على حزب الله وأهداف في لبنان يبدو للكثيرين في إسرائيل عمليةً إلزامية، ولكن يجب فهم ثمن التصعيد. إن حرباً شاملة في لبنان ستستمر لشهور طويلة وستنتهي على ما يبدو بوقف لإطلاق النار على الرغم من الشعارات حول النصر المطلق. وستكون الجبهة الداخلية الإسرائيلية تحت نار مكثّفة ومستمرة في كل يوم وفي كل ساعة، وهذا في وقت لا تزال فيها الكثير من الموارد مخصصة للحرب في قطاع غزة، التي لا يزال رئيس الحكومة يرفض إنهاءها".

أمّا الجنرال السابق عاموس جلعاد، فاعتبر أن "الضربات المتواصلة في الشمال، التي بلغت ذروتها في المأساة الكبيرة في مجدل شمس، تعكس غياب السياسات من قبل دولة إسرائيل ومن يقف على رأسها. خطاب رئيس الحكومة أمام الكونغرس (الأميركي)، الذي حظي بالكثير من التصفيق من قبل الحضور، يعكس فقط التراجيديا الكامنة في غياب القيادة. إن لم يحصل في الأيام القريبة توقيع صفقة لإعادة المختطفين والمختطفات (المحتجزين الإسرائيليين في غزة) سيكون ذلك بمثابة وصمة عار. هذا هو الوقت لقرار تاريخي وليس لخطابات رنانة".

إلى ذلك، رأى رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي السابق الجنرال غيورا آيلاند، أنه "سواء بادرناه إلى حرب أو جُررنا إليها، يجب الاختيار بين إمكانيتين، إحداهما حرب ضد حزب الله، والأخرى حرب ضد دولة لبنان. وبرأيي، يجب خوض حرب ضد دولة لبنان. يمكن لنصر الله امتصاص الكثير من الخسائر في منظمته، ولكن الأمر الوحيد الذي قد يردعه هو تدمير لبنان. على مدار سنوات يستعرض نصر الله نفسه بطلاً لبنانياً، وإن بدا وسط بيروت مثل وسط غزة، فسيكون من الصعب احتفاظه بهذه المكانة".

وبالانتقال إلى صحيفة "هآرتس"، كتب المحلل العسكري عاموس هارئيل، أنه في غياب استراتيجية إسرائيلية فعلية، سُوِّقَت الاغتيالات (في لبنان) على أنها رد مناسب على عدوانية حزب الله. ومن الناحية العملية، ليس من الواضح مدى تأثيرها. ومن المؤكد أنها لم تقوض المنظمة. والآن، من المرجح أن يقرر نتنياهو وغالانت والمؤسسة الأمنية رداً أكثر قوة. ويعتقد بعض المطّلعين أنه سيكون من الممكن حشر حزب الله في الزاوية، من خلال بضعة أيام قتالية أكثر كثافة، دون الانجرار إلى حرب شاملة. ولكن هذه مقامرة، ومن الصعب تقدير النتائج مسبقاً".

وأضاف الكاتب: "الأمر الواضح الآن هو أن الفشل في التوصّل إلى صفقة مختطفين ووقف إطلاق النار مع حماس في الجنوب، من شأنه أن يزيد الوضع تعقيداً في الشمال. لقد فضّلت إسرائيل عدم شنّ حرب شاملة على جبهتين في ذات الوقت، ومن المحتمل أنها ستواجه الآن تصعيداً في الشمال، من دون أن يكون لديها الوقت لفرض الاستقرار في جبهة الجنوب. إن وعود نتنياهو في الولايات المتحدة بتحقيق النصر المطلق تبدو الآن فارغة أكثر من أي وقت مضى. ومن المحتمل أن تدخلاً أميركياً حازماً هو وحده الكفيل الآن بوقف تدهور الأوضاع".