احتمالات دخول إيران في الحرب بعد هجوم أميركا وبريطانيا على الحوثيين

13 يناير 2024
لا يرجّح خبراء أن تقدم إيران على تصعيد كبير رداً على ضرب الحوثيين (Getty)
+ الخط -

عقب الضربات الجوية الأولى التي وجهتها أميركا وبريطانيا لجماعة الحوثيين في اليمن، أمس الجمعة، بسبب مهاجمتهم السفن في البحر الأحمر، قال الرئيس الأميركي جو بايدن، رداً على أسئلة صحافيين بشأن الرسالة التي يريد إيصالها إلى طهران من تلك الضربات، إن "رسالته وصلت".

وبينما قال الناطق باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي، عبر شبكة "أم إس أن بي سي": "نحن لا نسعى إلى نزاع مع إيران. لا نسعى إلى تصعيد، ولا يوجد سبب لحدوث تصعيد يتجاوز ما حدث في الأيام الأخيرة"، يبدو واضحا أن إيران تتجنب استدراجها إلى صراع مباشر قد يؤدي إلى حرب إقليمية شاملة في المنطقة، يظل الترقب سيد الموقف حول تطورات الأيام المقبلة، وما إذا كانت إيران ستدخل أو تُجر إلى رحى الحرب، أم أنها ستكتفي بدعم حلفائها من وراء حجاب.

ولم تكتفِ الولايات المتحدة الأميركية بضربات أمس الجمعة، إذ شنت فجر اليوم السبت غارات على مواقع تابعة لجماعة الحوثيين، مؤكدة أن هذه الضربات تهدف إلى إضعاف قدرة الحوثيين على مهاجمة السفن البحرية. في حين أكد الناطق الرسمي للحوثيين، محمد عبد السلام، في أحدث تصريح للجماعة، اليوم السبت، أن الضربات الأميركية "لم يكن لها تأثير يذكر".

وبحسب تقرير نشرته "رويترز"، فقد أدت الضربات الأميركية البريطانية إلى تدويل الصراع الذي انتشر عبر المنطقة منذ بدء الحرب على غزة، وأعقب ذلك تنفيذ حلفاء لإيران هجمات أيضاً انطلاقاً من لبنان وسورية والعراق، إلا أن التقرير أشار إلى أن احتمالات توسع الحرب ودخول إيران فيها تظل محدودة، بالرغم من تعهّد الحوثيين بالرد على تلك الهجمات.

ونقلت "رويترز" عن علي فايز، كبير محللي الشؤون الإيرانية في مجموعة الأزمات الدولية، قوله إنه "كان من المتوقع تماما أنه كلما طال أمد الحرب في غزة، زادت مخاطر التصعيد واشتعال الوضع في المنطقة"، مضيفا أنه "لا يرجّح دخول إيران المعركة مباشرة ما لم تتعرض لاستهداف مباشر على أراضيها".

من جهته، قال فارع المسلمي، من المعهد الملكي للشؤون الدولية (تشاتام هاوس) في لندن، إن "الضربات لن تمنع الحوثيين من شن هجمات أخرى في البحر الأحمر، بل العكس هو الصحيح"، بحسب "رويترز".

بدورها، دعت السعودية إلى ضبط النفس، و"تجنب التصعيد"، مؤكدة أنها تراقب الوضع بقلق شديد. 

تجنّب الحرب الشاملة

ونفذ الحوثيون الذين يسيطرون على مناطق واسعة من اليمن، هجماتهم على سفن تجارية يقولون إنها مرتبطة بإسرائيل أو متجهة إلى موانئها منذ نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، مطالبين بوقف الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة.

وبعد أن نفذت القوات الأميركية والبريطانية عشرات الضربات الجوية في أنحاء اليمن ليل أمس الجمعة، ردا على ذلك، توعد الحوثيون بالانتقام، وقالوا إن "خمسة من مقاتليهم لقوا حتفهم"، في حين قالت وزارة الخارجية الإيرانية إن الهجمات ستؤدي إلى "انعدام الأمن وعدم الاستقرار".

وقال مصدران إيرانيان مطلعان إن طهران التي تدعم شبكة من الحلفاء تمتد من البحر المتوسط إلى الخليج في ما يعرف بـ "محور المقاومة"، لا تريد "التدخل المباشر"، بينما قال مصدر إيراني ثالث، وهو مسؤول كبير طلب عدم نشر اسمه، خلال حديثه لـ "رويترز": إن "الحوثيين يتخذون قراراتهم بأنفسهم ونحن ندعم قتالهم، لكن طهران لا تريد حربا شاملة في المنطقة". مضيفا أن الأمر متروك لإسرائيل والولايات المتحدة لوقف عدوانهما.

وأكدت الولايات المتحدة أنها تسعى إلى منع توسع نطاق الحرب في المنطقة، بما في ذلك الحدود الفلسطينية اللبنانية، حيث يخوض حزب الله صراعا مع إسرائيل هو الأسوأ بينهما منذ حرب يوليو/ تموز 2006.

ونقلت "رويترز" عن مصدر مطلع في لبنان، قوله إن "الرد على الهجمات ليس من شأن جماعة حزب الله، بل هو شأن الحوثيين"، في حين أكدت أوساط في "حزب الله" لـ"العربي الجديد"، أنه "لا نقاش سياسياً أو تفاوض على الساحة اللبنانية قبل وقف الحرب على غزة" في الوقت الذي تتزايد فيه الجهود الدبلوماسية الدولية لمنع التصعيد العسكري في لبنان وتعبيد الطريق أمام تسوية سياسية تساهم في وقف إطلاق النار. بينما أكدت وزارة الدفاع الأميركية، أمس الجمعة، أن لا خطط لإرسال قوات أميركية إضافية إلى المنطقة، وأن الهجمات كان لها "تأثيرات جيدة ولم تهدف إلى تصعيد التوترات".

وقال جريجوري برو، المحلل في مجموعة أوراسيا الاستشارية، إن "طهران ما زالت تخشى اتساع نطاق الصراع، لأنها لا تريد التعرض مباشرة لانتقام محتمل"، مضيفاً: "صحيح أنه من المحتمل أن يكون هناك رد من عدد من حلفاء إيران في أماكن أخرى بالمنطقة، لكن لا يرجح أن تقدم إيران على تصعيد كبير ردا على هذه الضربات".


تصعيد وتهديد في العراق

ومنذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، تعرضت القوات الأميركية في العراق لهجمات بشكل منتظم بصواريخ وطائرات من دون طيار، تبنت معظمها مليشيا "المقاومة الإسلامية في العراق" الموالية لإيران. بينما قالت حركة النجباء إن مصالح الولايات المتحدة وأعضاء التحالف الآخرين لم تعد في مأمن منذ الآن.

وتُعرف "النجباء" بأنها خليط من مقاتلي "جيش المهدي" السابقين (جمّده مقتدى الصدر عام 2020)، وآخرين من جماعة "عصائب أهل الحق"، وترتبط بشكل وثيق مع القائد الحالي لفيلق القدس الجنرال إسماعيل قاآني، وقيادات بارزة من "الحرس الثوري" الإيراني.

وقال مسؤول في فصيل آخر، وهو كتائب حزب الله، العراقية إن "الهجمات ستكون لها عواقب وخيمة على أمن المنطقة بأسرها، بما في ذلك الخليج، وإن جميع المصالح الأميركية، ليس فقط في العراق وسورية، لكن في المنطقة بأكملها، ستكون هدفا مشروعا للطائرات المسيرة والصواريخ لدى الكتائب".

وتعزز نفوذ الحوثيين في اليمن منذ أن سيطرت الجماعة على العاصمة صنعاء في عام 2014، وتدخلت السعودية في الصراع اليمني في العام التالي في غمرة مخاوف من تزايد النفوذ الإيراني، لكنها أجرت محادثات سلام في الآونة الأخيرة في محاولة للخروج من الحرب في اليمن.

وتمتع اليمن لأكثر من عام بالهدوء النسبي وسط جهود السلام التي تقودها الأمم المتحدة، وترى السعودية أن الاستقرار الإقليمي مهم لخططها الاقتصادية، وفي ظل ذلك استأنفت علاقاتها الدبلوماسية مع إيران العام الماضي بعد سنوات من العداء.

ويبدو أن تأثير الهجمات الأميركية البريطانية على الحوثيين لن يكون كبيرا، كما أكد الناطق باسمهم محمد عبد السلام، إذا عبر أندريا كريج، من "كينجز كوليدج" في لندن، عن شكوكه في مدى تأثيرها على عزيمتهم أو قدرتهم على شن هجمات، مستندا في شكوكه إلى اعتماد الجماعة على بنية تحتية تتمتع بقدرة عالية على التنقل. مضيفا أن "تسع سنوات من العمليات السعودية في اليمن أثبتت أنه لا يمكن ردع الحوثيين".