خلال وقفة نظمتها الحركات الطلابية في جامعة بيرزيت، شمال رام الله، وسط الضفة الغربية، احتجاجا على اعتقال العشرات من زملائهم مساء أمس الأربعاء، أثناء عودتهم من زيارة منزل الأسير منتصر شلبي في بلدة ترمسعيا الذي هدمه جيش الاحتلال الأسبوع الماضي؛ روى طلبة طريقة الاعتقال عبر افتعال حادث مروري مع حافلتين أقلتا الطلبة.
الطالب المقدسي عمر عابدين الذي أفرج عنه أمس، على أن يراجع مركز تحقيق المسكوبية الأسبوع المقبل، روى لـ"العربي الجديد" عملية الاعتقال قائلا إنه وأثناء العودة من منزل الأسير شلبي وقرب مدخل ترمسعيا اعترضت شاحنة تجارية إحدى الحافلتين اللتين أقلتا الطلبة؛ وضربت بها بما يشبه حادثا مروريا: "الشاحنة ضربتنا بقوة وانزاحت الحافلة وحادت عن مسارها، اعتقدنا أنه حادث مرور، وحتى عندما رأينا جنود الاحتلال لم نستوعب ما حصل، ترجلوا من الشاحنة يحملون مسدسات كالمستعربين، ثم أحاط الجيش بالحافلة".
وتابع عابدين بأن جيش الاحتلال اعتدى بالضرب على سائق الحافلة الذي كان بداخلها، وعدد آخر من الطلبة، ثم غطى الجنود أعين الطلبة وقيدوا أيديهم قبل أن يتم نقلهم بحافلة كبيرة تتبع جيش الاحتلال، ليحتجز فيها أكثر من ثلاث ساعات قبل أن يفرج عنه بعد تسليمه تبليغا لمراجعة مخابرات الاحتلال، فيما يستمر اعتقال الباقين".
ووصف عابدين طريقة الاعتقال بأنها محاولة لإرهاب الطلبة وإخافتهم لكي لا يقوموا بفعاليات تدعم أهالي الشهداء والأسرى: "كانوا يستطيعون وضع حاجز عسكري ويعتقلوننا أو أن يستدعونا، لكن هذه الطريقة تدل على أن الاحتلال ضعيف فقط يريد أن يقول إنها عملية نوعية في الإعلام وهي تستهدف طلابا لا تزيد أعمارهم عن 20 عاما".
واستنكرت الكتل الطلابية جميعها في الجامعة حادثة الاعتقال، مطالبة الجامعة والجهات الرسمية والحقوقية بالضغط على الاحتلال للإفراج عن زملائهم، معتبرين أن ما حصل محاولة لضرب الدور الوطني للحركات الطلابية في الجامعات وخصوصا جامعة بيرزيت.
ولاحقا، أكد منسق الكتلة الإسلامية في الجامعة إسماعيل البرغوثي، لـ"العربي الجديد"، أن محكمة الاحتلال في معتقل عوفر مددت اعتقال 16 طالبا إلى الأحد المقبل من أصل ما يقارب 33 معتقلا معظمهم من طلبة الجامعة ويشملون سائقي الحافلتين، فيما تم الإفراج ليلا عن طالبين مقدسيين وتسليمهما استدعاء للتحقيق، والإفراج عن 7 طالبات.
وقال البرغوثي، إن الكتلة الإسلامية كانت أعلنت عن نشاط لزيارة منزل الأسير شلبي داخل أسوار الجامعة، وانضم إلى النشاط العشرات من الطلبة من كوادر الكتلة الإسلامية ومن الطلبة العاديين ليتم اعتقالهم بطريقة همجية كما وصفها البرغوثي، مؤكدا أن ما حصل محاولة لثني الدور الطلابي، مشيرا إلى أن الحركات الطلابية تقوم بما يعجز عنه الكثيرون حسب تعبيره، من زيارات ووقفات واشتباكات على خطوط التماس، وإرسال رسائل واضحة أنها الدرع الحامي للمقاومة.
أما منسق كتلة الوحدة الطلابية في الجامعة وليد حرازنة فوصف في حديث مع "العربي الجديد" ما حصل بأنه حدث ليس بسيطا وليس عابرا، مؤكدا أن الاحتلال أراد منه إرسال رسائل عديدة أهمها كسر الحركة الطلابية في جامعة بيرزيت، وقال: "صمت الشارع أو وسائل الإعلام عن هذا الحدث أو التعامل معه على أنه حدث عابر يعطي المبرر للاحتلال لممارسات أشنع من ذلك، ضخامة الرقم وشناعة الفعل يجب أن تؤديا إلى رد فعل من الشعب الفلسطيني لثني الاحتلال عن إجراءاته".
وذكرت جامعة بيرزيت أمس، في بيان مقتضب لها، أنها تتابع بقلق قضية احتجاز مجموعة من طلبتها، وتعرض قوات الاحتلال الإسرائيلي لهم واحتجاز المركبة التي تقلهم، واعتقالهم ونقلهم فيما بعد بمركبة خاصة إلى جهة غير معلومة، معتبرة أن السياسات المنتهجة من قبل الاحتلال الإسرائيلي هي انتهاك لكافة القوانين والأعراف الدولية، مناشدة المجتمع الدولي التدخل الفوري لإطلاق سراحهم.
وقال المحاضر غسان الخطيب، لـ"العربي الجديد"، إن الجامعة بأساتذتها وإدارتها وطلبتها تنظر بقلق شديد وغضب إلى ما قامت به سلطات الاحتلال من تعرض لحافلة تضم أكثر من أربعين طالبا في طريقهم لنشاط طلابي اعتيادي قانوني.
وأضاف الخطيب أن ما قام به الاحتلال مسلك ليس غريبا ولكنه يشكل تصعيدا في سياسة قديمة جديدة تستهدف جامعة بيرزيت والجامعات الفلسطينية: "جامعتنا معتادة على هذا الأمر وطلبتنا معتادون على أن يكون لهم دور في مواجهة الاحتلال والجامعة تبذل جهودا كبيرة من خلال المحامين والتواصل مع الأهل لتأمين الإفراج عنهم، وسنستمر في إثارة الموضوع على مستوى إعلامي وحقوقي للضغط على الاحتلال من أجل الإفراج عنهم".
وأكد الخطيب أن جامعة بيرزيت والجامعات الفلسطينية عموما، هي منبع من منابع العمل الوطني ومعقل من معاقل مقاومة الاحتلال؛ "هذا سيستمر شاء الاحتلال أم أبى، نحن معتادون على هذا الوضع وفخورون بطلبتنا ونعمل على إسنادهم بكل السبل الممكنة".
وبحسب الجامعة، فإن الاحتلال يواصل اعتقال قرابة 78 طالبا وطالبة في سجونه، اعتقلوا خلال السنوات الماضية والعام الحالي، بينما اعتقل منذ بداية العام الدراسي الجديد أي منذ سبتمبر /أيلول الماضي، قرابة 81 طالبا بعضهم أفرج عنه والآخر بقي معتقلا.
ودان نادي الأسير الفلسطيني ما قامت به قوات الاحتلال الإسرائيلي، مساء أمس، معتبرا أن استمرار استهداف الاحتلال للطلبة الفلسطينيين لا سيما طلبة جامعة بيرزيت، هو محاولة لتقويض الدور الطليعيّ الذي يقومون به، وحقّهم في المشاركة، والتعبير عن إسنادهم لقضاياهم العادلة.
وأكّد نادي الأسير أن الاحتلال صعّد خلال السنوات القليلة الماضية من استهداف طلبة بيرزيت واعتقال العشرات منهم، تحديدًا في الفترات التي تصاعدت فيها حدة المواجهة مع الاحتلال، وهي امتداد للعديد من المحطات التاريخية التي واجه فيها طلبة بيرزيت جملة من السياسات الممنهجة أبزرها عمليات الاعتقال.