تعقد اللجنة القنصلية الجزائرية التونسية اجتماعاً في الجزائر الأسبوع المقبل، هو الأول من نوعه منذ آخر اجتماع لها عام 2018، لمناقشة حزمة من الملفات والقضايا المتعلقة بحركة تنقل الأفراد، والإقامة، والعمل، والتملك، والحقوق الاجتماعية للرعايا في البلدين، وحلّ بعض المسائل العالقة التي لم تُفعَّل اتفاقات سابقة بشأنها.
وتلقي قضية أزمة الناشطة الجزائرية أميرة بوراوي بظلالها على الاجتماع المقرّر يومي الاثنين والثلاثاء المقبلين، بعد سماح السلطات التونسية بترحيلها إلى فرنسا، رغم طلب قضائي جزائري بإعادتها إلى الجزائر التي غادرتها بطريقة غير قانونية، خصوصاً أن القضية ترتبط في جانب منها بالشق القنصلي الذي تضبطه اتفاقات تعاون بين البلدين في مجال تسليم المطلوبين، وضوابط التصرف في مثل هذه الحالات.
ويرجّح الجانب الجزائري أن السلطات التونسية لم تتصرف بالطريقة التي تتضمنها الالتزامات السياسية والقنصلية بين البلدين، بعد خضوعها للضغوط التي مارستها السفارة الفرنسية في تونس لنقل بوراوي إلى باريس.
وقال المحلل السياسي المتابع للعلاقات الجزائرية التونسية جمال لخذيري لـ"العربي الجديد"، إن "الاجتماع القنصلي يركز في الغالب على القضايا الاجتماعية والاقتصادية التي تهم الرعايا في البلدين، ومسائل التعاون في المجالات القنصلية، لكن الثابت أن قضية أميرة بوراوي ستكون ضمن أجندة الاجتماع، لكونها بالأساس قضية تقنية، وفي عمق الاتفاقات القنصلية بين البلدين، أكثر منها قضية سياسية، ولو نُظر إلى الاتفاقات القنصلية التي تحدّد ظروف وكيفيات إقامة وتواجد الرعايا في البلدين، فإن بوراوي كان يُفترض أن ترحّل إلى الجزائر، وعلى هذا المستوى تصبح هناك مسؤولية للطرف التونسي في السماح بترحيلها إلى فرنسا بدلاً من الجزائر".
وفي السياق، أكدت مصادر مسؤولة تشارك في الاجتماع القنصلي المقبل، لـ"العربي الجديد"، أن اللجنة المشتركة ستناقش حزمة من القضايا، أبرزها قضية حق التملك لرعايا المستوطنين في البلدين، خصوصاً أن الجزائريين المقيمين في تونس، أو التونسيين المقيمين في الجزائر، يجدون صعوبات في اقتناء وتسجيل حيازة أملاك عقارية، رغم وجود اتفاقات سابقة بين البلدين تنظم هذا الأمر".
وأشارت إلى أنه "لم يحصل سوى عدد قليل من التونسيين على عقود ملكية في الجزائر، بينما لم يحز سوى 155 جزائرياً على حق تملك عقارات في تونس عام 2019، على الرغم من قرار سابق أصدرته الحكومة التونسية، عام 2018، بضغط من شركات الانشاء العقاري، يسمح للرعايا الجزائريين (والليبيين أيضاً)، بحق تملك الشقق السكنية في حدود 100 ألف دولار، لكنه شهد تعطيلات، بسبب عدم تحمس الجانب الجزائري للمعاملة بالمثل بالنسبة إلى التونسيين في الجزائر، نتيجة مخاوف من توظيف شراء العقارات في تونس كسبيل لتهريب الأموال الجزائرية إلى الخارج".
وسيُطرح خلال الاجتماع الذي يسبق بفترة اجتماع اللجنة العليا المشتركة برئاسة رئيس حكومة البلدين، مشكلات الحق في العلاج، وحيازة دفاتر العلاج المجاني، خاصة بالنسبة إلى الجزائريين في تونس، ومشكلة نقل الأملاك، وتحويل الأموال بين البلدين، إذ يجد رعايا البلدين مشكلات في تحويل الأموال، حتى ولو كانت مبالغ مالية بسيطة، ما ساعد على وجود وسطاء يعملون على تسهيل التحويلات بطريقة غير قانونية، حيث يطالب مواطنو البلدين بوضع آلية تسمح بذلك، إضافة إلى المطالبة بتفعيل فكرة توحيد التعرفة الخاصة بالاتصال الهاتفي بين البلدين، و"إطلاق مشروع الشبكة الموحدة"، الذي كان قد طُرح خلال اجتماع اللجنة الفنية المشتركة التونسية الجزائرية للتعاون في مجال البريد وتكنولوجيا الاتصال في يناير/ كانون الثاني 2019، والذي يمكّن مواطني البلدين من استخدام خطهم الهاتفي، مع التمتع بالخدمات التي تؤمنها الشبكة بأسعار محلية لمشغلي الشبكات العمومية للاتصالات في البلدين.
وترتبط الجزائر وتونس باتفاقية قنصلية تعود إلى عام 1963، عام واحد بعد استقلال الجزائر، تنظم مصالح رعايا البلدين، وحقوقهم المكتسبة الأربعة (حق التنقل، التملك، الإقامة، والعمل)، بمناسبة إقامتهم في الجزائر أو تونس. لكن عدداً من بنود هذه الاتفاقية، كان يتعرض للتعطيل بسبب مشكلات سياسية أو ظروف تتعلق بمتغيرات واقعية وعراقيل بيروقراطية، أو لغياب المعاملة بالمثل من الجانب المقابل.
وتطرح في سياق الاجتماع مشكلات أخرى تخصّ ممتلكات عقارية جزائرية عالقة في تونس، تعود ملكية بعضها إلى الحكومة الجزائرية المؤقتة التي كانت تتمركز في تونس خلال ثورة التحرير، إذ كانت السلطات الجزائرية قد أرسلت عام 2016 لجنة لجرد هذه الممتلكات وإحصائها، لتسوية وضعيتها مع الجانب التونسي.