اجتماع إسرائيلي "سري" يحذر من تراجع دور المحكمة العليا في جرائم الحرب

21 اغسطس 2023
كشف الاجتماع عن دور للمحكمة العليا في تبرير جرائم الاحتلال أمام القانون الدولي (Getty)
+ الخط -

تتواصل التحذيرات الإسرائيلية من تأثير إضعاف المحكمة العليا في اعتقال ومحاكمة جنود وضباط الاحتلال الإسرائيلي بتهم ارتكاب جرائم حرب.

وكشف موقع "يديعوت أحرونوت"، اليوم الاثنين، تفاصيل اجتماع سري عُقد في شهر فبراير/شباط الماضي، بمشاركة ممثلين عن الجيش و"الشاباك"، و"الموساد"، ومجلس الأمن القومي وجهات أخرى، حول الاحتجاجات المعارضة للتعديلات القضائية التي تقودها الحكومة.

وأوضح عدد من كبار المسؤولين المشاركين في الجلسة أن المحكمة العليا ساهمت في نجاة مسؤولين إسرائيليين من الاعتقال والمحاكمات لدى سفرهم إلى الخارج، وذلك بموجب مبدأ التكامل القضائي، الذي يمنح الأولوية للنظر بالقضايا في المحاكم داخل كل بلد، قبل إحالتها إلى المحكمة الجنائية الدولية.   

وحذّر عدد من المشاركين، وفق الموقع، من أن إضعاف المحكمة العليا بموجب القوانين الجديدة التي يقودها الائتلاف الحاكم، سيزيد عدد الجنود والقادة الإسرائيليين الذين قد يتهمون بأنهم مجرمو حرب، جراء ممارسات الاحتلال ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة وممارسات أخرى.

وتفسر الجلسة سبب ازدياد عدد الطيارين والحربيين وجنود الاحتلال من مختلف الوحدات في جيش الاحتياط، الذين أعلنوا عدم امتثالهم للخدمة العسكرية.

وتناول الاجتماع احتمال إدخال جنود إلى القوائم السوداء في دول عدة، بسبب انتهاكاتهم الموثقة من قبل الفلسطينيين في الضفة.

لكن الاجتماع تجاوز أيضاً مسألة الجنود، إلى قضية الاستيطان، ولفت إلى دور المحكمة العليا في تعزيز الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة، وتوفير الحماية له من المحاكمات الدولية، محذراً من أن هذا الدور سيتأثر في حال تراجع مكانة المحكمة.

ونقل الموقع عن ضباط كبار في جيش الاحتلال، شاركوا بالاجتماع، أنه لن يكون بالإمكان، مصادرة أراضٍ فلسطينية "لاحتياجات أمنية ملحّة، مثل بناء جدار على خط التماس، لأن المحكمة العليا، التي تأذن بهذه الخطوة، لن يجري الاعتراف بها (عالمياً) كمحكمة مستقلة وقوية"، بسبب القوانين التي تقيّدها.

ويعني هذا من الناحية العملية، بأن لقب "مجرم حرب"، بموجب القانون الدولي، قد يلاحق العمال الذين يعملون في بناء الجدار الفاصل مع الضفة، "مثلما يحدث في هذه الأيام في مشروع تعزيز خط التماس المخترق، في الضفة"، وفقاً للموقع.

وحسب الموقع، قد يلاحق هذا اللقب "الجنود الذين سيؤمّنون العمال، بالإضافة إلى قادة كتائب ووحدات الجيش، وبالتأكيد ضابط المنطقة وقائد الفرقة".

وأشار التقرير إلى أن الجنود على الأرض قد يكونون أكثر عرضة للملاحقات من الطيارين في سلاح الجو، ذلك كون احتمالات تصويرهم وكشف هوياتهم أكبر.

وساق الموقع قضية الجندي الإسرائيلي، أليئور أزاريا، الذي قتل في مارس/آذار عام 2016، الشهيد عبد الفتاح الشريف في تل الرميدة في مدينة الخليل، بينما كان الشريف مصاباً على الأرض ولا يقوى على الحراك أو الدفاع عن نفسه، موضحاً أن محاكمة واتهام أزاريا في إسرائيل، حمته من المحاكمة الدولية.

وقال ممثل عن مجلس الأمن القومي الإسرائيلي خلال اللقاء إنه "على مدى عقود، كانت المحكمة العليا بمثابة ختم يبرر للعالم بأن إسرائيل تنتهك حقوق الإنسان تجاه الفلسطينيين، لأغراض أمنية، وبالتالي فإن الحكومات في الغرب لا تفرض عقوبات علينا".

ونقل الموقع عن مسؤول كبير قوله إن مثالاً آخر طُرح بشأن حماية المحكمة العليا لإسرائيل والمسؤولين الإسرائيليين أمام العالم، وهو أن "المحكمة العليا قد أذنت مرات عديدة بمصادرة أراضٍ لفلسطينيين لغرض إقامة الجدار على طول خط التماس حول الضفة الغربية، باستخدام مبررات قانونية معترف بها دولياً، ومهدت الطريق أمام عملية ليست بديهية على الإطلاق".

وأضاف المسؤول أن "المحكمة العليا في إسرائيل تتمتع بمكانة دولية، وتدرّس أحكامها في أفضل الكليات في أوروبا والولايات المتحدة، في مجالات القانون الدولي، فقط لأنها تعتبر مستقلة وغير متعلقة بأي جهة".

واستعرضت الجلسة إطلاق جيش الاحتلال الرصاص الحي باتجاه مئات الفلسطينيين غير المسلحين على الحدود مع غزة خلال مظاهرات عند الجدار بين عامي 2018 -2020، مشيرة إلى أن التماساً قُدم للمحكمة العليا ضد الجيش، لكنها قررت أن ممارسات جيش الاحتلال كانت قانونية، معتمدة على الادعاءات التي قدمها الجيش لها.

وجاء في الجلسة أن القرار ساهم في حماية قائد الجيش في منطقة الجنوب في حينه، هرتسي هليفي، الذي يشغل اليوم منصب قائد هيئة أركان جيش الاحتلال، ما حال دون محاكمته دولياً بارتكاب جرائم حرب بسب إصداره أوامر إطلاق النار.

واستعرض عدد من المشاركين في الاجتماع مزيداً من الأمثلة، فيما أكد أحدهم أن الدور الذي تلعبه المحكمة العليا الإسرائيلية هو الذي يحمي المسؤولين السياسيين والعسكريين الإسرائيليين "وليس لسواد عيوننا، أو لأن لدينا أصدقاء في هاغ".

وأشار مختص قانوني عسكري، كان موجوداً في اللقاء، إلى أن الاغتيالات الدقيقة من الجو "حظيت بدعم من المحكمة العليا، وأن المحكمة ريادية على مستوى العالم في هذا المجال، من خلال مبررات غير مسبوقة طرحها القضاة، على مستوى العالم"، محذراً من أن مصداقية تبرير مثل هذه العمليات من قبل المحكمة العليا "الجديدة"، على حد وصفه، تحت طائلة التعديلات القضائية، لن تصمد في الحلبة الدولية. وقال: "الطيار الذي يهاجم، قد يجد نفسه متهماً في الخارج كمجرم حرب، وكذلك قادته الذين أرسلوه. ليس من قبيل الصدفة أنه حتى يومنا هذا لم تجر محاكمة ضابط إسرائيلي واحد، على الرغم من العدد الكبير للهجمات والعمليات التي ينفذها الجيش الإسرائيلي، كل يوم، وكل عام، في مناطق مأهولة بالسكان، مقارنة بأي جيش آخر في الغرب".

المساهمون