اتصالات لإعادة تسيبي ليفني إلى المشهد الحزبي في إسرائيل

29 ديسمبر 2020
امتنعت ليفني عن خوض المعارك الانتخابية الثلاث منذ إبريل/نيسان 2019 (جاك غويز/فرانس برس)
+ الخط -

​تشهد إسرائيل حراكاً انتخابياً نشطاً على مستوى بناء اصطفافات جديدة، مع تحديد الثالث والعشرين من مارس/آذار من العام المقبل، موعداً لانتخابات عامة هي الرابعة من نوعها في أقل من عامين.

وفيما يُنتظر أن يعلن رئيس بلدية تل أبيب روني حولدائي، مساء اليوم الثلاثاء، قراره بشأن خوض المعركة الانتخابية من خلال قائمة جديدة، بالشراكة مع، آفي نيسنكورن، وزير العدل من حزب "كاحول لفان" الذي يعاني التفكك والانهيار، ذكرت صحيفة "هآرتس"، صباح اليوم الثلاثاء، أنّ زعيم المعارضة يئير لبيد، يجري اتصالات مكثفة مع زعيمة حزب "كديما" المندثر، تسيبي ليفني، التي كانت تفوقت عبر الحزب المذكور على "الليكود" في انتخابات العام 2009، وحصلت على تكليف بتشكيل حكومة، لكنها فشلت بإقناع الحريديم بالانضمام لحكومة برئاستها، مما أعاد بنيامين نتنياهو لسدة الحكم عام 2009.

وتأتي هذه الاتصالات بعد أن كانت ليفني التي خسرت لاحقاً زعامة حزب "كديما"، ثم أسست حزب "هتنوعا"، قد امتنعت في المعارك الانتخابية الثلاث منذ إبريل/نيسان 2019، عن خوض الانتخابات النيابية في إسرائيل، لكنها بدأت أخيراً تنشط في سياق العودة للمشهد السياسي.

وفيما تمثل ليفني أحد أقطاب فكرة حلّ الدولتين، وفق شروط تمنح إسرائيل تفوقاً نوعياً وسيطرةً واسعةً على مساحات في الضفة الغربية، وخاضت جولات من المفاوضات مع الطرف الفلسطيني بقيادة الراحل صائب عريقات وأحمد قريع، فإن قوتها الانتخابية ضعيفة، لكن يمكن لعودتها أن تبث بعض الحرارة في أوساط إسرائيلية ليبرالية، علماً أنها كانت صاحبة فكرة "قانون القومية اليهودي"، أسوة بآفي ديختر الذي انتقل بعد تفكك حزب "كديما" إلى صفوف "الليكود".

تمثل ليفني أحد أقطاب فكرة حلّ الدولتين، وفق شروط تمنح إسرائيل تفوقاً نوعياً وسيطرةً واسعةً على مساحات في الضفة الغربية

ويبدو أنّ سبب اتجاه لبيد للتجاوب مع ليفني يعود إلى مصاعب داخل حزب "ييش عتيد" بقيادته، وميله إلى فك الشراكة مع حزب "تيلم" الذي يقوده الجنرال الأسبق ووزير الأمن الأسبق موشيه يعالون، بعد أن أظهر ضعفاً انتخابياً، ولم يأتِ بالثمار الانتخابية المرجوة منه، من جهة، وعلى أثر انشقاق عضو الكنيست عوفر شيلح، أحد أبرز الوجوه في "ييش عتيد" عن الحزب، وإعلان عزمه تشكيل حزب جديد، وشنّه هجوماً على يئير لبيد، معلناً أنّ الأخير، وخلال المعارك الانتخابية الأخيرة منذ تأسيس الحزب عام 2013 وحتى اليوم، استنفد كل نقاط الجذب والتأييد الشعبي، ولم يعد بمقدوره أن يشكّل بديلاً يمكنه الإطاحة بـ"الليكود" من الحكم، لا سيما بفعل رفضه المبدئي المطلق لأي تحالف مع أحزاب الحريديم الأرثوذكسية من جهة، وعدم قبوله بأي تحالف مع أحزاب القائمة المشتركة للأحزاب العربية من جهة أخرى، خصوصاً وأن أحد أشهر مقولات لبيد السياسية منذ ظهور حزبه أنه "لن يتعاون مع الزوعبيز"، في إشارة للنائبة الفلسطينية السابقة عن حزب "التجمع الوطني الديمقراطي"، حنين زعبي.

ويشهد معسكر الوسط واليسار في إسرائيل حركة اصطفاف نشطة، لكنها لا تخلو من اعتبارات ذاتية ضيقة. فحزب "العمل" الذي تتنبأ الاستطلاعات بعدم اجتيازه نسبة الحسم، يعاني مع ما تبقى له من نواب (3)، من خلافات داخلية بشأن إجراء انتخابات تمهيدية داخلية من عدمها. أما حزب "ميرتس"، فيشهد هو الآخر خلافاً شديداً حول طريقه في الانتخابات المقبلة، وهل ينضم لاصطفاف مع حزب "العمل" وربما أيضاً حزب رون حولدائي رئيس بلدية تل أبيب، أم يتجه لتحالفات يهودية عربية جديدة.

في المقابل، فإن المشاكل والخلافات تعصف أيضاً بالقائمة المشتركة للأحزاب العربية، بعد سلسلة خلافات بين مركباتها الأربعة (الجهة والحزب الشيوعي الإسرائيلي، وحزب التجمع الوطني الديمقراطي والحركة الإسلامية الجنوبية والحركة العربية للتغيير) سواء بفعل تصويت بعض أعضاء القائمة مع قوانين تدعم حقوق المثليين، وهو ما عارضته بشكل واضح الحركة الإسلامية، وأخيراً بعد إعلان رئيس الحكة الإسلامية الجنوبية، عضو الكنيست منصور عباس، أنه لن يتردد في التوصل إلى تفاهمات مع نتنياهو والتصويت مع مقترحات قوانين لصالح الحكومة، مقابل مكاسب للفلسطينيين في الداخل، وترجم ذلك على أرض الواقع بامتناعه قبل أسبوعين، ليلة حل الكنيست، عن معارضة قانون تمديد مهلة إقرار ميزانية للدولة.

ومنذ أكثر من شهر، وأقطاب القائمة المشتركة للأحزاب العربية يتبادلون الاتهامات، وتحديداً بين الحركة الإسلامية الجنوبية وباقي مركبات القائمة المشتركة، بشأن مقايضة الحقوق المستحقة للفلسطينيين في الداخل، كمواطنين فرضت عليهم الجنسية الإسرائيلية، مقابل مواقف سياسية على شكل تصويت أو الامتناع عن دعم مقترحات قانون تقدمها الحكومة.

وأعلن النائب منصور عباس في سلسلة مقابلات مع الصحافة العبرية، أنه بما أنه لا يرى في الأفق حكومة بديلة، أو فرقاً جوهرياً بين حكومة بقيادة نتنياهو أو غيره، فإنه لن يتردد بإبرام تفاهمات مع الحكومة، وإذا رفضت مركبات المشتركة توجهه هذا، فإنه قد يخوض الانتخابات على لائحة مستقلة للحركة الإسلامية.

مع ذلك، وعلى الرغم من صدور دعوات للوحدة، فإن الشعور العام في الداخل الفلسطيني أن القائمة المشتركة وصلت إلى طريق مسدود، وإذا لم يتم خفض الحرب الداخلية بين مركباتها، فمن شأن ذلك أن يؤدي إلى تفككها، وأن يخوض العرب في الداخل الانتخابات في قائمتين، مما قد يخفض من عدد النواب العرب في الكنيست الإسرائيلي.

وخلافاً للانتخابات الأخيرة التي بدا فيها أنه سيكون للصوت العربي تأثير مصيري لجهة سدّ الطريق أمام نتنياهو لتشكيل حكومة جديدة، وتوجه الجنرال بني غانتس إلى تشكيل حكومة الطوارئ الوطنية مع نتنياهو، متجاهلاً دعم القائمة المشتركة له وتوصيتها عليه، فإن فشل شعار التأثير وإسقاط نتنياهو الذي رفعته القائمة، ينعكس في الأشهر الأخيرة سلباً على حجم التأييد لها، وتتراجع في الاستطلاعات الأخيرة من 15 مقعداً تملكها الآن إلى 11 مقعداً فقط، بشرط أن تكون موحدة.

المساهمون