تسجيل صوتي "عسكري" عن الفساد بشركات للحرس الثوري الإيراني: انتقادات وتعليق رسمي

14 فبراير 2022
القضية أعيد نشرها بعد الكشف عنها سابقاً (Getty)
+ الخط -

انتشر تسجيل صوتي في إيران، خلال الأيام الأخيرة، للقاء خاص عُقد قبل سنوات بين القائد العام السابق للحرس الثوري (2007 ـ 2019)، اللواء محمد علي جعفري ونائبه آنذاك للشؤون الاقتصادية، العميد صادق ذوالقدرنيا، يتحدثان فيه عن الفساد في إحدى الشركات التابعة لمؤسسة الحرس، مع توجيه اتهامات غير مباشرة لشخصيات، من بينها محمد باقر قاليباف رئيس البرلمان الحالي بالسعي للتستر على القضية. غير أن وسائل إعلام إيرانية محافظة أكدت صحة التسجيل، اليوم الإثنين، برّأت في تقارير قاليباف من التهم، مشيرة إلى أنه ساهم في القبض على المتهمين ومحاكمتهم. 

وأثار التسجيل انتقادات، خاصة على شبكات التواصل الاجتماعي، ودعوات لمحاكمة المتورطين وتشديد الرقابة على الأنشطة الاقتصادية للحرس، فضلا عن تعليقات رسمية من الحرس الثوري بشأن ما ورد فيه، اليوم الإثنين.  

والتسجيل الصوتي، نشرته قناة "أهم أخبار" المحافظة، عام 2018، لكنه حينها لم يلفت الأنظار، إلا أن إعادة نشره من قبل موقع "إذاعة فردا" المتحدثة باللغة الفارسية والتابعة لمؤسسة "أوروبا الحرة" الممولة من الحكومة الأميركية، قبل أيام، أدى إلى انتشاره على نطاق واسع مع تركيز كبير لوسائل الإعلام المتحدثة بالفارسية خارج إيران على القضية خلال الأيام الأخيرة. 

ويقدم العميد ذوالقدرنيا في التسجيل تقريرا عن أنشطة اقتصادية للحرس الثوري، بما فيها أنشطة "مؤسسة التعاون"، و"مقر خاتم الأنبياء" العملاق لقائد الحرس آنذاك، فضلا عن الإشارة إلى فساد في بعض الشركات، مشيرا إلى اختلاس "على الأقل 8 آلاف مليار تومان (نحو 300 مليون دولار حسب سعر الصرف في السوق الموازي)" في شركة "ياس".

هذه الشركة تأسست عام 2015 لتأمين "الموارد المالية اللازمة" لفيلق القدس من خلال تنفيذ مشاريع عمرانية، وذلك في خضم "المعارك الميدانية" للفيلق في المنطقة ضد تنظيم "داعش" ومن وصفتهم بأنهم "تكفيريون"، وفقا لتقرير لوكالة "فارس" الإيرانية، نشرته اليوم الإثنين.  

غير أن الشركة "أخفقت" في تحقيق أهدافها الاقتصادية، و"بعدما أثار أداؤها شكوك قادة الحرس"، عمدوا إلى حلها وإحالة المفسدين اقتصاديا إلى المحاكم العسكرية. 

يقول ذوالقدرنيا إن مؤسسة التعاون الاقتصادية في الحرس "خلال معاملات أجرتها لقوة القدس تحملت خلال عامين 1071 مليار تومان خسارة مالية"، مشيرا إلى أن قائد الفيلق السابق، الجنرال قاسم سليماني كان قد طلب إعادة أموال الفيلق لدى مؤسسة التعاون. 

وهنا يعبر قائد الحرس السابق، محمد علي جعفري، عن سعادته بعد أن علم سليماني "بما وقع في شركة ياس" في إشارة إلى عملية الفساد فيه، داعيا إلى "الشفافية بشأن الديون لفيلق القدس". 

ثم يتهم ذوالقدرنيا، رئيس البرلمان الإيراني الحالي محمد باقر قاليباف، بأنه سعى للتستر على ملف ياس عبر التوقيع على تفاهم لحل المشكلة، مشيرا إلى أنه رفض ذلك باعتباره "عملا مخالفا" للقوانين. 

تعليق الحرس 

اليوم الإثنين، علق المتحدث باسم الحرس الثوري الإيراني، العميد رمضان شريف، على انتشار التسجيل الصوتي، قائلا إنه "تسجيل صوتي قديم" حول سوء الإدارة والمخالفات في إحدى الشركات التابعة لمؤسسة التعاون التابعة للحرس، مضيفا، في تصريحات أوردتها وكالات الأنباء الإيرانية، أنه "منذ خمس سنوات شككت أجهزة الرقابة بالحرس حسب الآليات المعهودة والمراقبة المستمرة في سوء الإدارة والمخالفة في أحد الشركات". 

وأوضح "بعد تحقيق دقيق ومهني تمت إحالة الملف إلى المحاكم القضائية، والسلطة القضائية بتعاون مع الحرس أصدرت أحكاما بحق المتهمين المخالفين، وهم حاليا يقضون فترة المحكومية". 

وأضاف أن هذا الموضوع قد تم الإعلان عنه حينها في التلفزيون الوطني من قبل المتحدث باسم السلطة القضائية للرأي العام، قائلا إن إعادة نشر التسجيل "ليلة 22 بهمن (ذكرى الثورة) وإحياء انتصارها العظيم" جاء في سياق "استراتيجية لترميم الجروح العميقة" التي قال إن الحرس واللواء قاسم سليماني "أحدثاها في جسم الاستكبار". 

ونفى شريف "أي دور ومسؤولية" لسليماني في مؤسسة تعاون الحرس الاقتصادية، قائلا إن "ما حصل أظهر مرة أخرى أن العدو لم يعد يحتمل الشهيد الحاج قاسم، وأن هذه النظرية باتت تثبت أكثر فأكثر أن الحاج سليماني شهيدا أكثر إخافة للعدو من سليماني الحي". 

من جهتها، أوردت وكالة "فارس" الإيرانية، اليوم الإثنين، في تقرير أن "المهم في هذه القضية هي جهود قادة الحرس، ومنهم محمد علي جعفري والحاج قاسم سليماني ومحمد باقر قاليباف في الكشف عن المخالفة ومحاكمة المتخلفين"، مشيرة إلى أن المتهم عيسى شريفي الذي كان نائبا أيضا لقاليباف أثناء عمل الأخير رئيساً لبلدية طهران (2005 ـ 2017)، كان قد هرب إلى خارج البلاد، لكن رئيس البرلمان أعاده إلى الداخل "بجهوده وتدبيره وحُوكم بسبب مخالفاته". 

إلى ذلك أيضا، هاجمت صحيفة كيهان المنتقدين، مخاطبة الإصلاحيين عبر السؤال: "بعض من يدعي الإصلاحات بأي دافع ینفخون في هذا البوق؟ أي حقد يحملونه تجاه الحرس؟"، متهمة وسائل إعلام أميركية وأوروبية وصهيونية وعربية بـ"قلب الحقائق والانتقام من الحرس الثوري من خلال هذه القصة". 

أحكام المتهمين 

كانت السلطة القضائية قد أنهت محاكمة المتهمين، ومنهم المتهمون الرئيسيون، محمود سجادي نيا وعيسى شريفي، خلال العام الماضي، فصدر حكم بالسجن لـ30 عاما للأول و20 عاما للثاني، مع إعادة الأموال العامة. 

كما حكم على نائب رئيس مؤسسة التعاون، مسعود مهردادي، بالسجن لعامين بسبب سوء الإدارة ووقع المخالفات الاقتصادية في إحدى المجموعات التابعة للمؤسسة. 

وفي التسجيل الصوتي، يقول قائد الحرس السابق، محمد علي جعفري إن مهردادي "لم ينتفع شخصيا" من الفساد الذي وقع في شركة "ياس"، متسائلا: "كل هذا المال الذي ذهب هدرا بأوامر الآخرين من دون رقابة، ألا يتحمل المسؤولية؟". 

المساهمون