عاد مرة أخرى الجدل بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، بعد توزيعها تقريريها الحديثين بين أعضائها، الإثنين، إذ علقت طهران برفض ما تناوله التقرير الأول بشأن عدم تعاون إيران مع الوكالة، فيما يتعلق بالمواقع الإيرانية المشتبه بممارسة أنشطة نووية فيها، مؤكدة أن الوكالة الدولية "تركت جانبا الأدلة المفصلة والمستدلة والتقنية التي طرحتها إيران، فاعتبرت بشكل غير عادل أنها ليست ذي مصداقية".
وعبّر المندوب الإيراني لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، محمد رضا غائبي، عن هذا الموقف، متهما الوكالة بأنها "ما زالت تعتمد الفرضيات المحددة سلفا وتقدم استخلاصها الأحادي".
وفي وقت سابق من اليوم الإثنين، أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تقريرها الأول، الذي اطلعت عليه "رويترز"، أن إيران لم ترد بمصداقية على أسئلة الوكالة المطروحة عليها منذ فترة طويلة بشأن مصدر آثار يورانيوم عُثر عليها في ثلاثة مواقع غير معلنة.
وأضافت الوكالة الدولية أن إيران "لم تقدم تفسيرات جديرة بالثقة من الناحية الفنية، فيما يتعلق بالنتائج التي توصلت إليها في تلك المواقع" الثلاثة.
وقال مندوب إيران لدى الوكالة، إن تقرير مديرها العام، رافائيل غروسي، بشأن المواقع الخلافية، "لا يعكس التعاون الإيراني الواسع مع الوكالة" في هذا الشأن، معتبرا أن "هذا التوجه غير بنّاء، ويفسد العلاقات والتعاون الجاري عن كثب بين إيران والوكالة".
وحذر غائبي، الوكالة الدولية للطاقة الذرية، من "العواقب المخربة لنشر هذه التقارير الأحادية التي يمكن أن تمنح ذرائع كافية لمعارضي العلاقات بين إيران والوكالة ومعارضي إحياء الاتفاق النووي اللدودين".
وفي السياق، أضاف المسؤول الإيراني أن "الجمهورية الإسلامية كانت تؤمن منذ البداية بأن المزاعم المطروحة ضدها انبنت على معلومات مزورة، قدمها الكيان الصهيوني والدول المعادية لها"، غير أنها حسب قوله "أظهرت حسن نيتها وأعلنت عن تعاملها التقني المستدل مع الوكالة، تفنيدا لتلك المزاعم والاتهامات، فحاولت الاتفاق معها عبر خوض مسار تفاوضي بهدف إنهاء المزاعم وشاركت في ثلاثة اجتماعات تقنية مفصلة منفصلة مع المسؤولين المعنيين بالوكالة خلال الشهرين الماضيين، وقدمت تفسيرات تقنية لازمة" حول القضايا الخلافية اللازمة.
وبموازاة مفاوضات فيينا النووية المتوقفة منذ إبريل/نيسان 2021، كانت إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية تجريان مفاوضات لحل القضايا العالقة بينهما، توجت باتفاق مكون من أربعة بنود مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تم الكشف عنه خلال زيارة المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، إلى طهران مطلع مارس/آذار الماضي.
وكان رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، محمد إسلامي، قد أكد، مطلع الشهر الماضي، أن بلاده سلمت يوم 20 من مارس الماضي، الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الوثائق التي طلبتها بشأن "مزاعم الكيان الصهيوني"، قائلا إن مندوبين من الوكالة سيزورون إيران قريبا لمراجعة الردود الإيرانية، تمهيدا لإعداد تقرير نهائي.
وتعهدت إيران في الاتفاق مع الوكالة الدولية بأنها ستقدم "إيضاحات مكتوبة" بشأن أسئلة الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول القضايا المطروحة المرتبطة المواقع المشتبه بها، مع إرفاقها بـ"وثائق معينة معنية" وذلك حتى 20 مارس/آذار.
والبند الثاني من الاتفاق ينص على أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية ستراجع ما تقدمه إيران من إيضاحات ووثائق خلال أسبوعين بعد استلامها، ومن ثم ستطرح على إيران "أي أسئلة" حول المعلومات التي تتلقاها.
وينص البند الثالث من خارطة الطريق بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية على أنه خلال أسبوع بعد تقديم الوكالة أي أسئلة لإيران حول المعلومات الإيرانية المقدمة إليها، سيعقد الطرفان جلسة في طهران لمناقشة الأسئلة.
وفي البند الرابع، ورد أن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، بعد إنجاز الأنشطة المنصوص عليها في البنود الثلاثة آنفة الذكر وتقييمات الوكالة، سيعرض النتيجة في تقرير على اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي سينعقد خلال يونيو/حزيران المقبل.
التعليق على التقرير الثاني
كما علق مندوب إيران الدائم لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، محمد رضا غائبي، على التقرير الثاني للوكالة، بشأن ارتفاع مطرد لمخزونها من اليورانيوم المخصب، بالقول إن "التقرير الثاني هو تقرير تقني محدث للمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية حول الرقابة على تنفيذ الاتفاق النووي وفق القرار 2231 لمجلس الأمن الدولي"، مشيرا إلى أن "هذا التقرير يضم آخر التطورات والمعلومات الفنية الجديدة بشأن الأنشطة النووية الإيرانية".
وبذلك، أكد المسؤول الإيراني صحة ما جاء في التقرير الثاني، لكنه أكد في الوقت ذاته أن "جميع الأنشطة النووية للجمهورية الإسلامية سلمية، وأنها تأتي في إطار معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية.
وحسب هذا التقرير، فإن مخزون اليورانيوم المخصب لدى إيران قد تجاوز الحد المسموح به بموجب الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين طهران والقوى الكبرى بأكثر من 18 مرة، بحسب تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية، اطلعت عليه وكالة "فرانس برس" الاثنين.
ووفقًا لتقديرات منتصف مايو/أيار، فقد زادت طهران إجمالي احتياطها إلى 3809,3 كلغ، مقابل 3197,1 كلغ في فبراير/شباط، بعيدًا عن السقف الذي تعهدت به بموجب الاتفاق والبالغ 202,8 كلغ (أو 300 كلغ من سداسي فلوريد اليورانيوم UF6).
وكسرت طهران الحد المسموح به في الاتفاق النووي لتخصيب اليورانيوم من خلال رفعه يوم السابع من يوليو/تموز 2019 من 3.67% إلى 4.5% في إطار خفض التعهدات النووية، ردا على تداعيات الانسحاب الأميركي من الاتفاق عام 2018. ولم تكتف بذلك، لتقوم برفع النسبة إلى 20 في المائة اعتبارا من الرابع من ديسمبر/كانون الأول 2020، في منشأة "فوردو" على بعد 130 كيلومترا عن العاصمة طهران جنوبا، تنفيذا للبند الأول بقانون "الإجراء الاستراتيجي لإلغاء العقوبات"، فضلا عن رفعها النسبة يوم 13 إبريل/نيسان الماضي إلى 60 في المائة، ردا على الهجوم الذي استهدف منشأة "نطنز" لتخصيب اليورانيوم في اليوم قبله، مع توجيهها اتهامات لإسرائيل بتنفيذه.