- إسرائيل تتهم "أونروا" بالإرهاب وتحريض التعليم، وتسعى لتحقيق توافق دولي ضدها من خلال حملات دبلوماسية وإعلامية لتشويه صورتها.
- المفوض العام لأونروا يحذر من تداعيات إنهاء عمل الوكالة، مشيرًا إلى أن ذلك قد يفاقم المجاعة في غزة ويؤجج العنف.
أعلن جلعاد إردان السفير الإسرائيلي في الأمم المتّحدة "النهاية" لوجود وكالة الأمم المتّحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أنروا" في الأراضي الفلسطينية، في جلسة الأمم المتّحدة في 18 إبريل/نيسان، وقال صراحةً إنّ "أحد الأهداف الرئيسية لأونروا هو تلقين الأطفال الفلسطينيين فكرة أنّهم يستطيعون تدمير إسرائيل، إذا عاد الملايين من أحفاد اللاجئين الفلسطينيين"، هذا بعد حملة الدولة العبرية الطويلة والممنهجة قبل "طوفان الأقصى" لتقويض دور "أنروا"، ومن ثم إنهاء عملها كلّيًا في الأراضي الفلسطينية، وهذا ما أكده مرارًا وتكرارًا فيليب لازاليني المفوض العام لـ"أنروا"، محذرًا "إن الرضوخ لطلب إسرائيل حلّ الوكالة من شأنه أن يفاقم المجاعة في قطاع غزّة، ويدفع بجيلٍ من الأطفال إلى اليأس، وبالتالي تأجيج دوامات عنفٍ لا تنتهي".
كيف يشوه النظام الإسرائيلي صورة "أونروا"
استعرت الادّعاءات الإسرائيلية ضدّ "أونروا"، منذ الأيّام الأولى للحرب الإسرائيلية على قطاع غزّة، معتبرةً إياها منظّمةً إرهابيةً تحرض عليها عبر موظفيها وأبنيتها وتمويلها. كان أولها الإدعاء بأن 13 موظفًا من موظفي "أنروا" قد شاركوا في "طوفان الأقصى"، على إثر ذلك أعلنت عشر دولٍ غربيةٍ، على رأسها الولايات المتّحدة، إيقاف الدعم الذي تقدمه للوكالة؛ عدلت بعض الدول عن ذلك في ما بعد، هذا عدا القصف الإسرائيلي المباشر لمراكز الإيواء التابعة لـ"أونروا"، الذي ارتقى على إثره مئات الشهداء، واتهام منظومة "أونروا" التعليمية بالتحرض على الإرهاب، من خلال المناهج التعليمية ومعلميها.
اتخذت الدولة العبرية خطواتٍ عدّة لتنفيذ تلك الخطة الممنهجة، منها حملاتٌ دبلوماسيةٌ مكثفةٌ في المنظّمات الدولية والإقليمية
في تقريرٍ مؤسسة Impact- se الإسرائيلية؛ نشر بعد شهرٍ من بدء الحرب، المعنون "التعليم في أونروا: الكتب المدرسية والإرهاب"، ادعى التقرير أنّ مدارس "أونروا" قد تحولت إلى مراكز تبث الإرهاب بدلًا عن محاربته، إذ خرج العديد من الطلبة الذين انضموا لاحقًا للحركات الإرهابية، من خلال المناهج التعليمية التي درسوها. كما حللت بعض مضامين الكتب التي تدرس في مدارس "أنروا"، تلك التي أثّرت على عقلية الطلبة، كما ادعى التقرير أنّ العاملين في "أنروا"؛ يفوق عددهم 30 ألفًا، يدعمون الإرهاب، كما أرفق التقرير صورًا لحسابات بعض موظفي "أونروا" تظهر دعمهم الحرب ضدّ إسرائيل. وعليه أوصى التقرير بضرورة التحرك لإحداث تغييرٍ في هذا الشأن.
كما نظمت الحكومة الإسرائيلية حملاتٍ إعلاميةً ودعائيةً لتشويه صورة "أونروا"، وتقديمها بأنّها جزءٌ من المشكلة في النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، بدلًا من كونها جزءًا من الحلّ. خلال شهور الحرب دعت إسرائيل، وبعض الدول الغربية، إلى تحديد بدائلٍ لـ"أونروا"، مثل تحويل مسؤولية تقديم الخدمات الإنسانية للفلسطينيين إلى وكالاتٍ دوليةٍ أخرى، أو للحكومة الفلسطينية.
جهود إسرائيل لتحقيق التوافق الدولي ضدّ "أونروا"
حاولت الدولة العبرية مرارًا إلغاء دور "أونروا"، وتجفيف مصادر الدعم الإنساني للفلسطينيين، وصولًا إلى محاصرة أيّ اعترافٍ دوليٍ بحقّ عودة الفلسطينيين. نصت وثيقةٌ سريةٌ للخارجية الإسرائيلية، كشفت عنها الصحف العبرية أخيرًا، على خطةٍ لإخراج "أونروا" من غزّة، في أعقاب الحرب على ثلاثة مراحلٍ، أولها؛ الكشف عن تعاونٍ مزعومٍ مع حركة حماس. وثانيها؛ تقليص عمليات "أونروا" في قطاع غزّة، والبحث عن منظّماتٍ مختلفةٍ لتقديم خدمات التعليم والرعاية الاجتماعية للفلسطينيين. وثالثها؛ نقل كلّ مهام "أونروا" إلى الهيئة التي ستحكم غزّة بعد انتهاء الحرب.
اتخذت الدولة العبرية خطواتٍ عدّة لتنفيذ تلك الخطة الممنهجة، منها حملاتٌ دبلوماسيةٌ مكثفةٌ في المنظّمات الدولية والإقليمية، استهدفت تشويه سمعة "أونروا"، وإظهارها بأنّها تسهل تمويل الجماعات الإرهابية في قطاع غزّة. وكذلك ضغوطًا ماليةً، إذ تبنت إسرائيل، وبعض الدول الغربية، سياسة تقليص التمويل الدولي لـ"أونروا".
على إثر ذلك أعلنت عشر دولٍ غربيةٍ، على رأسها الولايات المتّحدة، إيقاف الدعم الذي تقدمه للوكالة
شهدت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" تحدياتٍ كثيرةً على مر السنين، لكن الحملات الإسرائيلية الحالية هي أكثرها تعقيدًا وتأثيرًا على الوكالة، والوضع الإنساني في فلسطين، لا سيّما في قطاع غزّة، إذ جاءت الفرصة خلال الحرب المستعرة لإنهاء دور وعمل "أنروا"، في سياق تقويض حقّ اللاجئين الفلسطينيين في العودة، الذي يعتبر أمرًا أساسيًا لحلّ المسألة الفلسطينية، ولتشكيل رؤيةٍ جديدةٍ للوضع الفلسطيني، تحرم اللاجئين من حقوقهم التاريخية والقانونية.