تجددت، اليوم السبت، احتجاجات أهالي قرى وبلدات محافظة السويداء جنوبي سورية، ضد قرارات رفع أسعار المشتقات النفطية التي أصدرتها سلطات النظام، وألقت بظلالها بشكل فوري على سير عجلة الحياة الاقتصادية في البلاد.
وأغلق المحتجون في قرى وبلدات عدة من المحافظة الطرق العامة والأوتوستراد الرابط بين دمشق والسويداء.
وفي قرية المجدل في الريف الغربي للمحافظة عبّر الأهالي عن احتجاجهم بإغلاق مقري المجلس البلدي وفرقة "حزب البعث". وباتت مقرات هذا الأخير هدفاً للمحتجين الذين يعتبرون الحزب "الأداة الأولى بيد النظام السوري لقمع الشعب والنهب والفساد"، وفقاً للناشط المدني مهران يونس.
وقال يونس، لـ"العربي الجديد"، إن "سلطة النظام وأدواتها تتحمل مسؤولية الانهيار الاقتصادي، وليس الحصار أو المؤامرة الكونية أو المصطلحات الرنانة التي يطلقها إعلامها".
والخميس، أغلق المحتجون في قرية نمرة شهبا شرقي المحافظة، مقر المجلس البلدي أيضاً، بعد رفض أعضائه التضامن مع مطالب الأهالي في تنفيذ عصيان مدني وإضراب عن العمل.
كما شهدت جميع مناطق المحافظة يومي الخميس والجمعة الماضيين احتجاجات وقطع للطرقات، بدءاً من قرى الريفين الشرقي والغربي، امتداداً إلى مدينة السويداء حتى قرى الريف الجنوبي.
ووصف محتجون قرارات السلطة بـ"الإذلال الممنهج"، متهمين الأخيرة بـ"بيع مقدرات الدولة للمحتلين".
وعلى مدار 14 عاماً من الثورة السورية المطالبة بالحرية وإسقاط النظام الاستبدادي، استخدم رئيس النظام بشار الأسد قوة مميتة لفرض سلطة الخوف، في غياب متطلبات العيش الكريم.
وتخلل الاحتجاجات الأخيرة، كتابة عبارات تندد بالسلطة وحزب البعث وتطالب برحيل الأسد وإعادة الحقوق، على جدران الدوائر الحكومية والفرق التابعة للحزب، وأخرى تطالب الموظفين الحكوميين بإضراب عن الدوام حتى تحقيق المطالب.
وقال سليمان فخر، مدير تحرير "شبكة الراصد" المحلية، لـ"العربي الجديد"، إن حزب البعث كان مستهدفاً منذ الساعات الأولى، لأن أعضاءه كانوا الذراع التي تضرب بها السلطة المحتجين، مضيفاً: "لم ينس الأهالي ما حصل عام 2020 عندما ساهم البعثيون بقمع الاحتجاجات بالقوة مع الأجهزة الأمنية واعتقال الناشطين والقضاء على الحراك".
وأشار فخر إلى أن حرق سيارة أمين فرع حزب البعث داخل سور منزله، فجر أمس الجمعة، "يدخل في لعبة التخويف والتخوين، وحرف مسار الاحتجاجات التي قامت ببلدة القريا" (مكان سكن فوزات شقير أمين فرع حزب البعث).
في غضون ذلك، قام رئيس الفرقة الحزبية في قرية "الخرسا" غربي المحافظة، بطمس عبارات مناوئة للسلطة، ما أثار ردة فعل من بعض البعثيين في القرية الذين أعلنوا انشقاقهم عن صفوف الحزب تضامناً مع أهاليهم. وبث هؤلاء مقطعاً مصوراً ينادون عبره بسقوط الأسد وحزب البعث.
وقال بيان صدر عن تجار محافظة السويداء ووصل لـ"العربي الجديد": "نحن أصحاب محلات ومؤسسات اقتصادية في المحافظة، نعلن التزامنا بالحراك السلمي، والمطالب المحقة للشعب السوري في تحصيل حقه في العيش الكريم، ووضع حد لهذه السلطة المستبدة التي تاجرت بدماء السوريين".
"سوريا لنا وما هي لبيت الأسد".. من ساحة السير/الكرامة وسط مدينة السويداء في هذه الأثناء.#احتجاجات_السويداء pic.twitter.com/d20arCpY4e
— السويداء 24 (@suwayda24) August 17, 2023
وأعلن البيان الالتزام بمقررات الحراك، ودعوة جميع الفعاليات التجارية في المحافظة للإغلاق، تضامناً مع الحراك ومطالبه "لرفع الظلم والعوز عن أهلنا وذلك يوم غد الأحد".
وقال التاجر "حسن ع" لـ"العربي الجديد"، إن غالبية تجار مدينة السويداء متفقين على دعم الحراك والإغلاق الكامل يوم غد، معتبراً أن السلطة الأمنية دائماً ما تضع التجار في مواجهة الناس بالادعاء بأنهم وراء الغلاء وانهيار العملة.
وناشد مرهج الجرماني، قائد أحد الفصائل المحلية، القيادات الدينية والاجتماعية في المحافظة والأهالي للوقوف ضد قرارات "الحكومة" التي وصفها بـ"الجائرة"، قائلاً: "قفوا معنا وطالبوا معنا وسيروا أمامنا ولن نتعداكم ولن نكسر لكم كلمة وسنكون تحت رأيكم وبتعليماتكم".
وطالب الجرماني أعضاء "مجلس الشعب" بـ "المشاركة في الإضراب في الساحات صباح غد".
وطلب من التجار والصناعيين في المحافظة إقفال محالهم حتى الساعة 12 ظهراً فقط.
وأشار الجرماني إلى أن المحتجين سيمنعون أي موظف من الوصول إلى دائرته، سواء بتوقيف السير في مداخل القرى أو إغلاق مداخل المؤسسات الحكومية.
وشهدت السويداء في أواخر عام 2022 احتجاجات مماثلة، ما لبثت أن تحولت لمظاهرات حاشدة في ساحة "الكرامة"، ثم انتقلت إلى أمام مجلس المحافظة، الذي جرى إحراقه دون التأكد من المسؤول عن ذلك.
واتهم المحتجون في حينه، الجهات الأمنية بافتعال الحريق لتخريب غاية الاحتجاج. وأسفرت تلك التظاهرات عن قتيلين، أحدهما مدني من المحتجين والآخر عسكري من حامية المجلس.
وعقب ذلك، وعلى مدى 3 أشهر، شهدت المحافظة اعتصامات صامتة نظمها ناشطون في ساحة السير، وتخللها بعض التحركات الاستفزازية من السلطات الأمنية وحزب البعث لتخريب مسارها، لكن محاولات الجهتين باءت بالفشل.