إسرائيل نحو إطالة عدوانها على غزّة هرباً من أزمتها الداخلية وبحثاً عن "إنجاز عسكري"

14 مايو 2021
خلافات بين نتنياهو وغانتس(Getty)
+ الخط -

تلعب محدودية المكاسب العسكرية، وتفاعلات الأزمة السياسية الداخلية، دوراً مهماً في دفع الاحتلال الإسرائيلي إلى إطالة أمد عدوانه على قطاع غزة
وتقلص الأزمة السياسية الداخلية بشكل واضح قدرة القيادة السياسية تحديداً على اتخاذ قرار وقف العدوان على غزة. فمن يتحكم في قرار الحرب هما رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع بني غانتس، وكلاهما في حالة صراع سياسي مفتوح وعلني.
وكان غانتس، الذي يتزعم حزب "كاحول لفان" ضمن الذين أوصوا بتكليف زعيم المعارضة يئير لبيد بتشكيل الحكومة؛ فضلاً عن أنه وجّه خلال الحملة الانتخابية وبعدها جملة من الانتقادات القاسية لسلوك نتنياهو. 

وبعد الانتخابات خاض نتنياهو وغانتس صراعات مكشوفة على تقاسم الصلاحيات بينهما أدت إلى تعطيل عقد جلسات الحكومة لأسابيع. لذا، فإن مسألة المزايدة السياسية تلعب دورا في التأثير على موقف كل من نتنياهو وغانتس بشأن مسألة تواصل الحرب؛ بحيث إن كلا منهما يخشى أن يخسر على المستوى السياسي الداخلي في حال دفع نحو إنهاء العدوان.
ومن الواضح أن نتنياهو استفاد بشكل كبير من الحرب على غزة، لأنها وفرت الظروف التي قادت إلى سحب حزب "يمينا" بقيادة نفتالي بينت دعمه تكليف لبيد بتشكيل الحكومة، في مؤشر لدعوته إلى دعم نتنياهو.
وعلى صعيد دور تواضع الإنجازات العسكرية في تقليص رغبة إسرائيل في إنهاء الجولة الحالية بسرعة، فقد كشفت صحيفة "هآرتس"، أمس الخميس، أن جيش الاحتلال يستعد لتلقي تعليمات بوقف الحرب على غزة خشية تداعيات انفجار الأوضاع الداخلية في أعقاب الاعتداءات التي ينفذها أعضاء المنظمات الإرهابية في مناطق وجود فلسطينيي الداخل.
إلا أن الصحيفة لفتت، في الوقت ذاته، إلى أن ما يدفع المستويين السياسي والعسكري إلى إطالة أمد الحرب حقيقة أن جيش الاحتلال لم يتمكن حتى الآن من عرض "صورة نصر" يمكن أن تقنع الجمهور الإسرائيلي بأنه تم تحقيق إنجازات تبرر وقف العملية.
ومع أنه قد سقط أكثر من مئة شهيد ومئات الجرحى في عمليات القصف الوحشية التي ينفذها جيش الاحتلال في قطاع غزة، فضلاً عن استهدافه المؤسسات المدنية في القطاع على نطاق واسع، إلا أن صانعي القرار في تل أبيب يعون، في المقابل، أن هذه "الإنجازات" لا يمكنها أن تمحو تأثير المقاومة الفلسطينية على "وعي" الجمهور الإسرائيلي، كما قال المعلق الإسرائيلي عموس هارئيل.

ومن ضمن "صور النصر" التي حققتها المقاومة الفلسطينية، ورصدتها وسائل الإعلام الإسرائيلية، كانت تغطية صواريخ المقاومة كل مناطق إسرائيل، والمس برموز سيادية، مثل مطار بن غوريون، وضرب مرافق استراتيجية، مثل أنبوب نفط "إيلات عسقلان"، الذي راهنت إسرائيل على دوره ليكون بديلاً عن قناة السويس، فضلاً عن المس بثقة الجمهور والنخب الإسرائيلية بالقيادة السياسية والمستوى العسكري.
كما عكس ذلك مغادرة المراسل العسكري لصحيفة "هآرتس" ينيف بوكوفتش، أمس، مؤتمراً للمتحدث باسم الجيش هيدي زيلبرمان احتجاجاً على "كذبه وفبركته القصص".
ويعد موقف إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، أحد العوامل التي تمكن إسرائيل من إطالة أمد العدوان.

وعلى الرغم من اتصال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بنتنياهو وحثه على إنهاء العدوان، إلا أن إدارة بايدن أحبطت تحركاً صينياً ونرويجياً لعقد جلسة عاجلة لمجلس الأمن لبحث العدوان على غزة، كان يُفترض أن تُعقد اليوم الجمعة، وأصرت على عقدها بعد غد الأحد، ما يتيح لإسرائيل الوقت لضرب كل أهدافها في القطاع.
وعلى الرغم من أن ما تقدم يتيح لإسرائيل إطالة أمد المواجهة، إلا أن القيادة في تل أبيب تعي أنه لن يكون هناك جدوى من تواصل المواجهة إلى أمد بعيد في ظل العجز عن وقف إطلاق الصواريخ، وفي ظل مخاوف من اندلاع حرب أهلية على خلفية المواجهات بين فلسطينيي الداخل وعناصر التنظيمات الإرهابية، ومع تنظيم تظاهرات في أرجاء الضفة الغربية. 
من هنا، فليس من المستبعد أن توقف إسرائيل الحرب بعد أيام، بحيث تبرر ذلك بأنها حققت أهدافها عبر المس بقدرات "حماس" العسكرية والبشرية، كما توقع المتحدث السابق بلسان الجيش الإسرائيلي روني ملنيس.

المساهمون