أكدت مصادر فلسطينية مطلعة على اتصالات الوسطاء مع الفصائل الفلسطينية، لـ"العربي الجديد"، أن الاحتلال الإسرائيلي يطلب الهدوء في قطاع غزة مقابل تسهيلات وإغراءات ملفتة، غير أنه في العلن يهدّد ويوجه رسائل مختلفة عما يوجهه في السر عبر الوسطاء.
وقالت المصادر إن الرسائل التي وصلت إلى الفصائل في غزة خلال الأيام الأخيرة الماضية، كانت مختلفة عن تلك التي يعلنها الاحتلال عبر مسؤوليه الأمنيين والسياسيين، وأضافت أن الاحتلال كان يطلب الهدوء في رسائله عبر الوسطاء مقابل تسهيلات وإغراءات حياتية ووعود بتحسين الحركة على المعابر وزيادة عدد العمال وعدم إعاقة أي تمويل لعمليات إعادة إعمار القطاع.
أما في العلن، فكان الاحتلال الإسرائيلي يهدّد غزة ويتحدث عن حرب أخرى على غرار حرب رمضان في العام الماضي (امتدت الحرب من 10 مايو/ أيار 2021 حتى فجر 21 من الشهر ذاته). واستهدفت غزة خلال هذه الحرب بقوة نارية غير معهودة في 11 يوماً، ما خلّف دماراً واسعاً في المنازل والبنية التحتية، فيما أظهرت المقاومة قدرات نوعية في تصديها للعدوان الشامل.
تخشى إسرائيل من ردّ فعل ينطلق من غزة على ما يجري في الضفة من اغتيالات
وكانت مصادر مصرية خاصة قد قالت لـ"العربي الجديد"، إن اتصالاً جرى مساء الخميس الماضي، بين رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية اللواء عباس كامل، ورئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي إيال حولتا، بحث التصعيد الأخير داخل الأراضي المحتلة، في مسعى لأداء القاهرة دوراً سريعاً وضاغطاً لدى الفصائل الفلسطينية في محاولة لكبح التصعيد.
وتخشى إسرائيل من ردّ فعل فلسطيني ينطلق من غزة على ما يجري في الضفة الغربية من عمليات اغتيال لمقاومين وما يحدث في القدس من استفزازات المستوطنين واقتحامات المسجد الأقصى وحالة التضييق على الفلسطينيين في شهر رمضان (بدأ في 2 إبريل/ نيسان الحالي).
ووفق المصادر ذاتها، فإن إسرائيل تخشى بالذات من رد فعل من حركة "الجهاد الإسلامي" بعد جريمة اغتيال ثلاثة من عناصر جناحها العسكري ("سرايا القدس") في مدينة جنين (خليل طوالبة، وصائب عباهرة، وسيف أبو لبده)، فجر السبت الماضي، خصوصاً أن الحركة ردّت في أوقات سابقة على عدوان أقل من ذلك استهدف نشطاءها وأسراها.
وعلى الرغم من ذلك، فإن الرسالة التي وصلت للإسرائيليين من الفصائل الفلسطينية عبر الوسطاء كانت تأكيداً على المعادلات الماضية التي فُرضت في معركة رمضان الماضي، والتي سمّتها المقاومة "سيف القدس".
وأوضحت المصادر لـ"العربي الجديد"، أن فصائل المقاومة أبلغت الوسطاء بأنها لن تسمح بالاستفراد بالفلسطينيين في مدينة القدس المحتلة والداخل الفلسطيني والضفة الغربية، وأن الهدوء الذي تطلبه إسرائيل يجب أن يبدأ منها. ويأتي ذلك، بحسب الفصائل، عبر وقف استفزاز الفلسطينيين ومنع المتطرفين من اقتحام المسجد الأقصى، ورفع القيود المفروضة على غزة والضفة.
غير أن هناك، وفق تقديرات المتابعين، محاولة من الفصائل لإبقاء ساحة قطاع غزة بعيدة عن التوترات الحالية، وإعطاء الفرصة للرد على جرائم الاحتلال وعدوانه واستهدافاته الأخيرة انطلاقاً من القدس والضفة والداخل، لأنها أكثر إيلاماً للإسرائيليين ولتفعيل حالة الغضب الشعبي ضد الاحتلال ومستوطنيه.
الرسالة التي وصلت من الفصائل كانت تأكيداً على المعادلات الماضية
لكن هذا التكتيك الذي يبدو أن الفصائل باتت تعتمده، قد يصطدم بتطورات ميدانية أكبر في الضفة والقدس، وتكون أكبر من قدرتها على تحمله، وحينها يصبح الرد من غزة جزءاً من حالة التصعيد والتوتر الحالي التي يتأهب لها الاحتلال ويتخوف منها.
ووفق مصادر "العربي الجديد"، فإن فصائل المقاومة متنبهة للتهديدات الإسرائيلية العلنية الأخيرة، والتي يُفهم من بعضها أن هناك قراراً باغتيال مسؤولين فلسطينيين، وهو إن حدث، سيشعل غزة بالتحديد وسيكون على الفصائل الذهاب إلى مواجهة مع الاحتلال.
وأي اغتيالات قد تذهب إليها إسرائيل سيكون هدفها، وفق المصادر، إعادة الثقة للشارع الإسرائيلي في ظلّ العمليات الثلاث الأخيرة التي لم تتوقعها أجهزة استخباراتها المختلفة والتي نفذت في بني براك والخضيرة وبئر السبع.
وكان وزير الأمن في حكومة الاحتلال الإسرائيلي بني غانتس قد توعد، أول من أمس الأحد، الفصائل وسكّان قطاع غزة برد إسرائيلي قاسٍ في حال انطلاق عمليات من حدود قطاع غزة. وقال غانتس في مقابلة مع موقع "يديعوت أحرونوت": "هم يريدون عمليات ونشاطاً في الضفة الغربية. إذا خرج نشاط ضد دولة إسرائيل من قطاع غزة، ستعاني غزة من ألم، أقترح عليهم أن يتجنبوه. إنهم يعرفون قدراتنا، إذا أطلقوا العمليات، سننقض عليهم".
ومع ذلك، قال غانتس إنه حتى الآن فإن "حماس لا تريد التصعيد. نحن نفترض إمكانية وقوع التصعيد، لكن السكان في غزة، بمن فيهم حماس والجهاد الإسلامي، عليهم أن يختاروا أي رمضان يريدون".