إسرائيل تكثف الضغوط لإلزام حماس بالاعتراف بشروط الرباعية

07 مايو 2014
نتنياهو: عباس اختار السلام مع حماس (عبير سلطان/فرانس برس/Getty)
+ الخط -

كثفت إسرائيل في الأيام الأخيرة من ضغوطها على السلطة الفلسطينية وحركة "حماس"، لحثها على الاعتراف بشروط الرباعية الدولية، من خلال تصريحات سياسية مختلفة لوزراء في الحكومة الإسرائيلية.
ولم يكن الرئيس الإسرائيلي، شمعون بيريز، بعيداً عن تلك التصريحات، حين أعلن خلال حفل استقبال للسفراء الأجانب المعتمدين في تل أبيب، أنه في حال "قبلت حماس شروط الرباعية الدولية: الاعتراف بإسرائيل، وقبول الاتفاقيات الموقعة، ونبذ الإرهاب، فيُمكن في هذه الحالة التفاوض معها".
ودعا السفراء الأجانب إلى الضغط على الجانب الفلسطيني لحث حركة "حماس" على الاعتراف بإسرائيل، وقال إن "المفاوضات بين إسرائيل والسلطة لم تنته بعد، ويمكن الوصول إلى حل وتسوية تعيد الطرفين إلى طاولة المفاوضات".

في المقابل أعلن وزير الخارجية الإسرائيلية، أفيغدور ليبرمان، أن "الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، غير معني بالتوصل إلى اتفاق سلام، بدليل اتجاهه إلى المصالحة مع حركة "حماس"".
واتهم ليبرمان أبو مازن بالمسؤولية عما حدث في قطاع غزة، لافتاً الى أن "سيطرة "حماس" على قطاع غزة كانت نتيجة لسياسة السلطة الفلسطينية، وعلى رأسها محمود عباس". وزعم ليبرمان، في حديثه أمام السفراء الأجانب أن "حماس" تعمل "للسيطرة على الضفة الغربية أيضاً، لكن إسرائيل مصممة على منعها من تحويل الضفة الغربية إلى غزة ثانية".
وبحسب الإذاعة الإسرائيلية، انتقد ليبرمان "الأوروبيين الرافضين إدراك أن أبو مازن غير معني بالسلام، ولا حتى عندما يوقع اتفاقاً مع منظمة تدعو إلى إبادة إسرائيل ومحوها عن الخريطة، ويتهمون إسرائيل بالمسؤولية عن تعثر المفاوضات".
وأضاف "من الواضح أنه لا توجد في الجانب الفلسطيني رغبة بالتوصل إلى سلام مع إسرائيل، وعلى عباس أن يقرر ما إذا كان يريد السلام مع إسرائيل، فلا يمكن تحقيق السلام مع إسرائيل ومع حماس".
لكن ليبرمان استدرك في حديث آخر مع الإذاعة الإسرائيلية، صباح اليوم الأربعاء، بالقول "إن اعتراف حماس وقبولها بشروط الرباعية الدولية، يمكن أن يؤهلها كطرف للمفاوضات"، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن "هذا الموقف الإسرائيلي كان مطروحاً أيضاً منذ العام 2006".
وتزامنت هذه التصريحات مع نشر صحيفة "هآرتس"، اليوم الأربعاء، خبر توجيه مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، يوسي كوهين، في 22 أبريل/نيسان الماضي (يوم الإعلان عن التوصل إلى اتفاق المصالحة في غزة)، رسالة إلى عدد من سفراء الدول الغربية، والولايات المتحدة، بعد تعثر صفقة جوناثان بولارد ورفض إسرائيل تطبيق الدفعة الرابعة من تحرير أسرى ما قبل أوسلو، وقبل انتهاء الموعد الرسمي للمفاوضات، اتهم فيها السلطة الفلسطينية بأنها خدعت وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، في كل ما يتعلق بجدية نواياها في المفاوضات مع إسرائيل.

وأشارت "هآرتس" في هذا السياق إلى أن رسالة كوهين المذكورة، تطرقت إلى المذكرة التي أعدها رئيس الوفد الفلسطيني المفاوض، صائب عريقات، في 9 مارس/آذار، في شأن الخطوات التي يجب أن يعتمدها الجانب الفلسطيني تجاه إسرائيل، بعد انتهاء فترة المفاوضات وفي حال لم تفِ إسرائيل بالاستحقاقات التفاوضية.
واقترح عريقات في المذكرة التي وجهها لرئيس السلطة الفلسطينية، تقديم طلبات الانضمام إلى "ميثاق جنيف" وإلى مواثيق دولية أخرى، وإبلاغ الولايات المتحدة والدول العظمى الغربية بأن السلطة الفلسطينية لن تمدد المفاوضات بعد انتهاء موعدها، والمطالبة بإطلاق سراح 104 أسرى، سبق أن وافقت إسرائيل على إطلاق سراحهم، ومضاعفة الجهود لإنجاز المصالحة مع حركة "حماس"، لقطع الطريق على محاولة إسرائيل استيلاد فصل سياسي بين الضفة الغربية وقطاع غزة، إضافة إلى توصيات للقيام بخطوات سياسية وإعلامية أخرى.
وزعم كوهين في رسالته المذكورة أنه في الوقت الذي بحثت السلطة الفلسطينية مع الولايات المتحدة، في إمكانية تمديد المفاوضات، فقد سعت بموازاة ذلك، وعبر خداع الولايات المتحدة، إلى تفجير المفاوضات، حتى قبل اللقاء الذي جمع بين عباس وبين الرئيس الأميركي، باراك أوباما، في البيت الأبيض، في 17 مارس/آذار الماضي.
وتندرج الرسالة التي كشفت عنها "هآرتس"، في إطار خطة إسرائيلية لمواجهة ملف المصالحة الفلسطينية من جهة، والتنصل من مسؤوليتها عن فشل المفاوضات وتعثرها، لا سيما بعدما أعلن كيري، في جلسة للجنة العلاقات الخارجية لمجلس الشيوخ الأميركي، في 8 أبريل/نيسان الماضي، أن "الاستيطان والبناء الاستيطاني، كان السبب المباشر لتعثر المفاوضات"، وهو الخطاب الذي وصفته الصحف الإسرائيلية بخطاب "البوف"، في إشارة إلى العبارة التي استعملها كيري، ليصف لحظة تفجر صفقة بولارد عند الإعلان عن إقرار وزير الإسكان الإسرائيلي، أوري أريئيل، عن مناقصة لبناء 700 وحدة سكنية في المستوطنات، قبل ساعات من توقيع الصفقة.
وتشن إسرائيل منذ الإعلان عن توقيع اتفاق المصالحة الفلسطينية، حملة سياسية وإعلامية مكثفة لتشويه صورة رئيس السلطة الفلسطينية، وحركة "حماس"، وزعم رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، الأسبوع الماضي أن حركة "حماس" تسعى إلى "تنفيذ هولوكوست جديد ضد الشعب اليهودي"، واستخف بالبيان الخاص الذي صدر عن عباس والذي وصف فيه الأخير "الهولوكوست" بأنها أفظع جريمة شهدها التاريخ، قائلا إن "عباس قرر صنع السلام مع حركة حماس وليس مع إسرائيل".
وهو ما كرره مكتب نتنياهو، أمس الثلاثاء، في نفيه لتصريحات بيريز للقناة الثانية الاسرائيلية، عندما قال إنه "توصّل إلى اتفاق مع عباس قبل ثلاث سنوات لكن نتنياهو أفشل الاتفاق".
وتسعى إسرائيل في المرحلة الحالية، إلى التركيز على عدم اعتراف حركة "حماس" بشروط الرباعية الدولية، وهو ما يعني بالنسبة لإسرائيل سبباً كافياً لعدم التعاطي مع أي حكومة فلسطينية مقبلة، إذا كانت حماس شريكة فيها، وفقاً لقرار المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية، الذي أصدرته الحكومة الإسرائيلية قبل أسبوعين رداً على قرار المصالحة، وتضمّن القرار أيضاً وقف الاتصالات مع الجانب الفلسطيني وإقرار جملة من العقوبات الاقتصادية ضد السلطة الفلسطينية.