إسرائيل تستخدم ذرائع أمنية لاستباحة سورية وفتح الأجواء صوب العراق

10 ديسمبر 2024
الاحتلال الإسرائيلي يعزز قواته في مرتفعات الجولان، 6 ديسمبر 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تسعى إسرائيل إلى إضعاف سوريا بعد سقوط نظام الأسد عبر تدمير القدرات العسكرية السورية، لضمان تفوقها الجوي والوصول إلى العراق لمواجهة المليشيات الموالية لإيران.
- تعمل إسرائيل على تعزيز الانقسامات الطائفية والفئوية داخل سوريا لضمان بقاء البلاد ضعيفة ومقسمة، وفرض معادلة جديدة في المنطقة لمنع وصول أسلحة نوعية إلى "جهات معادية".
- شنت إسرائيل هجمات لمنع وصول الأسلحة إلى حزب الله ومواجهة المحور الإيراني، وتسعى لاستغلال الترتيبات السورية الداخلية لخدمة مصالحها وضمان أمنها.

تحاول دولة الاحتلال الإسرائيلي الاستفادة من إسقاط نظام بشار الأسد، لإضعاف سورية الجديدة بقدر المستطاع واستباحة أراضيها وأجوائها، وضمان عدم قيام دولة قوية، وأكثر من هذا فتح الأجواء لتسهيل الوصول إلى العراق، ومهاجمة أهداف هناك.

وتؤكد تقارير عبرية أن هدف جيش الاحتلال في هذه المرحلة هو تدمير سلاح الجو والبحر وكل ما تبقى من دبابات ومدرعات، وأسلحة روسية وايرانية متقدّمة في سورية، للحيلولة دون تمكّن الأخيرة من إعادة بناء هذه القوة وتهديد إسرائيل لأجيال قادمة. كما تؤكد أن إسرائيل حققت فعلاً تفوقاً جوياً في سورية، فيما تدرك المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، أنه بدون تهديد جوي سوري، يمكن لسلاح الجو في جيش الاحتلال، الوصول بسهولة إلى العراق أيضاً، إذا استمرت المليشيات الموالية لإيران في تهديد إسرائيل.

وهذا بعض ما قد يفسّر الهجمات الإسرائيلية واسعة النطاق، والقصف المكثّف للبنية العسكرية وقواعد سلاح الجو السوري ومضادات الطائرات والأسلحة على أنواعها، إضافة إلى استباق وضع فصائل المعارضة التي قادت الثورة يدها على هذه المقدّرات العسكرية، لاعتقاد دولة الاحتلال أنها قد تستخدمها ضدها مستقبلاً. وبذريعة الخوف من فصائل المعارضة، أيضاً، احتلت إسرائيل منذ الساعات الأولى لسقوط الأسد، الجزء الذي كان تحت سيطرة الجيش السوري من جبل الشيخ وقمته التي تعتبرها إسرائيل موقعاً استراتيجياً مهماً، عدا عن تقدّمها في المنطقة العازلة واستيلائها عليها، وإعلان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، انهيار اتفاق فض الاشتباك الموقع عام 1974، وكأن الاتفاق كان مع عائلة الأسد لا مع الدولة السورية. 

وتعمل دولة الاحتلال على إشاعة الخطاب الطائفي والفئوي، ومحاولة إشاعة الفتن في المجتمع السوري المنتظر أن يكون موحداً بعد الثورة بشكل خاص. وتريد إسرائيل سورية ضعيفة على حدودها، منشغلة بترتيب أوراقها الداخلية، مقسّمة إلى دويلات وطوائف وفئات، لا دولة جديدة قوية. ولا يمكن إنكار أن إسرائيل ستستفيد من إضعاف المحور الإيراني، لكنها لا تأمن أيضاً توجهات فصائل المعارضة، وربما تحاول من خلال تحركاتها السريعة، منذ اللحظات الأولى لسقوط الأسد، فرض معادلتها للمرحلة المقبلة، والتأكد من عدم وجود أسلحة نوعية في يد "جهات معادية".

وعلى مرّ عقود، شنّت هجمات على مواقع في سورية، بذريعة مواجهة المحور الإيراني، ومحاربة إيران في سورية ومنع وصول الأسلحة إلى حزب الله في لبنان، فيما لم يأت الردّ السوري، وبقي "الاحتفاظ بحق الردّ" قائماً حتى زال النظام، وبزواله تتخوف إسرائيل من عدم استقرار الحدود القائمة أصلاً في أراضٍ سورية محتلة ووقوع الأسلحة بيد المعارضة. وسكت ذات النظام أيضاً عندما أعلنت إسرائيل ضمّ هضبة الجولان رسمياً واعترف بذلك الرئيس السابق والمقبل للولايات المتحدة دونالد ترامب في ولايته الأولى، ليؤكد نتنياهو أمس من جديد، أن دولة الاحتلال لن تتنازل عن الجولان.

وكانت وسائل إعلام عبرية، كشفت في وقت سابق أن دولة الاحتلال كانت قد جهزت صفقة للتقارب مع الأسد يضمن بقاءه بضمانات أميركية، لكن تقدّم المعارضة الذي لم تتوقعه أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية أفشل المخطط. مخطط ربما يفسر التقارير -إن صحت- حول عدم سماحه بمهاجمة إسرائيل من سورية، وأسباب تخلي إيران عنه. وربما يرتبط هذا أيضاً بمحاولات دولة عربية، بعضها على علاقة بإسرائيل، إعادة الأسد إلى حضن الجامعة العربية.

وتريد دولة الاحتلال بقدر المستطاع، استغلال الترتيبات السورية الداخلية، من أجل التأثير في رسم مستقبل يخدم مصالحها على الأقل بقدر ما كان في فترة النظام، أو المساومة عليه وإعادة الأراضي التي احتلتها بعد سقوط نظام الأسد بناء على ترتيبات تضمن أمنها وعدم وجود جماعات مسلحة في المنطقة، خاصة على الأراضي السورية وبالقرب من الحدود.

المساهمون