استمع إلى الملخص
- استعدادات إسرائيلية وتحريض داخلي: تسعى إسرائيل إلى زعزعة الاستقرار داخل إيران وتحريض الشعب ضد نظامه، وتستعد لرد محتمل على القصف الإيراني من خلال مشاورات أمنية مكثفة.
- خيارات الرد الإسرائيلي والمخاطر الإقليمية: تتنوع الخيارات الإسرائيلية للرد، من ضرب أهداف استراتيجية إلى استهداف منشآت نووية، وسط قيود أميركية وتحذيرات من تأثيرات بعيدة المدى على الأمن والوضع الاقتصادي العالمي.
الرد الإسرائيلي ربما يقود إلى حرب أوسع أو يكون بداية حرب إقليمية
تتواصل المشاورات الأمنية في تل أبيب لليوم الثاني بشأن طبيعة الرد
تقارير أميركية: رد إسرائيل قد يشمل مواقع بنية تحتية إيرانية
تتجه دولة الاحتلال الإسرائيلي على الأغلب لتوجيه ضربة رداً على القصف الإيراني الواسع، مساء أمس الثلاثاء، الذي قالت تل أبيب إنه شمل قصف عدة مناطق بنحو 180 صاروخاً، تم اعتراض جزء منها وتسببت أخرى بأضرار. لكن الأسئلة المطروحة تظل كثيرة بهذا الخصوص، لاسيما حول طبيعة هذا الرد وخيارات إسرائيل، والمخاطر التي يحملها، التي قد تطاول المنطقة برمتها، بل تغيّر الأولويات الإسرائيلية. بشكل واضح أكد رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، بعد القصف الإيراني لإسرائيل أن طهران "ارتكبت خطأً كبيراً الليلة.. وستدفع ثمنه.. النظام في إيران لا يدرك مدى تصميمنا على الدفاع عن أنفسنا وتصميمنا على الرد على أعدائنا".
بطبيعة الحال، لم يشر نتنياهو إلى أن القصف الإيراني هو رد على التصعيد الإسرائيلي في الآونة الأخيرة، باستهداف إيران ووكلائها في المنطقة، ما يفتح الباب أمام معادل طويلة بين الطرفين تقوم على الرد والرد على الرد، وكل ذلك آخذ بالتصاعد، وربما يقود إلى حرب أوسع أو يكون بداية حرب إقليمية. بيد أن إسرائيل قد تحاول أيضاً ضرب إيران من الداخل، وتحريض الإيرانيين ضد نظامهم بوسائل عدة. وكان نتنياهو قد خاطب الإيرانيين، خلال كلمته، يوم الجمعة الماضي، في الجمعية العامة للأمم المتحدة، قائلاً إنّ نظامهم يقودهم إلى "الهاوية"، وإنه "عندما تتحرر إيران.. وسوف تأتي تلك اللحظة أسرع كثيراً مما يتصور الناس، فإن كل شيء سوف يكون مختلفاً". كما زعم مخاطباً الإيرانيين: "لا بد أن تعلموا أن إسرائيل تقف إلى جانبكم".
وتشير تقديرات إسرائيلية، منها ما نقلته هيئة البث الإسرائيلي "كان"، اليوم الأربعاء، إلى أنّ أحد الاعتبارات التي يأخذها صناع القرار في تل أبيب في عين الاعتبار، ترتبط باختيار موعد الهجوم لكي تتمكن إسرائيل من الاستعداد مجدداً وترتيب دفاعاتها، تحسّباً لرد إيراني آخر. وعليه تتواصل المشاورات الأمنية في تل أبيب لليوم الثاني على التوالي، علماً أنّ المجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية (الكابنيت) كان قد اجتمع، مساء أمس الأربعاء أيضاً، لبحث الرد على القصف الإيراني لإسرائيل.
محاولة زعزعة إيران من الداخل، أشار إليها أيضاً الصحافي المختص في شؤون الأمن القومي بصحيفة يديعوت أحرونوت، رونين بيرغمان، اليوم الأربعاء، عندما اعتبر أنّ "إيران لم تفهم مزاج القيادة الإسرائيلية في هذه الفترة وسخونته"، مضيفاً "الآن يبقى أن نستوضح إلى أين تتجه إسرائيل، هل تريد تلقين الإيرانيين درساً أو محاولة الإطاحة بالنظام". في الصحيفة نفسها أشار المحلل العسكري، رون بن يشاي، إلى أنّ القصف الإيراني لإسرائيل، مساء أمس الأربعاء، "شهد تصعيداً من حيث الأهداف التي تم اختيارها... وكانت هناك محاولة لضرب منطقة ديمونا (يوجد بها مفاعل نووي)، وبحسب الادعاءات الإيرانية أيضاً مطارات، وهذا بإدراك تام من الإيرانيين أنّ الصواريخ ليست دقيقة".
جبهة جديدة بعد القصف الإيراني
وادعى بن يشاي أنّ "الهجوم الإيراني قد فشل، حتى وإن كان هناك عدد من الجرحى بسبب الجري نحو الملاجئ أو من جراء شظايا الاعتراض بالإضافة إلى مقتل فلسطيني في منطقة أريحا". وادعى أنّ عدداً قليلاً من الصواريخ سقطت بالفعل فيما تم اعتراض معظمها. ورأى أنّ على إسرائيل هذه المرة أن ترفع مستوى الضرر الذي تلحقه في ردها، ليس فقط لكون الهجوم الإيراني كان بصواريخ باليستية طويلة المدى برأس حربي بوزن 700 كيلوغرام من المواد المتفجرة، وليس فقط بسبب المحاولة الواسعة لضرب أهداف استراتيجية، ولكن لأنّ هذه المرة كانت هناك محاولة واضحة لتحدي إسرائيل واستفزازها.
وتابع "هذه المرة الثانية التي تواجهنا فيها إيران بشكل مباشر وليس فقط من خلال وكلائها. وبمعنى آخر، من ناحيتنا فإن إيران هي جبهة حرب رئيسية مثل لبنان ومثل غزة ومثل الضفة الغربية". واعتبر أنّ الضربة التي وُجّهت إلى ميناء الحديدة في اليمن، الأحد الماضي، يمكن أن تحمل مؤشرات على طبيعة الرد الإسرائيلي ضد طهران، وأن هناك خيارات لأهداف عديدة يمكن أن تستهدفها إسرائيل في إيران من خلال الطائرات.
في الوقت ذاته، رأى الكاتب أنه، وإن كانت لدى إسرائيل الآن "مصلحة في تعزيز الردع الذي حققته في لبنان وفي المواجهة السابقة مع إيران" إلا أن عليها الأخذ في عين الاعتبار عدة قيود، منها "الطلب الأميركي الحازم بعدم إشعال حرب إقليمية". وفي حال وجهت ضربة إلى المنشآت النووية في إيران، فقد تتنافى النتائج مع المصالح الأميركية، وفق تعبيره، معتبراً أن ضرب منشآت نووية "سيقود إلى تسريع تطوير إيران السلاح النووي" وكذلك سيؤدي إلى حرب إقليمية. وختم بالقول "لذلك حتى لو كان لدى إسرائيل جميع الأسباب لتوجيه ضربة مؤلمة جداً لمنشآت نووية أو أي هدف آخر، يمكن الافتراض أنه سيتم اختيار هدف إيراني ترى فيه واشنطن رداً مناسباً وشرعياً ومحسوباً من جهة إسرائيل".
بداية مرحلة الحرب الإقليمية
من جهة أخرى رأى بن يشاي أن "لدى إسرائيل الآن مصلحة في إغلاق الجبهة الإيرانية لكي تتمكن من التركيز في الجبهات الأخرى، وخاصة في لبنان، وأن ضرب المنشآت النووية أو النفطية في إيران سيؤدي إلى رد إيراني، فيما ليس لدى إسرائيل وواشنطن مصلحة في الانشغال بهذه الجبهة أيضاً البعيدة أكثر من 2000 كيلومتر وتتطلب موارد وتخطيطاً كبيراً جداً". من جانبه اعتبر المحلل العسكري في صحيفة هآرتس عاموس هارئيل، أن القصف الإيراني لإسرائيل "الواسع وغير المسبوق هو بداية مرحلة الحرب الإقليمية".
وبرأيه فإن هذا الهجوم الإيراني، "يضع جميع الأطراف بوضع آخر كلياً، بحيث أن المواجهة بين إسرائيل وحماس وحتى الحرب الإسرائيلية ضد حزب الله، ستتراجع إلى المكان الثاني أمام المواجهة الإسرائيلية الإيرانية"، كما أن "إيران وضعت نفسها في أعقاب أحداث الأسبوعين الأخيرين بين إسرائيل وحزب الله، في قلب المواجهة بإطلاقها هجوماً صاروخياً واسعاً وغير مسبوق على إسرائيل"، مشيراً إلى أن الرد الإسرائيلي قد يكون شديداً جداً.
كما أشار هارئيل إلى تقارير أميركية بأن رد إسرائيل قد يشمل مواقع بنية تحتية إيرانية وخاصة منشآت نفطية، لكن أضاف أنه سيشمل أيضاً إرسال إشارة بشأن المشروع النووي الإيراني، والذي تهدد إسرائيل منذ نحو عقدين بضربه. كما لفت إلى أن إسرائيل قد تجر الولايات المتحدة الأميركية لحرب بخلاف رغبتها، وأن الأزمة الإقليمية والعالمية سيكون لها تأثير بعيد المدى على أمن إسرائيل، ولكن أيضاً على الوضع الاقتصادي العالمي، وعلى مكانة واشنطن في العالم.
وتطرق إلى الأصوات من داخل الحكومة الإسرائيلية التي تنادي بضرب المواقع النووية في إيران، حتى بدون التنسيق مع الولايات المتحدة، رغم حاجة إسرائيل للمساعدة الأميركية بالدفاع والهجوم. كما أعرب عن اعتقاده بأنه رغم كل هذه الأصوات فإن إسرائيل بهذه القضية تحديداً، المتعلقة بالنووي، مُجبرة على العمل بالتنسيق مع الولايات المتحدة.