إرهاصات ما قبل باتيلي

22 سبتمبر 2022
الدبيبة: لا توجد إلا حكومة الوحدة الوطنية (محمود تركية/فرانس برس)
+ الخط -

خرائط وخطط ورؤى ومبادرات، كلها وغيرها، مسميات أصبح المتابع الليبي على دراية بأنها إرهاصات تستبق قفزة سياسية دولية جديدة في الملف الليبي، فكلما نشط الفرقاء المحليون في إطلاق الرؤى والمبادرات وخرائط الطريق كان هناك توجس ما، من القادم القريب.

وهذا ما شهدته الساحة الليبية أخيراً، قبيل وصول المبعوث الأممي الجديد عبد الله باتيلي. فرئيس مجلس النواب عقيلة صالح، زار عدداً من العواصم الإقليمية، والتقى في القاهرة، رئيس المجلس الأعلى خالد المشري، الذي زار هو الآخر أنقرة، بالتزامن مع زيارة أجراها رئيسا الحكومتين المتنافستين؛ عبد الحميد الدبيبة وفتحي باشاغا، إلى تركيا أيضاً.

كلهم تحدثوا إثر رجوعهم إلى ليبيا، عن مبادرات ورؤى خاصة بهم، لكن المختلف فيها أن كل واحد منهم يتحدث عن تجاوب العواصم التي زارها مع موقفه السياسي. فصالح سرّب جزءاً من تفاهمات غير معلنة مع المشري بشأن استبعاد كافة شروط الترشح للانتخابات الرئاسية، وإمكانية إجراء الانتخابات البرلمانية فقط في المرحلة الأولى. لكن المشري لم يؤكد ذلك ولم ينفه، وفضّل الحديث مجدداً عن ضرورة تشكيل حكومة ثالثة مصغّرة بديلة عن الحكومتين الحاليتين.

أما الدبيبة، فقد خرج في تصريح للصحافيين بعد اجتماعات مع مسؤولين أتراك، حتى قبل أن يصل إلى طرابلس، ليقول "لا توجد إلا حكومة الوحدة الوطنية". لكن تركيا التي استقبلت باشاغا أيضاً، لم تعلن عن أكثر من لقاء رئيسها رجب طيب أردوغان مع الدبيبة، من دون أي مواقف أخرى واضحة، خصوصاً أن باشاغا عاد إلى تركيا مجدداً، وأعلن إثر وصوله منها إلى بنغازي، مساء أول من أمس الثلاثاء، أن حكومته ستعمل من سرت وبنغازي، في اتجاه واضح لفرض نفسها في كبرى مدن شمال البلاد بعد أن فشل في دخول طرابلس.

أما اللواء المتقاعد خليفة حفتر، اللاعب الحاضر الغائب، فقد فضّل أن يجري جولات محلية محاذياً دول الجوار الليبي، من طبرق على الحدود مع مصر، إلى الكفرة على الحدود مع السودان، وأخيراً غات على الحدود مع الجزائر، وفي كل هذه الجولات دعا الشعب إلى الانتفاض على كل الأجسام السياسية الحالية، مدعياً أن جيشه طوق النجاة.

الجميع يحاول التموضع، والبحث عن موطئ قدم ليحفظ وجوده في المستقبل القريب الغامض، خصوصاً في ظل موقف إقليمي ودولي يحافظ على صمته حيال مواقفه من أي الأطراف؛ دعماً أو رفضاً.

والجميع ينتظر ما ستحمله حقيبة باتيلي الذي مر على تعيينه مبعوثاً أممياً أكثر من أسبوعين، بعد أشهر من شغور هذا المنصب، من دون أن يدلي بأي تصريح يمكن من خلاله تكهّن خططه ورؤيته هو أيضاً، وربما يحمل خريطة طريق تحدد تفاصيل جديدة لمحطة الانتخابات التي طال أمل الليبيين في انتظارها.

المساهمون