استمع إلى الملخص
- **الضغوط السياسية والمخاوف الأمنية**: تواجه الحكومة العراقية ضغوطاً لإيقاف التعاون مع تركيا، وتخشى من تحركات الحزب للقيام بأعمال خارجة عن القانون، مما دفعها إلى تشديد الإجراءات الأمنية.
- **التنسيق العراقي-التركي والجدل حوله**: يوجد تنسيق بين بغداد وأنقرة بشأن العمليات العسكرية، لكن هناك جدل حول مدى هذا التنسيق، مع تحذيرات من أن التوغل التركي قد يخلق مشكلات كبيرة لبغداد.
تجري الأجهزة الأمنية العراقية منذ أيام سلسلة من الإجراءات الاستباقية في مدن شمالي البلاد فضلاً عن بغداد تحسباً من عمليات عنف يقف خلفها حزب العمال الكردستاني بعد تفاهمات عراقية أبرمتها حكومة محمد شياع السوداني مع أنقرة لضرب جيوب الحزب والتضييق عليه في معاقله التقليدية، بمناطق شمال دهوك وشرق أربيل وغربي الموصل ضمن سنجار وضواحيها. وزاد الانتشار التركي في محافظة دهوك العراقية الحدودية مع تركيا، ضمن إقليم كردستان، من الترجيحات بتنفيذ أنقرة عملية كبيرة ضد مسلحي حزب العمال الكردستاني قد تشهدها المنطقة خلال الأيام أو الأسابيع المقبلة. وسجّلت الأيام الأخيرة تطورات أمنية لافتة من بينها توزيع القوات التركية منشورات على المواطنين في قرى وبلدات حدودية بأطراف محافظة دهوك، تدعوهم إلى الابتعاد عن مواقع وجود مسلحي حزب العمال لضمان سلامتهم، فضلاً عن إقامة القوات التركية حواجز أمنية تعمل على إبعاد المدنيين عن المناطق التي قد تشهد عملية عسكرية.
وقال عضو بارز في تحالف "الإطار التنسيقي" الحاكم في العراق لـ"العربي الجديد" إن هناك "ضغوطاً تمارس على الحكومة العراقية من أطراف سياسية وكذلك جهات مسلحة لإيقاف التعاون مع تركيا في العمليات العسكرية ضد عناصر حزب العمال الكردستاني، وتخفيف الضغط الأمني عليهم وعلى تحركاتهم في المناطق الشمالية من البلاد". وأضاف المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن "الحكومة العراقية لديها خشية من تحركات عناصر حزب العمال الكردستاني للقيام ببعض الأعمال الخارجة عن القانون في مدن مختلفة، ولهذا هناك تشديد أمني على تحركات تلك العناصر، وهناك حالة من التأهب الأمني، رغم كل الضغوط التي تمارس على الحكومة من أطراف سياسية ومسلحة تريد فك الاختناق الأمني على العمال الكردستاني".
فيما قال محافظ نينوى الأسبق أثيل النجيفي لـ"العربي الجديد" إن "حزب العمال الكردستاني هو داعش الثاني، وهو جاهز لضرب أمن المنطقة في أي وقت كان. ومن المتوقع أن يكون هناك تزايد في نشاط حزب العمال الكردستاني لضرب الأمن في كل من العراق وسورية وتركيا مع استعداد المنطقة لمرحلة ما بعد حرب غزة التي يتوقع الجميع أن تكون هناك تغييرات إقليمية في المنطقة"، مضيفاً أن "الحكومة العراقية اتخذت موقفاً جيداً حالياً، فهي تتعاون مع تركيا من أجل القضاء على حزب العمال الكردستاني. والقضاء على هذا الحزب لابد أن يكون بالتعاون مع تركيا فليس أمام بغداد إلا التعاون مع أنقرة في هذا الملف، خاصة أن تركيا تمتلك إمكانيات كبيرة. والطرفان لديهما تخوف من هذا الحزب ونشاطاته".
وبين النجيفي أن هناك بالفعل "ضغوطاً تتعرض لها الحكومة العراقية من أطراف سياسية وفصائل مسلحة، لكن الحكومة العراقية أكثر وعياً من أن تستجيب لضغوط تلك الفصائل ومطالبها، خاصة أن هناك فصائل مسلحة عراقية لا تدرك أبعاد خطر حزب العمال الكردستاني على العراق والعراقيين"، مشدداً على أن "خطر حزب العمال الكردستاني لا يقل أبداً عن خطر تنظيم داعش وتحركات هذا الحزب شبيهة بتحركات داعش في العراق والمنطقة، وهذا الحزب يريد جر المنطقة إلى حرب وجعلها ساحة حرب دولية، والعراق ليس له أي مصلحة في هذه الحرب، والعراق لديه مصلحة في دعم الاستقرار في المنطقة، وليس من المستبعد قيام هذا الحزب بأعمال عنف في مدن عراقية خلال المرحلة المقبلة، ولهذا هناك حذر وتأهب عراقي أمني".
وكشف إبراهيم الصميدعي مستشار رئيس الوزراء العراقي، مساء أمس الأول الأحد، عن وجود تنسيق بين بغداد وأنقرة بشأن العمليات التركية في شمال العراق، وقال في تصريح متلفز إن "هناك تنسيقاً مع الحكومة العراقية بخصوص العمليات العسكرية للجيش التركي في إقليم كردستان، خاصة أن حزب العمال الكردستاني يقوم بعمليات إجرامية والحكومة العراقية صنفته منظمة إرهابية، ولهذا العمليات التركية تجري وفق تنسيق بين بغداد وأنقرة".
في المقابل قال المحلل الأمني والسياسي مخلد حازم لـ"العربي الجديد" إن "التوغل التركي الجديد في مناطق شمال العراق المختلفة والسيطرة على الكثير من القرى وفرض الوصاية على تلك القرى ومحاسبة المواطنين ونزوح آلاف المواطنين يعتبر شبه احتلال مبطن بحجة ملاحقة حزب العمال الكردستاني"، وأضاف حازم أنه لا يتوقع أن "هناك تنسيقاً حقيقياً ما بين الحكومة العراقية وتركيا بشأن العمليات العسكرية التركية الأخيرة خاصة في دهوك والسماح بتوغل كهذا والسيطرة على القرى، خاصة في ظل عدم وجود قوات عراقية مشتركة مع القوات التركية بتلك المناطق، وما صرح به أحد مستشاري رئيس الوزراء بشأن وجود تنسيق لا يعتبر تصريحاً رسمياً، وهذا التصريح فيه مغالطة".
وأضاف حازم أنه "في حال اعترفت الحكومة العراقية ببيان رسمي لها بأن هناك تنسيقاً مع تركيا بشأن العمليات العسكرية التركية، فهذا الأمر سوف يخلق مشكلات كبيرة وكثيرة لبغداد، خاصة في ظل توغل تركي خطير ومحاسبة مواطنين ونزوح الآلاف من القرى" مشيراً إلى أن "إعلان الداخلية العراقية عن الكشف عن شبكة من حزب العمال الكردستاني تقف خلف عمليات زعزعة الأمن والاستقرار يحتم على الحكومة العراقية اتخاذ موقف حازم بشأن وجود هذا الحزب داخل الأراضي العراقية، وعلى بغداد التنسيق مع أربيل وإخراج تلك العناصر خاصة من مناطق سنجار، وعدم السماح لهم بالتوغل داخل السليمانية ومدن عراقية" وشدد على أن الحكومة العراقية مطالبة "باستنساخ ما فعلته مع الأحزاب الإيرانية المعارضة في تعاملها مع حزب العمال الكردستاني ونزع السلاح منه وحصر وجوده بصفته حزباً سياسياً معارضاً فقط ، ليس له أي أنشطة مسلحة تهدد العراق ودول المنطقة، وبخلاف ذلك سيبقى الخطر مستمراً ومتصاعداً في شمال العراق".
وقبل أيام أعلنت وزارة الداخلية العراقية ولأول مرة بصراحة عن تورط المنظمة المسلحة المعارضة لتركيا والموجودة داخل العراق في أعمال ضد مصالح العراق الداخلية، فيما نفى حزب العمال الكردستاني، في بيان، الاتهامات الموجهة إليه بالوقوف وراء سلسلة الحرائق الأخيرة، معبراً عن "رفض شديد" لبيان وزارة الداخلية العراقية. وقال الحزب الذي صنّفه العراق في إبريل/ نيسان الماضي "منظمة محظورة"، أن "هذه الادعاءات لا أساس لها من الصحة".
وتواصل القوات التركية، منذ منتصف يونيو/حزيران 2021، سلسلة من العمليات العسكرية الجوية والبرية في الشمال العراقي ضمن نطاق نينوى وإقليم كردستان، تتركز في سنجار وقنديل وسيدكان وسوران والزاب وزاخو. وتضمنت العمليات الأخيرة قصفاً جوياً واغتيالات طاولت قيادات بارزة في حزب العمال الكردستاني.