أي "ليبيا جديدة"؟

12 نوفمبر 2020
أكدت ويليامز أنها التقت ألف ناشط عبر الفيديو (فرانس برس)
+ الخط -

نحن على مشارف "ليبيا جديدة"، هكذا قررت المبعوثة الأممية بالإنابة، الدبلوماسية الأميركية ستيفاني ويليامز، مشهد ليبيا المقبل في افتتاحها لأشغال منتدى الحوار السياسي، يوم الاثنين الماضي، أمام 75 شخصية ليبية اختارتهم بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا. وطلبت منهم التوافق على سلطة جديدة "موحدة"، لفترة تمهيدية وإرجاء الفترة الدائمة إلى ما بعد 18 شهراً.

ولا يبدو حديث ويليامز، التي هيمنت بعثتها في عهد ولايتها على القرار في كل شيء، من باب التفاؤل. فملامح البلد "الجديد" لا تبدو غير واضحة، خصوصاً أن نصوص اتفاق جنيف العسكري، ونصّ وثيقة "البرنامج السياسي للمرحلة التمهيدية للحل الشامل"، يجري مناقشتهما في آن واحد، في سرت وفي تونس، في غرف مقفلة لم يتسرّب من نتائجها إلا القليل. لكن كلاهما، اتفاق جنيف والوثيقة الأممية، اعتمدا خطوطاً عريضة لرسم معالم المقبل "الجديد"، وبذات الآليات. ومع أن أسماء أعضاء اللجنة العسكرية المشتركة غير المعروفة، إلا أن البعثة ترفض حتى الآن الإفصاح عن آليات اختيارها لقائمة المشاركين في ملتقى الحوار، مكتفية بالقول إنهم يمثلون "كافة التوجهات السياسية والاجتماعية". وعلى الرغم من تعهّدها نقل جلسات الملتقى لــ"الليبيين"، إلا أن موقع البعثة الرسمي لم يبث حتى الآن سوى كلمات ويليامز الافتتاحية، في كل جلسة، تعبّر من خلالها على الآمال بليبيا جديدة.

وبعيداً عن الجدل حول احتفاظ البعثة بحق اختيار شاغلي مناصب السلطة الجديدة، بعد ترشيحهم من أعضاء الملتقى، في ظلّ تساؤلات عدة حول مضمون "الوثيقة" الأممية، قد يجد المتابع في لقاء الليبيين، وأخبار مراجعة حسابات المصرف المركزي ورفع الحصار عن الموارد النفطية، ما يبشر ويبعث الأمل. لكن نشطاء طرحوا سؤالاً يتصل بمعالم البلد الجديدة، حول اختيار مدينة سرت تحديداً، التي توقفت عندها حرب 14 شهراً فجأة من دون أسباب واضحة، واتخذتها اللجنة العسكرية مقراً رسمياً لها، ما يعزز صحة وجود مقترح دولي بنقل مقر السلطة الجديدة إلى المدينة.

ورغم أن ويليامز أكدت أنها التقت ألف ناشط عبر الفيديو قبل إعلانها عن وثيقتها للملتقى في تونس، مشدّدة على أنها أسستها وفقاً لنتائج حوارها مع مختلف الشرائح الليبية، إلا أن تصريحاتها تكشف عن قبول كبير لاتخاذ سرت، عاصمة للسلطة الليبية الجديدة، وبدعم دولي وأممي. غير أن مخاوف النشطاء، حسبما يظهر في مواقع التواصل الاجتماعي، تتجه إلى التحذير من مغبة وجود منطقة خضراء دولية، لتأمين مناطق وسط البلاد الغنية بالنفط والمواقع الاستراتيجية، وترك الأطراف بإفراغها من السلطة ساحة للمتصارعين. ويخشى هؤلاء على  طرابلس إذا فقدت صفة العاصمة ونُقلت منها مؤسسات الدولة والبعثات الدبلوماسية، مذكرين بحالة بنغازي، عندما نقلت منها سلطة "المجلس الانتقالي الوطني" بجميع إداراتها، عام 2012، وتُركت فريسة للجماعات المسلحة والاغتيالات والفوضى الأمنية.