استمع إلى الملخص
- التكتيكات والاستراتيجيات: أعاد حزب الله نشر مقاتليه في الجنوب، واستدعى بعضهم من سوريا، ونقل الصواريخ إلى لبنان بوتيرة سريعة، ويستخدم شبكة أنفاق لإخفاء أسلحته ومنصات إطلاق الصواريخ.
- التحديات والمرونة: رغم الهجمات الإسرائيلية، يمتلك حزب الله قوة بشرية كبيرة تقدر بين 40 و100 ألف مقاتل، ويواصل تعزيز ترسانته العسكرية وتوسيع شبكة أنفاقه.
تفجيرات أجهزة الاتصال جعلت 1500 عنصر غير لائقين للقتال
عمل حزب الله على نقل صواريخ للبنان بوتيرة سريعة تحسبا لصراع طويل
مصادر: شبكة الهواتف الثابتة لحزب الله لا تزال تعمل
قالت ثلاثة مصادر مطلعة على عمليات حزب الله اللبناني لوكالة رويترز، إن تسلسل القيادة المرن إلى جانب شبكة الأنفاق الواسعة والترسانة الضخمة من الصواريخ والأسلحة التي عززها على مدار العام الماضي تتيح له الصمود في وجه الضربات الإسرائيلية القاصمة وغير المسبوقة. وقد استهدفت سلسلة من الهجمات الإسرائيلية على مدار الأيام الماضية، عناصر الحزب بما في ذلك قيادات كبيرة، إذ اغتالت قوات الاحتلال الإسرائيلي يوم الجمعة القيادي إبراهيم عقيل الذي أسس وقاد قوة الرضوان التي تمثل قوة النخبة التابعة لحزب الله.
وزعم رئيس هيئة أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي، هرتسي هليفي، يوم الأحد، أن اغتيال عقيل أحدث هزة في صفوف حزب الله. كما تزعم إسرائيل أن ضرباتها دمرت أيضاً آلاف الصواريخ والقذائف التي يمتلكها الحزب، لكن اثنين من المصادر المطلعة على عمليات حزب الله قالا لوكالة رويترز، إن الحزب تحرك سريعاً لتعيين من يخلف عقيل وغيره من كبار الشخصيات الذين اغتيلوا في الضربة الجوية التي وقعت يوم الجمعة في الضاحية الجنوبية لبيروت. وأكد أمين عام حزب الله حسن نصر الله في خطاب ألقاه في الأول من أغسطس/آب، أن الحزب يعين سريعاً خليفة كلما قُتل أحد قادته.
وقال مصدر رابع للوكالة وهو قيادي في حزب الله، إن الهجوم على أجهزة الاتصال جعل 1500 من المقاتلين غير لائقين للقتال بسبب إصاباتهم، إذ أُصيب كثير منهم بفقدان النظر أو بُترت أيديهم. ورغم أن هذا يمثل ضربة قوية، فإنه لا يمثل سوى جزء ضئيل من قوة حزب الله، وقد قدر تقرير للكونغرس الأميركي، الجمعة الماضية، عدد مقاتليه بما يتراوح بين 40 و50 ألف مقاتل. وسبق أن قال نصر الله إن قوام مقاتلي الحزب يبلغ مئة ألف مقاتل.
وقالت المصادر الثلاثة إنه منذ أكتوبر/ تشرين الأول، عندما بدأ حزب الله إطلاق القذائف على إسرائيل في إطار جبهة المساندة للمقاومة في غزة، أعاد نشر مقاتليه في مناطق المواجهة في الجنوب، بما في ذلك عن طريق استدعاء بعضهم من سورية. وأضافت المصادر أن الحزب عمل أيضاً على نقل الصواريخ إلى لبنان بوتيرة سريعة، تحسباً لصراع طويل الأمد، ولفتت في الوقت نفسه إلى أن حزب الله يسعى لتجنب حرب شاملة.
وبحسب وكالة رويترز، فلم تقدم المصادر، التي طلبت كلها عدم ذكر أسمائها بسبب حساسية الأمر، تفاصيل عن الأسلحة أو الجهة التي يجري شراؤها منها. وقال أندرياس كريج المحاضر الكبير في كلية الدراسات الأمنية في كينغز كوليدغ لندن إنه رغم ارتباك عمليات حزب الله بسبب هجمات الأيام الماضية فإن الهيكل التنظيمي المتماسك للحزب يساعد في جعله قادراً على الصمود لأقصى درجة. وأضاف "هذا هو العدو الأكثر قوة الذي واجهته إسرائيل على الإطلاق في ساحة المعركة، ليس بسبب الأعداد والتقنيات، ولكن بسبب القدرة على الصمود".
حزب الله يقصف أهدافاً للمرة الأولى في إسرائيل
تصاعدت حدة القتال هذا الأسبوع إذ اغتالت إسرائيل قيادياً آخر من حزب الله وهو إبراهيم قبيسي أمس الثلاثاء، فيما أطلق الحزب مئات الصواريخ باتجاه إسرائيل في هجمات على أهداف أبعد من أي وقت مضى. وقال حزب الله، اليوم الأربعاء، إنه استهدف قاعدة الاستخبارات الإسرائيلية (الموساد) بالقرب من تل أبيب، على بعد أكثر من 100 كيلومتر من الحدود. وقال الجيش الإسرائيلي إن صفارات الإنذار دوت في تل أبيب، عندما اعترضت أنظمة الدفاع الجوي صاروخ سطح- سطح واحداً.
ولم تذكر الجماعة بعد ما إذا كانت أطلقت أياً من صواريخها الأقوى الموجهة بدقة، مثل صاروخ فاتح-110 الباليستي إيراني الصنع الذي يتراوح مداه بين 250 و300 كيلومتر.
ووفقاً لورقة بحثية نشرها مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن عام 2018، فإن الصاروخ فاتح-110 الذي يمتلكه حزب الله مزود برأس حربية تزن 450 إلى 500 كيلوغرام. وقال أحد المصادر، وهو مسؤول أمني كبير، للوكالة، إن هجمات حزب الله الصاروخية ممكنة لأن تسلسل القيادة واصل العمل على الرغم من بعض الارتباك الذي تعرض له لفترة وجيزة بعد تفجير أجهزة الاتصال اللاسلكي (بيجر) وكذلك أجهزة (ووكي توكي) التي يستخدمها أفراد حزب الله.
وقالت المصادر الثلاثة إن قدرة حزب الله على التواصل مدعومة بشبكة هاتفية ثابتة خاصة بالحزب التي تصفها بأنها بالغة الأهمية لاتصالاتها، وقالت إنها مستمرة في العمل، فضلاً على أجهزة أخرى. وكان الكثير من مقاتلي حزب الله يحملون نماذج قديمة من أجهزة البيجر، على سبيل المثال، والتي لم تتأثر بهجوم الأسبوع الماضي.
وكثف حزب الله استخدام أجهزة البيجر بعد منع مقاتليه في فبراير/شباط من استخدام الهواتف المحمولة في ساحة المعركة في أعقاب مقتل قياديين. وأشار المسؤول الأمني الكبير إلى أنه إذا انفصلت سلسلة القيادة فإن هناك مقاتلين في الخطوط الأمامية مدربون على العمل في مجموعات صغيرة مستقلة تتألف من قرى قليلة العدد بالقرب من الحدود وقادرة على محاربة القوات الإسرائيلية لفترات طويلة.
وهذا هو بشكل دقيق ما حدث في عام 2006، خلال الحرب السابقة بين حزب الله وإسرائيل، عندما صمد مقاتلو الحزب لأسابيع وبعضهم في قرى واقعة على الخطوط الأمامية غزتها إسرائيل.
ترسانة حزب الله تحت الأرض
ذكر المصدران لوكالة رويترز، أن صواريخ أُطلقت يوم الأحد من مناطق في جنوب لبنان رغم تعرض هذه الأماكن تحديداً لاستهداف من إسرائيل قبلها بفترة وجيزة مما يدل في رأيهما على أن بعض أسلحة حزب الله مخبأة بعناية. ويُعتقد أن لحزب الله ترسانة تحت الأرض ونشر الشهر الماضي صوراً بدا أنها تُظهر مقاتلين يقودون شاحنات محملة بمنصات إطلاق عبر أنفاق. ولم يحدد المصدران ما إذا كانت الصواريخ التي أُطلقت يوم الأحد قد جرى إطلاقها من تحت الأرض.
وقال وزير الأمن الإسرائيلي، يوآف غالانت، إن وابل الصواريخ يوم الاثنين دمر عشرات الآلاف من صواريخ وذخيرة حزب الله، فيما قال الجيش الإسرائيلي إن ما جرى ضربه يوم الاثنين شمل صواريخ كروز بعيدة المدى، وصواريخ برؤوس حربية قادرة على حمل متفجرات تصل إلى مئة كيلوغرام، وصواريخ قصيرة المدى، وطائرات مسيرة ملغومة.
وقال تقرير الكونغرس الأميركي إن من المعتقد أن ترسانة حزب الله تضم نحو 150 ألف صاروخ. وقال كريج إن الصواريخ الباليستية الأقوى والأبعد مدى محفوظة تحت الأرض. وقضى حزب الله أعواماً وهو يحفر شبكة أنفاق تشير تقديرات إسرائيلية إلى أنها تمتد مئات الكيلومترات. وقال الجيش الإسرائيلي إن ضربات يوم الاثنين الجوية استهدفت مواقع إطلاق صواريخ مخبأة تحت منازل في جنوب لبنان. وقال حزب الله إنه لا يضع بنية تحتية عسكرية قرب المدنيين.
الأنفاق
قال حسن نصر الله الأمين العام لجماعة حزب الله إن ترسانة الأسلحة والأنفاق التي تمتلكها الجماعة توسعت منذ حرب عام 2006، وخاصة أنظمة التوجيه الدقيق. وقال مسؤولون في حزب الله إن الجماعة استخدمت جزءاً صغيراً من الترسانة في القتال خلال العام الماضي. وزعم مسؤولون إسرائيليون أن البنية التحتية العسكرية لحزب الله متغلغلة بشكل وثيق في القرى والتجمعات السكنية في جنوب لبنان. لكن التفاصيل المؤكدة بخصوص شبكة الأنفاق تظل نادرة. وذكر تقرير صدر في 2021 عن مركز ألما، الإسرائيلي المتخصص في حزب الله، أن إيران وكوريا الشمالية ساعدتا في بناء شبكة الأنفاق في أعقاب حرب عام 2006.
(رويترز، العربي الجديد)