أمين سرّ الفاتيكان يجول على قادة لبنان مع مقاطعة المجلس الشيعي

26 يونيو 2024
ميقاتي يلتقي أمين سر الفاتيكان بييترو بارولين، 26 يونيو 2024 (إكس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الكاردينال بييترو بارولين زار لبنان لنقل قلق البابا فرنسيس حول الفراغ الرئاسي، مؤكدًا على أهمية انتخاب رئيس جديد لتحقيق المصالحة ودعم استقرار لبنان.
- النقاشات تناولت الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في لبنان، مع التركيز على ضرورة انتخاب رئيس يضمن استقلال البلاد وسلامة أراضيها، وسط تأكيدات على أهمية الأمن والتعافي الاقتصادي.
- توترات ظهرت بين القيادات الدينية والسياسية، خاصة بعد انتقادات للبطريرك الماروني من قبل المفتي الجعفري، مما أثار ردود فعل تشدد على رفض الحرب وضرورة الحفاظ على استقرار لبنان.

التقى أمين سرّ دولة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين، اليوم الأربعاء، مسؤولين لبنانيين في إطار جولته على القيادات السياسية والروحية لتأكيد أولوية انتخاب رئيس للجمهورية ووقوف البابا فرنسيس إلى جانب لبنان ومتابعته بدقّة لتطورات الوضع في الجنوب. وغاب عن لقاءات بارولين التي شملت أمس الثلاثاء رؤساء الطوائف والكتل النيابية في مقرّ البطريركية المارونية في بكركي، ممثلو المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى ونواب من الطائفة الشيعية.

وجاء هذا الغياب لأسباب رُبِطت بمواقف البطريرك الماروني بشارة الراعي الأخيرة من الحرب الدائرة في الجنوب، وحديثه في عظة يوم الأحد عن أهمية وجود رئيسٍ للجمهورية لـ"تطبيق القرارات الدولية ولا سيما القرار 1559 المرتبط بنزع السلاح، والقرار 1701 الذي يعني تحييد الجنوب، وبعد ذلك يُعنى الرئيس بألّا يعود لبنان منطلقاً لأعمال إرهابية تزعزع أمن المنطقة واستقرارها، وبالتالي دخول لبنان نظام الحياد".

وقال بارولين بعد لقائه رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري: "أعتقد أن الحلّ لأزمة الرئاسة يبدأ من هذا المقرّ، فالفرقاء المسيحيون يتحمّلون المسؤولية طبعاً لكنهم ليسوا وحدهم في السلطة وعلى الآخرين تحمّل مسؤولياتهم"، متحدثاً عن قلق البابا فرنسيس من عدم انتخاب رئيس جديد للجمهورية حتى الآن. كما تحدّث بارولين بعد اجتماعه مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، معتبراً أنّ "كل حرب تترك العالم أسوأ مما كان عليه وهي بمثابة استسلام أمام قوى الشرّ"، لافتاً إلى أنه سيحمل إلى البابا فرنسيس الدعوة لزيارة لبنان، آملاً أن "يتمكن من ذلك ويحمل المصالحة إلى هذا البلد".

ميقاتي: أولوياتنا عدم تحويل لبنان ساحة للنزاعات المسلحة

من جهته، قال ميقاتي إنّ "ثمة أولويات تجمعنا بالكرسي الرسولي وتهدف إلى حماية لبنان وشعبه وترسيخ الأمن والتعافي الاقتصادي، ومنها انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت ممكن، لأن استمرار الفراغ يتسبب بتداعيات على المستويات كافة"، كما أكد أن هذه الأولويات تشمل "إعادة بناء الدولة ومؤسساتها والاحتكام إلى الدستور من أجل المصلحة اللبنانية المشتركة، وتعزيز العيش المشترك، والعمل على تثبيت الاستقرار الداخلي وإيجاد حل للأزمات الاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة منذ سنوات، والسعي بكل الوسائل المتاحة لعدم تحويل لبنان ساحة للنزاعات المسلحة انطلاقاً من الجنوب، وتنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة وذلك من أجل وضع حد لأطماع إسرائيل التوسعية وبالتالي عدم ربط استقرار لبنان ومصالحه بصراعات بالغة التعقيد وحروب لا تنتهي".

ونقل المكتب الإعلامي لميقاتي عن بارولين قوله، إنّ "الكرسي الرسولي قلق من الفراغ الحالي في سدة رئاسة الجمهورية، لأنه من المهم جداً لكل بلد أن يكون هناك رئيس، فهذا الأمر ليس فقط إمكانية، بل هو ضرورة وفي لبنان هو ضرورة ملحة". وشدد على أنّ "الرئيس هو وحده رئيس الدولة ورمز وحدة البلد، وهو من يحفظ احترام الدستور واستقلال البلد وسلامة أراضيه"، معربًا عن أمله في أن "تتمكن الأطراف السياسية من إيجاد حل في أقرب وقت ممكن، من خلال احترام الدستور وكرامة الشعب اللبناني المتعب والقلق والذي يشعر قليلاً بالإذلال نتيجة لهذا الفراغ الدستوري، إضافة إلى ذلك فإن الأزمة الاقتصادية لا تنفك تزداد وتفاقم من الفقر والهجرة في لبنان".

ووجّه المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان أمس الثلاثاء نداءً إلى بارولين هاجم فيه الراعي، ما عرّضه لانتقادات واسعة من قبل الكتل النيابية المسيحية ولا سيما منها المعارضة لحزب الله. وقال قبلان إنّ "بعض الرؤساء الروحيين في بلدي يرون ما تقوم به طائفة الفداء الأكبر وجماعة مقاوميها إرهاباً ممقوتاً لا بد من ردعه ومنعه، ولا يفتأ هذا الصوت يطالب بتطبيق قرارات دولية عملياً تلزم لبنان دون إسرائيل بقرارات أممية مطبوخة بسمّ الظروف، وأكبر الممكن لتمنع فدائيي هذا البلد وقديسي هذا الوطن من القيام بواجب منع الفظاعات والمذابح عن المظلوم والمحروم والمنكوب والمعذب بهذه الناحية من الأرض"، مشيراً إلى أننا "لا نقبل بتوظيف الكنيسة مواقف تخدم الإرهاب الصهيوني والإجرام العالمي".

في المقابل، اعتبر المكتب السياسي في حزب الكتائب (معارض لحزب الله، ويرأسه النائب سامي الجميل)، أنّ "كلام المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان الموجه إلى أمين سر دولة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين فيه تحريض واضح على دور بكركي وفيه من الطائفية البغيضة ما لم نسمع مثيلاً له في عز الحرب اللبنانية"، مضيفاً: "هذا الكلام مرفوض ومردود ويؤكد مرة جديدة أن أسلوب كمّ الأفواه وإخضاع الآراء المعارضة هو سيد الموقف".

وعلى صعيد المعارضين أيضاً، قال رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع إن "الكثير من اللبنانيين يشاركون بكركي رفضها الحرب الدائرة في الجنوب والتي لم تخدم غزة في شيء، لا بل دمّرت جنوب لبنان وهجّرت شعبه"، مشيراً إلى أنّ "من يخدم الإرهاب الصهيوني هو من شرّع بأفعاله جنوب لبنان للإرهاب الصهيوني".