أمير قطر في حوار مع "لو بوان": سياستنا الخارجية تقوم على الوساطة البناءة وتغذية الحلول السلمية

14 سبتمبر 2022
تطرق أمير قطر إلى عدة قضايا محورية في العلاقات الدولية لقطر (Getty)
+ الخط -

أكّد أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في حوار صحافي مع مجلة "لو بوان" الفرنسية، نُشر اليوم الأربعاء، على الدور المحوري الذي تضطلع به السياسة الخارجية القطرية على الحلبتين الإقليمية والدولية، من خلال سعيها الحثيث إلى تقريب وجهات النظر المتباينة ولعب دور الوساطة البناءة التي تساعد جميع الأطراف في الحوار والتوصل إلى حلول سلمية لخلافاتهم.

وتوزّعت أسئلة الصحيفة على موضوعات السياسة والاقتصاد والمجتمع؛ وقدّم من خلالها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني رؤية بلاده إزاء قضايا محورية على الحلبتين الإقليمية والعالمية، أبرزها الحروب والأزمات الدولية، وملف الطاقة وسياقاته الراهنة، والملف الإيراني، وأدوار مجلس التعاون الخليجي بعد التئامه، فضلاً عن مسائل ثقافية واجتماعية أخرى عابرة للدول، مثل قضايا المرأة، وحرية التعبير، والتعدد الثقافي.

وعن دور مجلس التعاون لدول الخليج العربية، أكد أمير قطر أنه يمر بمرحلة تعافٍ بعد صدمة كبيرة واضطرابات، وأنه يتطلع للمستقبل في ما يخص علاقات دولة قطر وباقي دول المجلس، مشدداً على أهمية الوحدة والتعاون بين دول المجلس، وأن "ذلك أساسي لإطلاق إمكانات الشباب في المنطقة".

وفي معرض حديثه عن ملف الطاقة، والذي تشوبه حالة من انعدام اليقين على مستوى العالم في الظرف السياسي الراهن، أكّد أمير قطر على الدور الهام الذي تؤديه بلاده باعتبارها "مورداً ذا مصداقية ولالتزامها بالاتفاقيات التي توقعها مع كافة شركائها". وقال إن قطر ستساعد الدول الأوروبية وتزودها بالغاز في السنوات المقبلة، لكنه استدرك بالقول إن بلاده لا يمكنها في الوقت ذاته تعويض الغاز الروسي، و"ذلك لأنه مصدر هام للسوق العالمي".

ولفت إلى أنّ الغاز سيلعب دوراً بالغ الأهمية في الفترة الانتقالية، وفي تنويع مصادر الطاقة على المدى الطويل، لكونه مصدراً للطاقة النظيفة، مشيراً إلى أنّ دولة قطر استثمرت أموالاً طائلة في التكنولوجيا التي تساهم في احتجاز الكربون والحد من الاحتراق.

وتطرّقت المقابلة كذلك إلى ملف الربيع العربي، والذي يرى أمير قطر أن "الجذور العميقة التي أوصلت إليه ما زالت قائمة، كالفقر، والبطالة، والخريجين العاطلين عن العمل"، منوّهاً إلى أن تلك الملفات لم تعرف حلولاً جذرية بعد، بل تفاقمت، محذراً من أنه "إذا لم نجد الحلول، فستتكرر الأحداث التي أدت لها هذه الأسباب في المقام الأول".

وعرّجت المجلّة في أسئلتها كذلك على القضية الفلسطينية، التي وصفها أمير قطر بأنها "الأهم"، على اعتبار أن "السلام لن يتحقق بدونها". وعن ملف التطبيع، تساءل أمير قطر "هل الأوضاع طبيعية مع إسرائيل؟"، مستطرداً بأن هناك "أراضي عربية محتلة ولاجئين لم يتمكنوا من العودة إلى منازلهم منذ أكثر من 70 عاماً، ومسلمون ومسيحيون يعيشون تحت الحصار في قطاع غزة". وأكد على ضرورة "التوصل إلى تسوية سلمية من أجل الشعب الفلسطيني، وأن نمنحه الأمل ونعيد له أرضه".

من جهة ثانية، وصف أمير قطر العلاقات القطرية الفرنسية بـ"العلاقات الجيدة والقوية والتاريخية والمتينة"، منوّهاً بما يجمع البلدين من "تفاهم مشترك وتعاون وثيق في مجالات مختلفة، ولا سيما التجارة والثقافة والرياضة والأمن والشؤون العسكرية والسياسة الخارجية".

وأكّد أمير قطر أنّ علاقته بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون "قائمة على الاحترام المتبادل والتواصل المستمر وتبادل الآراء حول السياسة الخارجية، والتعاون من أجل تعزيز السلام ولعب دور في تحقيق الاستقرار وفي مجال المساعدات الإنسانية".

أمّا في ما يتعلق ببطولة كأس العالم في قطر، فقد عبّر عن ترحيبه بجميع المشجعين بغض النظر عن أصولهم أو ثقافاتهم، متطلعاً إلى أن يُساهم هذا الحدث العالمي في تعزيز معرفتهم بأوجه الاختلاف بين الثقافات وأن يكتشفوا ثقافة قطر وزيارتها مجدداً في المستقبل.

كما أكد أيضاً في المقابلة على أهمية التعليم كركيزة وحل أساسي لبناء المجتمعات والاستثمار في رأس المال البشري، من خلال تطوير المدارس والجامعات، كرافد للتنمية والتنويع الاقتصادي، معرباً عن الثقة الكبيرة في اقتصاد قطر القوي، واستعدادها لجميع السيناريوهات في المستقبل.

وقال، ردّاً على سؤال للمجلة، إنّ "الإسلام هو دين السلام، والمسلمون يتقبلون الاختلاف مع الآخر ويتعايشون معه"، كما أعرب عن رفضه للتمييز ضد أي أقلية، سواء أكانت تدين بالإسلام أم لم تكن.

مدير نشر "لو بوان": أمير قطر أجاب بكل صراحة

وقال الصحافي إتيان جيرنيل، مدير نشر "لو بوان"، إن أمير قطر "أجاب بكل صراحة عن عدة أسئلة حول مواضيع شائكة وتخلق الجدل (..) طرحنا عليه أسئلة حول حقوق المرأة وأجاب بشكل مباشر.. كما حدثنا عن الإسلام ورؤيته الشخصية"، ووصف رؤية الشيخ تميم بن حمد آل ثاني للإسلام بـ"المهمة جداً".
وذكر أنه "كان مفاجئاً لنا أن يأخذنا في جولة بالسيارة التي كان يقودها شخصياً في الدوحة، في اليوم الذي سبق الحوار".
ووصف الحوار بأنه بمثابة عمل "وثائقي"، لأن الشيخ تميم بن حمد آل ثاني "شخص يقود دولة مهمة".

المساهمون