ألمانيا: تساؤلات حول مستقبل الحزب اليميني الشعبوي بعد خسائر انتخابية

16 مارس 2021
ينخرط قياديو الحزب ومسؤولوه في صراعات وخلافات داخلية تعدّ أهم مشكلاته (Getty)
+ الخط -

تكبّد الحزب اليميني الشعبوي البديل من أجل ألمانيا، الأحد الماضي، خسائر فادحة في انتخابات ولايتي بادن فورتبيرغ وراينلاند بفالس، حيث تشير التقديرات إلى أن الانهيار وصل لنسبة 35% مقارنة بانتخابات 2016. ويأتي ذلك في وقت يعيش الحزب حالاً من الانقسامات الداخلية بين قوى تعتبر نفسها معتدلة وأخرى يمينية متطرفة، بالإضافة إلى المطاردة التي يتعرض لها الحزب من قبل مكتب حماية الدستور.

وبعد أن كانت بادن فورتبيرغ تعتبر من أهم معاقل البديل غربي البلاد، تراجع حضور الحزب فيها من 15.1% إلى 9.7% لينتهي به المطاف خلف الاشتراكي الديمقراطي والليبرالي الحر. أما في ولاية راينلاند بفالس فلم يحقق الحزب اليميني الشعبوي سوى 8.3% بعدما حقق ما نسبته 12.6% من الأصوات خلال انتخابات عام 2016. وفي السياق، بيّنت "دير شبيغل" أنه ثبت وبوضوح، نهاية الأسبوع الماضي، أن ناخبي البديل السابقون لم يتجهوا إلى أحزاب أخرى، لكنهم ببساطة لم تعد لديهم رغبة بالتصويت.

ورغم محاولة البديل تبرير خسارة الأصوات بالرقابة الصارمة التي يتعرض لها من الاستخبارات الداخلية، فإن الاستطلاعات، ووفق ما أشارت "زود دويتشه تسايتونغ"، تفيد بأن الحزب الذي راكم النقاط خلال انتخابات عام 2016 الولائية، واستغل أزمة اللاجئين ضد الأحزاب التقليدية، بدأ ينهار قبل أن تتسرب أنباء عن أن مكتب حماية الدستور يريد فرض رقابة على الحزب الشعبوي بأكمله، بعدما رأى المكتب المذكور، وبعد تحقيقات على مدى سنتين، أن الحزب يمثل تهديداً محتملاً للديمقراطية، علماً أن المحكمة الإدارية في كولن عادت أخيراً ورفعت تصنيف الاشتباه بالتطرف اليميني بعد فرضه في بداية مارس/آذار الحالي، حتى الانتهاء من الإجراء القضائي العاجل الذي بدأه البديل.

وتعدّ المنافسة الحزبية الداخلية إحدى أهم المشكلات التي يعاني منها البديل، حيث ينخرط قياديو الحزب ومسؤولوه في صراعات وخلافات شكّلت انقسامات بين تيار يؤيد الزعيم المشارك يورغ مويتن، الداعم لإبعاد المتطرفين داخل الحزب وتهميشهم، والمعسكر المعارض له ولسياسته، وهم الداعمون لرئيسة كتلة البديل في البوندستاغ أليس فايدل، والزعيم المشارك الثاني للحزب تينو شروبالا، والرئيس الفخري ألكسندر غاولاند، الذين يريدون التعاون مع هؤلاء ويعتبرونهم جزءاً لا يتجزأ من الحزب، في إشارة إلى الأعضاء الذين انتموا لفصيل "الجناح" داخل الحزب، والذي تم حله رسمياً.

وعليه يتبين أن الكراهية الشخصية تلعب دوراً مؤثراً، وراكمت المزيد من الخلافات مع اللجنة التنفيذية التي يتمتع مويتن بأغلبية بين أعضائها، الذين يشكلون معاً الخط الليبرالي الاقتصادي ذاته.

كل ذلك أدى إلى شل الحزب، وقلل من زخم الحملة الانتخابية الحزبية في الولايتين، حتى أن زيارة أليس فايدل فايدل رئيسة الحزب في بادن فورتبيرغ إلى موسكو، قبل أيام معدودة من الانتخابات، أحدثت حالاً من الغضب لدى الكثيرين في صفوف الحزب. وعلاوة على ذلك، ذكرت شبكة "ايه ار دي" أن ثمة حديثا داخل صفوف الحزب عن أنه ليست لفايدل، بفضل أنانيتها، مصلحة في نجاح كبير لحزبها هناك. مع العلم أن الزعيم المشارك شروبالا لم يتردد في توجيه الانتقادات للمرشحين الرئيسيين المعتدلين في الولايتين عن البديل ميشائيل فريش وبيرند غووغل، وكلاهما من معسكر الزعيم المشارك الآخر للحزب السياسي المعتدل مويتن، الذي يميز نفسه بقوة عن اليمين المتطرف داخل الحزب.

بالإضافة إلى ما سبق، فإن سياسة الحزب بشأن كورونا لا تحظى بدعم كامل حتى في معسكر ناخبيه المحتملين، والعديد منهم يقفون وراء الإغلاق حرصاً على صحتهم، فيما يريد البديل إنهاء التدابير الوقائية على الفور. ويسود حالياً خلاف داخل البديل حول جدول أعمال المؤتمر الحزبي المقرر انعقاده خلال إبريل/نيسان المقبل، وما إذا كان سيصار إلى انتخاب زعامة مزدوجة للحزب مجدداً، كالتي يحرص عليها مويتن، وما إذا كان ينبغي انتخاب مرشح أو أكثر من المرشحين الرئيسيين للانتخابات الاتحادية لقيادة الحملة الانتخابية.

وإزاء الحال التي وصل إليها البديل، برزت تعليقات تفيد بأن تراجع أصوات البديل في انتخابات ولائية تشكل أنباء سارة وواضحة للمحافظين، وكل صوت يخسره يدعم الأحزاب الديمقراطية، ويبعد كأس التطرّف والكراهية عن أروقة برلمانات الولايات الألمانية. في المقابل، يرى آخرون أن للحزب ناخبين أساسيين لا تردعهم الصراعات الداخلية الشرسة ولا التقارير المتعلقة بمراقبة حماية الدستور، ولا داعي للقلق بشأن دخول البديل إلى البوندستاغ مجدداً.

المساهمون