ألغام في قانون الإجراءات الجنائية المصري

10 سبتمبر 2024
سجن بدر بضواحي القاهرة، 16 يناير 2022 (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -

من المقرر عقد لجنة الشؤون التشريعية في مجلس النواب المصري، اجتماعاً غداً الأربعاء، من أجل حسم عدد من المواد الخلافية بمشروع قانون الإجراءات الجنائية تمهيداً لإعداد تقريرها النهائي بشأن المشروع، وعرضه على المجلس عند معاودة انعقاده مطلع أكتوبر/تشرين الأول المقبل، ومن المتوقع إقرار مشروع القانون، قبل إرساله إلى رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي للتصديق عليه وإصداره. وقدم نقيب المحامين المصريين، عبد الحليم علام، طلباً إلى رئيس اللجنة إبراهيم الهنيدي، دعاه فيه إلى إعادة مناقشة مجموعة من المواد حتى تتوافق مع مطالب النقابة، لكونها تمس الضمانات الدستورية المخصصة لحقوق الدفاع وضماناته، والحقوق والحريات العامة. واعتبرت نقابة المحامين، أن المواد 69 و104 و242، مثّلت ألغاماً في مشروع القانون، وأبدت تمسكها بضرورة تعديلها، إلا أن رئيس اللجنة، وأعضاءها من النواب المنتمين إلى حزب "مستقبل وطن" الحائز للأغلبية، رفضوا مقترحات تعديلها.


معلومات لـ"العربي الجديد": تم تجاهل توصيات جلسات الحوار الوطني حول مواد القانون

تجاهل توصيات الحوار الوطني

وحسب ما توفر من معلومات لـ"العربي الجديد"، فإن اللجنة الفرعية المكلفة بإعداد وصياغة المشروع "تجاهلت توصيات جلسات الحوار الوطني حول مواد القانون، وعديد من الجهات المعنية مثل نقابتي المحامين والصحافيين، ومنظمات المجتمع المدني المستقلة عن الحكومة، لا سيما المتعلقة بتخفيض مدد الحبس الاحتياطي المحددة في القانون القائم بعامين". وأجاز مشروع القانون، من خلال المادة رقم 69، لعضو النيابة العامة أن "يجري التحقيق في غيبة المتهم والمجني عليه والمدعي بالحقوق المدنية ووكلائهم، متى رأى ضرورة ذلك. وأن يكون له في حالة الاستعجال أن يباشر بعض إجراءات التحقيق في غيبة الخصوم، مع منحهم الحق في الاطلاع على الأوراق المثبتة لهذه الإجراءات".

كما منح القانون الحق للقضاة في "معاقبة المحامين أو الصحافيين أو المواطنين، في حال النشر عن القضايا من دون الحصول على تصريح مسبق من القاضي بالنشر، فضلاً عن إخفاء شخصية الشاهد وبياناته عن كل من المتهم والمحامي". ونصت المادة 242 من المشروع بأنه "إذا وقع من المحامي، أثناء أداء واجبه في الجلسة، ما يجوز اعتباره تشويشاً مخلاً بالنظام، أو ما يستدعي مؤاخذته جنائياً، يحرر رئيس الجلسة محضراً بما حدث. وللمحكمة أن تحيل المحامي إلى النيابة العامة لإجراء التحقيق، إذا كان ما وقع منه ما يستدعي مؤاخذته جنائياً، وإلى رئيس المحكمة إذا كان ما وقع منه يستدعي مؤاخذته تأديبياً".

الفقيه الدستوري عصام الإسلامبولي، أكد وجود "مخالفات دستورية" في مشروع قانون الإجراءات الجنائية المقدم، قائلاً في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "قانون الإجراءات الجنائية هو القانون الذي تتجلى فيه أكثر من غيره الحماية الحقيقية لحقوق الإنسان كونه يتعرض لأهم حق له وهو حريته الفردية، لا سيما أن هدف هذا القانون حماية الشرفاء والأبرياء اقتراناً وإعمالاً لمبدأ أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، بعكس قانون العقوبات الذي يتضمن النصوص العقابية التي تنطبق على من قد ثبت في حقه ارتكاب جريمة معينة".

وأشار إلى أن "المادة 51 من الدستور تنص على أن (الكرامة حق لكل إنسان، ولا يجوز المساس بها، وتلتزم الدولة باحترامها وحمايتها)، والمادة 54 تنص على أن (الحرية الشخصية حق طبيعي، وهي مصونة لا تمس، وفيما عدا حالة التلبس، لا يجوز القبض على أحد، أو تفتيشه، أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد إلا بأمر قضائي مسبب يستلزمه التحقيق. ويجب أن يُبلغ فوراً كل من تقيد حريته بأسباب ذلك، ويحاط بحقوقه كتابة، ويمكن من الاتصال بذويه وبمحاميه فوراً، وأن يقدم إلى سلطة التحقيق خلال أربع وعشرين ساعة من وقت تقييد حريته، ولا يبدأ التحقيق معه إلا في حضور محاميه). كما أن المادة 96 تنص على أن (المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية عادلة، تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه. وينظم القانون استئناف الأحكام الصادرة في الجنايات. وتوفر الدولة الحماية للمجني عليهم والشهود والمتهمين والمبلغين عند الاقتضاء، وفقاً للقانون)". وأشار الإسلامبولي أيضاً إلى أن "المادة 99 من الدستور تنص على أن (كل اعتداء على الحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين، وغيرها من الحقوق والحريات العامة التي يكفلها الدستور والقانون جريمة لا تسقط الدعوى الجنائية ولا المدنية الناشئة عنها بالتقادم)".


علاء الخيام: لا توجد نية خالصة لإصلاح الأمور والأخطاء

من الناحية السياسية، قال منسق تيار الأمل، الرئيس السابق لحزب الدستور علاء الخيام، لـ"العربي الجديد" إن تمرير مشروع قانون الإجراءات الجنائية بهذا الشكل "التفاف للمرة الثانية، إذ كان يكفي عرض ما انتهى إليه الحوار الوطني من توصيات واضحة وصريحة في ملف الحبس الاحتياطي، بعد حوار على مدى عدة جلسات ومع جهات مختلفة، على البرلمان لاعتماد التعديلات. أما فتح الموضوع مرة أخرى وإدخال وزارة الداخلية تعديلات تفسد الهدف من التعديل، فيؤكد أنه لا توجد نية خالصة لإصلاح الأمور والأخطاء التي وقعت في عهد الرئيس المؤقت عدلي منصور، والتي تسببت في ظلم كبير لعدد ضخم من المحبوسين احتياطياً"، مضيفاً أن "النظام الحالي، استخدم هذا القانون للتنكيل بمعارضيه وحوله من مجرد قانون احترازي إلى عقوبة".

تعديلات على قانون الإجراءات الجنائية

وأجرى المشرع المصري، ممثلاً في رئيس الجمهورية ومجلس النواب، ستة تعديلات على قانون الإجراءات الجنائية منذ ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، ما سمح بالالتفاف على نصوصه وطمس ملامحه الأولى، في ظل الإصرار على تمديد وزيادة فترة الحبس الاحتياطي، وتوظيفه عقوبة ضد المحبوسين على ذمة قضايا سياسية، ومنهم من تجاوزت مدد حبسهم الاحتياطي سبع سنوات من دون إحالة إلى المحاكمة. وفي السابق، لم تكن مدد الحبس الاحتياطي تزيد على ثلث الحد الأقصى للعقوبة السالبة للحرية، فلا تتجاوز ستة أشهر في قضايا الجنح و18 شهراً في قضايا الجنايات. وكانت نقابة الصحافيين قد أعلنت تمسكها، ضمن مطالبها، بتخفيض مدد الحبس الاحتياطي إلى ثلاثة أشهر في الجنح، وستة أشهر في الجنايات، واستحداث مادة أو أكثر في القانون تمنع تكرار الحبس الاحتياطي بنفس الاتهامات على أكثر من قضية، إذ لا يجوز حبس المتهم في قضية أخرى بُني الاتهام فيها على نفس الوقائع والأدلة المقدمة في القضية، التي استنفدت مدد الحبس الاحتياطي المقررة لها، أو فترات الاتهامات.

المساهمون