تبدأ بعد غد الثلاثاء الجولة العشرون من اجتماعات مسار أستانة، التي تجمع في العاصمة الكازاخية ممثلين عن الثلاثي الضامن لهذا المسار (روسيا، وتركيا، وإيران) بالإضافة إلى ممثلين عن المعارضة والنظام السوريَين.
هذا المسار تحوّل في جولاته الماضية إلى مجرد اجتماعات لتأكيد وقف إطلاق النار بين النظام وفصائل المعارضة، بعدما تمكنت روسيا عبر هذا المسار من انتزاع ثلاث من أهم مناطق سيطرة المعارضة وتسليمها للنظام، من خلال مصالحات فُرضت عليها بعد حصارِ تجويعٍ، وهي ريف حمص الشمالي، الغوطة الشرقية، ومحافظة درعا. وكانت مناطق سيطرة المعارضة قد قُسمت في الجولة الرابعة من أستانة إلى أربع مناطق سُميت بمناطق خفض التصعيد، فيما هُجّر سكان تلك المناطق الذين رفضوا المصالحات، وحُشروا في منطقة خفض التصعيد الرابعة (محافظة إدلب). وعام 2019، عادت روسيا لقضم قسم كبير من ريف إدلب الجنوبي لصالح النظام وهجّرت نحو مليون من سكانها باتجاه ريف المحافظة الشمالي.
كما استطاعت موسكو من خلال مسار أستانة تعطيل الحل السياسي في جنيف القائم على تطبيق قرار مجلس الأمن 2254، وذلك عبر تسويق مسار أستانة كمسار موازٍ للحل السياسي مع طرح ملفات كالمعتقلين واللاجئين التي لم تتحرك إلى الأمام خلال جولات أستانة السابقة.
أما اجتماع أستانة المقبل فيأتي في ظل رعاية ضامني النظام (روسيا وإيران) لمسار تطبيع العلاقات بين النظام وتركيا (ضامن المعارضة الوحيد)، الأمر الذي من شأنه تحويل أستانة من مسار سياسي عسكري عطّل الحل السياسي القائم على قرارات الأمم المتحدة، ومكّن النظام من السيطرة عسكرياً على أكبر قدر ممكن من الجغرافية السورية، إلى مسار لتعويم النظام سياسياً، واستكمال إجراءات تطبيع العلاقات بينه وبين الجانب التركي. ويتم ذلك مع المحافظة قدر المستطاع على وقف إطلاق النار، لتتحول المباحثات عبر أستانة إلى مفاوضات بين النظام وتركيا برعاية روسية إيرانية على ما يمكن أن يقدّمه كل طرف من أجل السير على طريق التطبيع بينهما.
أما دور ممثلي المعارضة في هذا المسار فيقتصر على الاستمرار بأخذ وضعية المتفرج، والتوقيع على ما تتفق عليه الدول الضامنة، من دون امتلاك القدرة على تحريك أي من الملفات التي سعت لتفعيلها ضمن هذا المسار وفي مقدَّمِها ملف المعتقلين. ويضاف إلى ذلك، لعب المعارضة في الجولة المقبلة دور شاهد الزور على إنهاء أي دور لها في ما تقرره الأطراف الدولية بشأن القضية السورية.